حياة الفنانينعام
“عم محمد عامل النظافة” لا أخجل من عملي و أعلم أولادي لكي لا يكون مثلي
،مرتباتنا ضعيفة و نشتري الأدوات التي نستعملها من جيوبنا
،أحب عملي و لا أخجل منه و أحزن حين يقال عنا “زبالين”
،وظيفتي عامل نظافة و عملي هو إصلاح ما يفسده الآخرون
،لولانا لكانت الشوارع خرابات و مرتعا للقطط و الكلاب الضالة
حوار:خطاب معوض خطاب
،،عم محمد رجل قارب الخمسين من العمر يعمل بهيئة النظافة و التجميل ، أو كما يحب أن يطلق على نظفه (عامل نظافة) ، يحب عمله و يفخر به و على علاقة جيدة بجميع سكان الشارع الذي يعمل به ، أسمع صوته الجهوري المميز كل صباح و هو يرحب بمن يقابلونه : يا صباح الخير يا صباح الفل ، مجلة سحر الحياة التقت عم محمد و كان لها معه هذا الحوار :
،،في البداية لو تسمح تعرفنا بنفسك يا عم محمد .
أنا اسمي محمد حسين من الجيزة و عندي 49 سنة و أعمل (عامل نظافة) من 15 سنة .
،،هل تحب عملك يا عم محمد ؟
طبعا أحبه و أفتخر به و لا أخجل منه أبدا ، يكفي أني أنظف الشارع ، النظافة من الإيمان ، ناس كتير بترمي المخادلفات و احنا ننظف الشوارع منها .
،،لكن الأدوات التي تستعملها مستهلكة ، لماذا لا تطلب أدوات جديدة ؟
أدوات جديدة منين يا أستاذ ! الأدوات اللي بنستعملها بنشتريها من جيوبنا !
،،معقول !؟ كيف !؟
صدقني يا أستاذ ، بنشتريها من جيوبنا ، الهيئة مابتسلمناش حاجة خالص ، المقشات و الشول البلاستيك ده حتى العربية دي شاريينها من جيوبنا و لو حاجة استهلكناها بنشتري غيرها .
،،مرتباتكم كبيرة ؟
الحمد لله على كل حال ، الشكوى لغير الله مذلة ، أنت عارف إن مرتبات الحكومة كلها على قدها و خصوصا احنا لكن ربنا بيرزقنا باولاد الحلال اللي ربنا بيكرمنا على إيديهم
،،عندك أولاد في المدرسة يا عم محمد ؟
الحمد لله عندي 4 أولاد منهم 3 في المدارس و بنت لسه صغيرة و نفسي اولادي يتعلموا أحسن علام و يكونوا أحسن مني .
،،هل عملك متعب و مرهق يا عم محمد ؟
هو مش مرهق لكن متعب .
،،كيف ؟
فيه ناس بتتعبنا نفسيا ، تعب الشغل مش حكاية ، مافيش شغلانة مريحة و الدنيا كلها تعب ، لكن اللي بيتعبنا كلنا و يتعب نفسيتنا لما حد يقول علينا زبالين ، الكلمة نفسها مش عيب لكن نظرة الناس بتتعبنا ، اللي بيبص لنا على إننا أقل منه هو اللي بيتعبنا و يضايقنا مع إننا ننظف المخلفات اللي بيرموها في الشارع ، يرموا المخلفات و احنا ننظفها و يقولوا علينا زبالين ، لولا احنا كانت القطط و الكلاب ملت الشوارع .
،،لكن أنت قلت إنك فخور بعملك ؟
أيوة قلت و فعلا أنا فخور بعملي لكن أنا اسمي عامل نظافة شغلتي أكنس و أنظف المخلفات اللي الناس بترميها ، اللي بيضايقنا بصراحة إنكم ترموا الزبالة في الشارع و تقولوا علينا زبالين (قالها و هو يضحك) .
،،الناس معذورة لأنها لا تجد صناديق للقمامة ، ماذا تفعل ؟
يعني باقول لحضرتك أنا شاري الأدوات دي من جيبي و تقولي الناس مش لاقية صناديق ! هنشتريها كمان من حيوبنا (قالها ايضا و هو يضحك)
،،ما هي الأدوات التي تستعملها يا عم محمد ؟
العربية دي و الشول و المقشة و حتتين خشب بنلم بيهم المخلفات .
،،أظنها بسيطة و غير مكلفة ، لماذا لا تسلمها الهيئة لكم ؟
أنا ماقدرش أقول ليه لكن اللي أقدر أقوله إن الهيئة بتقول لنا ما عندناش أدوات ، حتى اللبس بتاعنا يا أستاذ قديم و تعبان و قماشته سيئة ، في الصيف بتحررنا و في الشتا بتخلينا نتعب من البرد ، ربنا يرحمنا يا أستاذ ، دول مش عاوزين يسلمونا لبس جديد .
،،تركني عم محمد بمجرد أن شاهد المشرف المكلف بالمرور عليه مقبلا نحونا و يقول له : يلا يا محمد شوف شغلك ، عاوز الشارع ده مرايا ، يلا بسرعة لم المخلفات اللي قدامك دي و لم التراب ده كله !!!
تركت عم محمد يواصل ما يقوم به من عمل و أنا أتساءل كيف يؤدي هو و أمثاله عملهم في هذه الظروف التي يعيشونها و يمرون بها و في ظل قلة الإعتمادات المخصصة لهم و ضعف مرتباتهم و بينما أنا غارق في التفكير إذا بي أنتبه على صوت عم محمد الجهوري و هو ينادي صاحب سيارة مرت بجانبه : حرام عليكم ، هنلاقيها منين و لا منين !؟ الرحمة حلوة يا جدعان ، عدت إليه مرة أخرى : خير يا عم محمد ؟ قال : لسه منظف المكان يا أستاذ و يادوب همشي لقيت الأستاذ صاحب العربية ده بيرمي زبالة في المكان اللي نظفته ، يرضي مين ده يا عالم !؟