كتب/خطاب معوض خطاب
السيدة “عطية الله إبراهيم” زوجة الأديب الكبير نجيب محفوظ، كانت حقا عطية الله له، وهذا ليس كلامنا نحن بل كلامه هو نفسه، فقد قال عنها: “إن كان لأحد فضل في المكانة التي وصلت إليها بعد الله سبحانه وتعالى، فهو لزوجتي عطية الله، التي كانت بالفعل عطية من الله إلي”.
وربما لم يعلم البعض اسمها من قبل، ولعل الكثيرين لم يروا صورتها، لأنها عاشت حياتها في الظل وهي راضية، وكانت تدعم زوجها دوما وتوفر له _بحسن تفهمها وصبرها وتفانيها وإخلاصها_ جميع سبل السكينة والراحة النفسية التي يسرت له طريق التفوق والتميز والإبداع.
هذه السيدة التي لم تظهر لوسائل الإعلام إلا بعد حصول زوجها على جائزة نوبل، كانت شقيقة زوجة أحد أصدقاء الأديب نجيب محفوظ، وعندما تقدم لطلب يدها للزواج كان سنها 18 سنة، بينما كان سنه وقتها 43 سنة، أي أنه كان يكبرها بما يقرب من 25 سنة.
والمعروف أن نجيب محفوظ كان واحدا من أشهر المضربين عن الزواج في الوسط الأدبي والثقافي في ذلك الوقت، كما عرف عنه أنه عاش حياته بالطول والعرض، كما عرف عنه أنه قد دخل أكثر من قصة حب لم تكتمل، ولكنه حينما قرر الزواج اختار زوجته بعقله وليس بقلبه.
وقد اعترف هو بنفسه في أكثر من مناسبة بأنه تزوج السيدة عطية الله إبراهيم لأنها تناسب ظروفه وليس لأنه أحبها، وقال إنه كان في حاجة إلى زوجة توفر له ظروفا مريحة تساعده على الكتابة ولا تنغص عليه حياته، زوجة تتفهم أنه ليس اجتماعيا وأنه وهب حياته للأدب فقط، وذكر أنه لم يجد هذا التفهم وهذه الصفات إلا في “عطية الله”.
والسيدة “عطية الله” زوجة الأديب نجيب محفوظ قالت إنه لم يكن مثل “سي السيد” وإن كان فيه بعض صفاته، وقالت إن أكثر شخصيات رواياته شبها به كان “كمال عبد الجواد”، رغم تناوله أنماطا نسائية عديدة في رواياته، إلا أنها لم تجد نفسها في أي شخصية نسائية كتب عنها.
كما ذكرت أنها اطلعت يوما على مخطوطة رواية “بداية ونهاية”، ويومها أبدت تحفظها على أخلاقيات شخصية “حسنين”، وقالت لزوجها إنه لا يمثل حياتنا، وقالت السيدة “عطية الله” إنها من بعد هذه المناقشة لم تطلع على أي رواية أخرى إلا بعد النشر.
والمعروف أن السيدة “عطية الله إبراهيم” أنجبت من الأديب الكبير نجيب محفوظ بنتين، هما أم كلثوم وفاطمة، وبعد عشرات من السنين التي عاشتها في الظل، رحلت السيدة “عطية الله” عن الدنيا بعد رحيل زوجها بثمان سنوات، وتحديدا في سنة 2014..
زر الذهاب إلى الأعلى