كتبت:سميه مجدي
تعدّ الهجرة النّبويّة حدثاً مهماً في التّاريخ الإسلامي، وله مكانّة هامّة عند المسلمين، وسميّت بالهجرة لأنّ المسلمين تركوا بلدهم، وبيوتهم، وأموالهم، وخرجوا بأمر من الله، ونجاة بدينهم، وقد كان منهم من هاجروا إلى الحبشة في السابق؛ ليلجؤوا إلى حاكمها العادل من بطش قريش وسادتها،لم تكن هِجرة النبي والمسلمين من مكة المكرّمة إلى المدينة المنوّرة هجرة ترفيهٍ أو رحلةً عاديةً؛ بل كان خروجهم من دِيارهم وبلدهم مكة المكرمة وتركهم وراءهم كافة أموالِهم وممتلكاتِهم والانتقال للعيش في مكانٍ جديد لا يوجد لديهم به شيئاً كلّه تنفيذاً لأمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلّم وطلباً للأجر ونعيم الجنة.
كان سبب الهجرة أن الله تعالى أمر الرّسول ومن معه من المسلمين بالهجرة إلى المدينة المنّورة، بعد ما لاقوه من عذاب وظلم من كفّار قريش، فخرجوا من مكّة أفراداً، وجماعات. جاءت أحداث الهجرة النّبويّة الشّريفة عندما تأخرّ الرسول صلى الله عليه وسلم عن الهجرة، حتّى أذن الله له بذلك، فخرج هو وصاحبه أبو بكر الصديق في الليلة التي اجتمعت قريش على نيّة قتله وهو نائم في فراشه، فجمعت عشرة رجال، كلٌّ منهم من قبيلة؛ حتّى يتفرق دمه بين القبائل، فحاصروا منزله في الليل، ولكنّ الله أخرج نبيه من بينهم بعد أن أغشى على أبصارهم، وقد كان النّبي قد أوصى لعلي بن أبي طالب أن يبيت في بيته؛ ليعيد الأمانات إلى أصحابها، فقد كان يعرف بالصّادق الأمين، وكان أهل مكّة يودعون أماناتهم عنده، فلما دخل الرجال عليه وجدوه عليّاً، فانطلقوا في الصّحراء لاقتفاء أثره. كان الرسول صلى الله عليه وسلم وأبو بكر قد سلكا طريقاً غير مباشر، كيّ لا يتمكّن المشركون من الإمساك بهم، ولكنّ قريش أعلنت جائزة ماليّة ضخمة لمن يظفر بالنبيّ وصاحبه، فاستطاع شخصٌ يدعى سراقة بن مالك اقتفاء أثرهما، وعندما أراد أن يدخل بمكانهما انغرست أقدام فرسه في الرمل، فطلب من النبي أن يدعو الله أن يخلصه، ولما آمن وعده النبي صلى الله عليه وسلم بسواري كسرى، ودخل الرسول وصاحبه إلى غار ثور، ووصل المشركون إليه ولو نظروا حينها لموضع أقدامهم لكانوا قد رأو الرسول وأبو بكر، ولكنّ الله حماهم، ثم مكثا فيه ثلاثة أيام، وبعد ذلك واصلا مسيرهم إلى المدينة، وقد كانت تسمّى يثرب آنذاك.
وصول النّبي إلى المدينة المنورة عندما طلّ النّبي وصاحبه على المدينة، أخذ المسملون ينشدون، ولما أمر ببناء مسجد، وهو أول مسجد في الإسلام، ويدعى مسجد قباء، وشارك عليه السلام في بنائه، كما أنّه آخى بين المهاجرين والأنصار، فالمهاجرون خرجوا بأنفسهم وبدينهم، وتركوا أموالهم، وبيتوهم، وليس لهم الآن حيلة، فقام كل أنصاري باقتسام ماله، وأملاكه بينه وبين أخوه من المهاجرين، فكانت هذه الهجرة بداية حقيقيّة لانتشار الدين الإسلامي، وتقويته، ويرجع لها التأريخ الهجري، أو ما يسمّى بالأشهر القمريّةوكانت بدايتها في عهد سيدنا عمر بن الخطاب.