يوميات العقل الجاحد والقلب اللعين
بقلم /رانيا السيد
لقد أتت اللحظة التي طالما تمنيتها، بعد ليالٍ طويلة بين الانتظار والحلم….. فتوقفت لحظة لأفكر!!
هل ذلك ما تمنيته وسعيت إليه؟
هل قادني عقلي أم قادني قلبي لتلك اللحظة؟
بالطبع أيقنت بسهولة أن كل ما لا يرضى عنه عقلي يقودني إليه قلبي…. إنه الصراع الأبدي بينهما.
أيقنت أنه_القلب_من فتح نوافذه لذلك السارق الممتاز الذي أطل برأسه داخل نافذة هذا القلب اللعين.
ووقفت انا حائرة ما بين التمسك بالسعادة وجلد الذات… نعم….. جلدها بلا رحمه ولا شفقه… لا عذر لها فيما فعلت بقلبها، انفلت زمامه من بين يديها ليسلبها العقل والمنطق، ليحط من قدرها ويضرب بمبادئها عرض الحائط ليضعف من قوتها وصلابتها وينزع غلاف القوة الذي طالما غلَّفت به قلبها لتحميه.
يقف لها القلب، ويتوسل إليها كما يتوسل الطفل إلى أمه.
يزرف الدموع لعل تلك الدموع تطفئ نار الاشتياق لسعادة طالما حلُم بها لكنه لم ينلها كما تمناها.، ولعل العقل يلين لهذه الدموع.
وعندما حانت لحظة استمتاعه بتلك السعادة، وقف له العقل بالمرصاد قائلا :
لقد سُرقت يا أعمى، تعطي مشاعرك دون حساب، من أين تأكد لك أن ذلك السارق الممتاز سيمنحك تلك السعادة دون أن يؤذيك؟
من أين تأكد لك انه فعلا صادقا في عطائه؟
لن اسمح لك أن تاخذنا لطريق نندم فيه سويا، لكن الندم وقتها ليس فقط ما سنصل إليه… بل ستظل أيها القلب جريحا عليلا مدى الحياة.
رد عليه القلب قائلا :
إلا تشعر بي؟
ألا تشعر بآلامي؟ انا من اشتاق للسعادة بعد أن تشبعت بحزن السنين.
إن كنت تعتقد أنه سارق ممتاز فأنا أكثر امتيازا منه لكني أسير قرارتك أيها العقل الجاحد.
اتعرف لما انا سارق أكثر امتيازا منه؟؟
لأنني اريد ان اسرق من الحياة لحظات سعادة ولو قصيرة لأكمل بها ما تبقى لي في الحياة.
فرد العقل قائلا :
قرارتي الجاحدة تلك… هي التي حميتك سنوات طويلة، لكنك الآن ستكون أكثر ألماً…. ستنزف وجعا لأن اختياراتك خاطئة.
اعترض القلب قائلا :
انا في كلتا الحالتين موجوع.. وفي كلتا الحالتين انزف، إن بعدت فأنا موجوع، وإن اقتربت فحتما أنا موجوع.
أتمنى اقتراب بوجع وقليل من السعادة.. أعطني تلك الفرصة ولو لمرة واحدة.
فاعترضه العقل قائلا :
نعم تتمنى اقتراب بوجع وقليل من السعادة مع كثير من الإهانة والرُخص.
لكنك إن بعُدت بوجع ستحفظ كبريائك وستلتئم جراحك أسرع،، تلك هي الحياة…. لن نأخذ منها إلا ما قُدِر لنا فيها، وسعادتنا فيها دائما منقوصه.
صمت القلب والعقل ولم يُسمع منهما سوى صوت انينهما.
ذلك هو الصراع الأبدي بين القلب والعقل… بين جلد الذات وحب الملذات.
ذلك الصراع الذي بدأ بعد ما كان كل شئ يوحي إليّ بقرب اللحظة التي سينتصر فيها القلب لمشاعره، ذلك الصراع الذي لابد أن يُسفِر عن قرار يخرجهما لبر الأمان ولو كان قاسي.