ذكاء الروح وريادة الأعمال
كتبت إيناس رمضان
إذا كنت تسعى في تكوين عقلية ريادية قبل أن تطلق مشروعك الخاص أو أنك أحد رواد الأعمال وتهدف إلى تطوير رؤية ريادة الأعمال الخاصة أنصحك بقراءة هذا المقال
فمما لاشك فيه أن جميع الشركات تهدف إلى تعزيز مكانتها في السوق بشتى الطرق ومن أهم ما تعتمد عليه هو استقطاب: الكفاءات ولكن على الرغم من ذلك يتم التوظِّيف بطرق تقليدية لا تمكنهم من الاحتفاظ بهم أو جذب ذوي المهارة وهنا السؤال الذي يطرح نفسه لماذا لا يتم استقطاب الموظفين المحترفين فعلًا أو ضمان بقاء المتميزين في شركتك؟
من المؤكد أن إجابة هذا السؤال تحتاج إلى دراسة عدة جوانب وتحديد الأسباب المؤثرة التي أدت لتلك النتيجة.
ولكن دعنا نتناول في هذا المقال أحد الأسباب على سبيل المثال لا الحصر وهو اعتماد المؤسسات على الاهتمام بالأمور الملموسة وإهمال الأمور الغير المادية ولرسم صورة أقرب للمعنى المقصود سيتم الاستعانة بنموذج ديفيد بول والذي جسده في كتابه (ذكاء الروح) حيث قدم استعارة بليغة في تشبيه للذات البشرية بآلات تعمل محركاتها بقوة قوامها 16 سلندر وأن الجسد والعقل والمشاعر والروح تمد المحرك بالقوة اللازمة ولكن بنسب متفاوتة.
وقد تبين من خلال وصفه على أنه بالرغم من التركيز على ضرورة الاهتمام بنوعية الغذاء وممارسة الرياضة والعناية بصحة الجسم بصفة عامة إلا أن الجسد لا يشارك إلا بقوة ثلاثة سلندر من إجمالي قوة المحرك، ومن المدهش أيضا أن العقل ذلك الكمبيوتر البيولوجي على حد تعبيره والذي لا يتوقف عن العمل ونتمتع به نحن البشر في الواقع فهو لا يمثل أيضا سوى ثلاثة سلندر أخـرى من القوة الذاتية الدافعة للآلة البشـرية ..
أي أن إجمالي القوة المستمدة من الجسد والعقل تمثل 6 سلندر بينما تكمن باقي القوة المحركة والتي تمثل 10 سلندر في كلا من المشاعر والروح موزعة بينهما بالتساوي..
ومن المؤسف أن معظم بيئات العمل تتجاهل أهمية المشاعر وتضرب بها عرض الحائط فلا مجال للمشاعر والأحاسيس داخل بيئة العمل مما يؤدي إلى الكبت والفتور وتدريجيا إلى إعدامها وبالتبعية خسارة المؤسسات الخمسـة سلندر المتمثلة في عنصر المشاعر دفعة واحدة ويتحول البشر إلى آلة فعليا ..
ونتيجة الآثار السلبية المتراكمة من الفقد يتأثر جوهر الروح الذي يتميز به الإنسان عن باقي المخلوقات والمتمثل في الصفات النبيلة من الأمانة وحسن الخلق والنزاهة والحماس والتفاني في العمل ويحدث خلل في الأداء..
مما ينعكس بالسلب تدريجيا على الخمسة سلندر المتبقية من قوة الدفع الداخلية الكامنة والتي تنحصر في الروح ..
ومما تم ذكره يتبين أن الجانب المادي وهو الجسد وهو ما يمكن إدراكه بالحواس الخمسة يمثل 20٪ بينما العقل، المشاعر، الروح وهي الأمور الغير مادية والغير ملموسة متجمعة تمثل نسبة 80٪
وهنا أكون قد وصلت لإجابة سؤالي المطروح في بداية المقال وهو إذا أردت تعزيز مكانتك وجذب الكفاءات في مجالك عليك الاهتمام بالجانب الغير مادي واحذر اغتيال الروح لأنها بداية الانهيار..
حيث أن الرّوح قد استأثر الله بعلمه بها كما ذكر في قوله -تعالى-: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أمر ربي وما أوتيتم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾.
نعم، تظل الروح تلك الدرة الثمينة التي تمنح الجسد الحياة وكما جاء في قول الإمام الشافعي حين سُئل: «هل الروح تحمل البدن أم البدن يحمل الروح؟ ، فقال: بل الروح هي التي تحمل البدن، بدليل أن الروح إن فارقت البدن وقع البدن جثة هامدة لا قيمة لها».
إذن إذا نجحت في الدمج والاهتمام بالأمور المادية والغير مادية و التي تعد من أهم أساسيات تحفيز الذات وتنمية ذكاء الروح بجانب تقدير المتطلبات وتعزيز قيمة الأشخاص فقد منحت نفسك الخلود وأتاحت الفرصة للعامل البشري في التحرر من الضيق والخمول والطاقة المحدودة من العطاء إلى آفاق العالم حيث السعة اللا متناهية من تطوير الذات وصقل المهارات والعطاء اللا محدود وهنا ستكشف عالم آخر..
حقا فإذا قمنا جميعًا بكل ما في استطاعتنا القيام به، فسوف نفاجِئ أنفسنا بقدراتنا الهائلة كما قال “توماس إديسون”