الشاعر مسكين الدارمي وقل للمليحة
بقلم / فاضل العباس
قصة قصيدة “9”
“الشاعر مسكين الدارمي وقل للمليحة”
هو ربيعة بن عامر التميمي، الشهير بــمسكين الدَّارمي، وهو أحد سادات قبيلة بني دارم الّتي كانت تُوجد في العراق في عهد الدولة الأمويّة، برز فيها شعراء مُجيدون، أشهرهم على الإطلاق: الفرزدق.
وسبب تلقيبه بالمسكين هو بيت شعر قاله:
أنا مسكين لمَن أنكرني — ولِمَنْ يعرفني جدٌّ نَطِق
ومن المرجّح أنّه وُلد في عصر الخلافة الراشدة، وتُوفّي سنة 89 للهجرة، المصادفة للسنة 708 من الميلاد.
شمل شِعر الدَّارمي كافّة أغراض الشعر المعروفة في عصره من فخر وحماسة وهجاء ورثاء ومدح وغزل، لكنّ جاء في باب الحكمة والأمثال.
لكنّ شهرته تحقّقت بكتابته للقصيدة الّتي يقول مطلعها: “قُلْ للمليحة في الخمار الأسود”
قـــصّة القـــصيدة:
حسب رواية ابن حجّة الحموي في كتابه “ثمرات الأوراق“، وأبو الفرج الأصفهاني في كتابه الشهير “الأغاني“:
“قَدِمَ تاجرٌ إلى المدينة يَحمِلُ مِن خُمُرِ العراق، فَباعها كُلَّها إلا السود، فشكا إلى الدارِمي ذلك. وكان الدارِمي قَد نَسكَ وتَعبَّدَ، فَعمل أبيات وأُمِرَ مَن يملك صوتًا رائعًا، يُغَنِّي بِهما في المدينة:
(قُلْ للمَليحَةِ في الخِمارِ الأسودِ — ماذا فَعَلتِ بِزاهِدٍ مُتَعبِّدِ
قَد كان شَمَّرَ للصـــلاةِ إزارَهُ — حَتى قَعَدتِ لَه بِبابِ المَسجدِ
رُدِّي عَلَيهِ صَلاتَهُ وصـــيامَهُ — لا تَقتُليهِ بِحَـــقِّ دِيــنِ مُحَــمَّدِ)
فشاعَ الخبرُ في المدينة أنَّ الدارِمي رَجعَ عَن زُهدِه وتَعشَّقَ صاحِبةَ الخِمارِ الأسود، فَلم يَبقَ في المدينة المنوّرة فتاة أو سيّدة، إلّا اشترت لها خماراً أسود. فلمّا أنفذ التاجر ما كان معه رَجعَ الدارمي إلى تَعَبُّدِه وعَمدَ إلى ثِيابِ نُسكِه فَلَبِسَها.