باروخ وأشفور وأدمون ” من الحكايات الشعبية ليهود مصر القرائين ” |
كتب .د . احمد زكريا
-2-
فى ذلك العالم المظلم والكئيب عاش يهودى فقير من “بنى مقرأ” كان صانع فخار وكانت زوجته تخدم فى القاهرة فقط فى أيام الجمعة، لم يكن لديهما من المال ما يكفيهما طوال أيام الاسبوع الستة، أما اليوم السابع فكان يوم الشبع لتلك العائلة الفقيرة حيث يضع “الشريف” مائدة عامرة من الطعام لفقراء القرائين خارج ساحة المعبد حيث يتناولون ما يكفيهم بعد صلاة الغروب وبالطبع كان الجميع يدس الطعام فى جيوبه، من أجل باقى أيام الاسبوع.
أما صاحبنا الفقير فلم يكن أشد أهل الفسطاط فقرًا وحسب بل كان اكثرهم حرجًا من فقره، إذ كان لديه ثلاثة من الأبناء الصغار ينتظرهم نفس المستقبل المظلم الذى أحاط به؛ “باروخ” الإبن الأكبر والصغيران “أشفور” و”أدمون”؛ مع كل يوم كان الثلاثة يكبران كان الفقير تزادا حسرته على أبنائه إذ سريعًا سيجدان طريقهما للخدمة فى القاهرة أو التسول فى شوارع مصر القديمة حيث الجميع غدى من الفقراء.
ولكن القرائى الفقير كان قد إدخر طوال حياته ثلاث دنانير من ذهب كان قد اختفظ بهما من أجل غدر الزمان، مهما اشتدت عليه الأزمات والمصائب لم يفكر أبدا فى صرفهما، كان يبيت الليالى بلا طعام هو و زوجته دون ان يقترب من الدنانير الذهبية، كانت زوجته تنهره إن فعل وتقول:”هذا هو كل ما سنتركه ميراثُا لأولادنا “باروخ” وأشفور” و”أدمون” ليبدا كل منهما حياته ويجد طريقه؛ وبالفعل كان الزوج يوافقها دومًا ويخفى كنزه حتى يوم الميقات، وفى أحد الأيام دخل الفقير على زوجته مبتهجًا و هو يقول: “أبشرى.. أبشرى.. قد جاء الفرج!!”