شعر وحكاياتعام
يمامة حَلـــّت بدارنا
بقلم: سماح عبد الحكيم
يمامة حَلـــّت بدارنا
ظلّتْ وحيدةً في فِراشــها..
تطالع صفحة السماء ساعةَ غروب
والشفق الأحمر المخضوب يثير أشجانها.
من أفقِ تلكَ النافذةِ المنيفة ..
ترائَي لها كما لو..أنها غادرت الكوكب ،
إلي فضاء أحلامها ،،
فأخذت تُحلـــّق بجناحِ الذكريات..
وتطوف بنجومٍ لمعت يوماَ بظلامها.
لكنها تسمـَرتْ من روعةِ المشهد الخلّاب..
الذي خطف لُبـّــــَها ؛ إذ لمْ ترَ عيناها مثيلاً له
قط من قبل ..ولا رقا إلي أحلامها مثالاً مُشابها.
من قبل لم يخطر حتي ببالها أن تلتقي
بمثلِ ذلك الكوكب الدُرّي الذي دارَ يومَها بفلكِها.
كالشهــــاب الوقـــّاد المُستعر إخترقَ حُجبَ كيانها
ربآاه رفقــــاً !
يكادُ يجــَن جنونها أو يُفلت عَنان جُموحِها..
لاشبيه له أبداً في كمالِ مقاييسِ البهاء والسمو
أطرقـتْ ..وأطرَقتْ ،،
وظلّت هائمةً تسبحُ بخيالٍ فتّــانٍ أوحي به ..
ذلكَ القَدر من السِــحر والجاذبيـــة وكأنه قطعة
ملـائگيــة من أحجــارٍ كريــمة عُلويــــَة ترصـَّع بهــــا
عــَرشُ الملـــــكوت.
فأخذتْ عينــَاها سِنةٌ من نومٍ ..
وزارها بالمنام طيفه التائه بدروبهـــا
في زِيّ يمامةٍ بيضاء وقفتْ بأسوارِ نافذتها.
فقالتْ اليمامةُ لها : يا ذاتَ البرجِ الشاهق..
للحد الذي حالَ بين البشر وبين الوصول لها.
يامنْ سكنتِ قمم المُحالِ تناءياً عن أخلاطِ بشرٍ
تساميتِ فأنّــي لمُحلِّقِ الطيرِ أن يرقي لحصنِــــها
قد حَدا بي الشوقُ حَدوا لمثلِ بابكِ أقصدُ..
رأيتُ وما رأيتُ مثلَ ما راقَ لي بدياركِ النائية.
علي مدّ البصر..بعيداً هناك..لديكِ
مملكة من الأضداد قد إجتمعت وانسجمت ،،
نارٌ ونورٌ توهجَ دفئه لظيً يبتهجُ ..
فينادينــــي لهــــفةً و طَربــــاً
ويهزني حنيــناً و گـــــــلَفاً
لألتحــــمَ بشـــُرفاتها.
فأجهدتُ خافقي وأضنيتُ سفري طويلآ.
ًلأحــِلّ هنا..مقيــماً لا أبرح..ُ علي عتبات دارها.
أنشدُ السكنَ رِفداً يَفيئ إلي وجدانها الذي سما.
ومابي من عنــَاءِ ترحالٍ إلا أنني..
هِــمتُ أطوفُ شوقــاً وتحــرّقا لذاكَ المرفـــــــأِ ..
الصافي العميق الضارب حنانهُ أصالةً بخلجــانها
وتلك الشــُطئانِ..
القاريةِ الحارة كدفء أحضانِها..
ورمالها العذبة وما أدراكَ بنعومة رمالها !
تغوص بها حتي الغرق وتذوبُ ولَهـاً فوق لهيبِها.
وسألتُــها وباللهِ ناشدتُها :
يمامةٌ بيضاءُ شريدةٌ حلَّت ضيافةً بداركِ..
فطابَ لها المبيتُ تلتقطُ الأنفاسَ وتجمعُ شتاتها
ثم لمَ تقوَا علي الرحيل..
وحسنُ السمتِ في محياكِ باتَ آسراً لها.
فما تمنتْ البقاءَ حتي آخر اللحظات بسنينها..
مثلما تمنت هنا أن يدوم خلودها أبد الدهر أبَدآ
يا سيدتي..
أفتأذنين َلهـــــــا ؟
أجابتْ ذاتَ البــُرج من عَلياءها :
في تأثرٍ بالغ بعد طولِ صمتِ ألجمَ زمَامه..ُ
تَفجـّر الحِمم من ثوران بركانهــــَا
وتدفقِ الصُهارةِ وقذفهـــَا
يمامتي البيضاء !
لا ترحلي أرجوكِ توسلآ..
فـــلِمثلِ طيفكِ قتلتُ ..
ســـنواتِ عُمـــري إنتظـــاراً آمِــــلآ..
لـــِتَمُرَّ بي روحٌ كتلكَ التي بين ضلوعگِ تحوينها
يمامتي إبقِ هنــــا ..
أستجديكِ رأفةً ألا تتركيني هَمَلآ..
فمن لي سواكِ لُطفاً يؤنسُ وحشتي ؟
وأنــا التي لم ترتضي َ لنفسها من هؤلاءِ صفيــــاً
يبددُ عتمة وحدتي أو يسقي أشجار غربتي ريآ
أنتِ أنتِ وحسبُ يَمامتي..
خِلـــّـي الذي تخللَ مني اللحمَ والدمَ لو تعــرفِ !
قسيـمُ الروحِ الذي جري مني بكل عرقٍ خفي !
نفسي التي بحثتُ عنها علي المدي بداخلي ؛
فما إلتقينا حتي سكنتِ أنتِ هنا..
منذُ خُلِقنا مليآ وأنا أتوق لها.
يَمامتـــــــــــي..
يا سِر إبتهاجِ مُهجَتــــي
سكينتي المفقودة ولذة نواظري
عمري الغالي أمسي وحاضري وغدي
يمامتـــــــــي..
يا لوعة خافقي المُفَجــّـع
يا حسرتي المختبئة بأدمعي
يا نـــزفـــاً فاقَ أنينُ فَقدكِ كل توقعي
كيف أقولها ؟
كيف أخبركِ ولا أدري..
كيف ينطــق لسانـــــي بهــا :
لا تقتليني..
لا تهجريني وتهاجري !
لا ..ولا تزهقي ..
روحاً متيمةَ الهيامِ تاقتْ لكِ
فأنتِ الحياة .ُ. كل الحياة زمانها ومكانها ..
تنبضين بقلبي وتتنفسين أنفاسي بين أضلعي