كتبت
دعاء سنبل
“ميمي شكيب” وشقيقتها “زوزو شكيب” ، إشتراكهم في عالم الفن ساهم إلى حد كبير في تغير وجهة نظر المجتمع لمن يعملون في هذا المجال ، ذلك لأنهما لم تكونا من “بنات الليل” مثل معظمهن فحسب، بل تجيد كل منهما التحدث بعدة لغات ، التاثر بنشأتهم في قصر من قصور عائلة شركسية تلتقي مع “إسماعيل باشا صدقي” رئيس الوزراء في نسبٍ قريب.
الاسم الحقيقي ” أمينة شكيب “ولدت في ديسمبر 1913 ، والدها كان مأمورًا لقسم شرطة حلوان ، عقب موته المفاجئ رفضت عائلته أن يعطوا إبنتيه ميراثه إلا إذا ذهبا للعيش مع عمتهم ، لذلك وافقت الأم على أن تزوج إبنتها الصغري من “شريف باشا” أبن شقيقة “إسماعيل باشا صدقي” عندما طلبها ، متجاهلة فارق السن بينهما ، ظناً منها أنها بهذا الزواج سوف تنتشل عائلتها من الفقر بعد أن أصبح لا يوجد مصدر دخل للعائلة .
لكن لم تسير الامور كما تمنت للأسف فعندما حملت “ميمي” أتاها نبأ زواج “شريف باشا” من امرأة أخري فأصيبت بشلل مؤقت ، مما أوجد سببًا مناسبًا لطلب الطلاق ، لتتحرر من القيود والجدران التي تحول بينها وبين عالم الفن .جمالها الفتان، بمقاييس هذا الوقت سهل دخولها عالم الفن .
إقرأ أيضا
ميمي شكيب دخلت عالم الفن و صارت “كوكب فرقة الريحاني”، وتهافتت عليها الإعجابات و التودد إليها ، تضاعف إعجابها بنفسها أكثر مما ينبغي ، فقررت أن تعيش حياتها بلا قيود .
ميمي شكيب تركت جسدها للعلاقات الساخنة خارج إطار الزواج، لذلك أصبح للحديث عن علاقاتها الكثيرة مساحة يومية في الصحف ، مع ذلك ظل الوضع هادئاً حتى تعرفت في نهاية الثلاثينات على “أحمد باشا حسنين” رئيس الديوان الملكي ، علمت الملكة “نازلي”، الملكة الأم، عملت كل ما بوسعها لقطع هذه العلاقة .
ميمي شكيب اشتبكت في علاقة ملتهبة أخرى كثيرة ، بعد وقت قصير وأرتبطت مع الثري الكبير “عبود باشا” ومع كثيرين بعده،مما أثار غضب عائلتها وجلب العار لهم . دفعها ذلك إلى الإرتباط بزوجها الثاني “جمال عزت” لمدةٍ قصيرة و أنتهت بالطلاق بسبب نشوب الخلافات بينهم .
ميمي شكيب عادت لما كانت عليه قبل زواجها ، وصارت حياتها على هذه الوتيرة حتى أرتبطت بالفنان “سراج منير” ليكون آخر رجل قد اختبأت في ظله أعوامًا طويلة ،وعملت معه أفلام عديدة قامت فيها بدور زوجته ، إلى أن توفى بذبحةٍ صدرية في النصف الثاني من الخمسينيات.
إمتنعت عن الزواج حتى لحقت به غارقة في دمائها.
ميمي شكيب في أوائل عام 1974 م ، داهمت الشرطة شقتها بقصر النيل وألقت القبض عليها بتهمة ممارسة الدعارة مع 8 ممثلات أخريات هن: “ميمي جمال”، “عزيزة راشد”، “زيزى مصطفى”، “ناهد يسري” ، “سامية شكري” ، “كريمة الشريف”، “آمال رمزي” ، “سهير توفيق”، بالإضافة إلي عدة نساء مغمورات ، أغلبهن مضيفات وكلهن فاتنات. ارجع البعض أن سبب القبض عليها يعود إلى أسباب سياسية .
آخرون رأوا أنها أحترفت مهنة “مدام سطوحى” و”زنوبة المخدماتية” التي جسدت كلتيهما في السينما ، الشخصية الأولى في فيلم “طريق الأمل” والثانية في فيلم “دعاء الكروان” ، تلك القوادة التي تستدرج الفتيات الفقيرات لممارسة الدعارة مع الأثرياء.فقد اعتاد بعض كبار الدولة الزيارة لسهراتها ، بالإضافة إلي عدد من الأثرياء العرب والمصريين أيضًا.
ميمي شكيب بعد حوالي ستة أشهر من المحاكمة، في 16 يوليو 1974م ، حصلت هي وكل المتهمات على البراءة لعدم ثبوت الأدلة . في ذلك الوقت روي أنها كانت أوامر عليا صدرت بحفظ القضية وإخلاء سبيل “ميمى شكيب” ومن معها بضمانات مالية ووضع القضية في زوايا النسيان.
ميمي شكيب بعد الحكم ببرائتها، بقيت علي قيد الحياة ثمانية أعوام قاست خلالها الكثير، حيث توقف صناع السينما والمسرح والتليفزيون عن الإستعانة بها إلا نادرًا ، وفي أدوار ثانوية ، كما توقفت هي عن الإحتجاج أو الشكوى . عندما تفاقم بؤسها أضطرت إلي طرق صندوق معاشات الأدباء والفنانين بوزارة الثقافة عام 1975 لمساعدتها ماديًا، وفي لحظة منسية من السبعينيات، تم إيداعُها بإحدى المصحات النفسية لعدة أشهر.
عقب ثورة يناير، عندما أُلقي القبض علي “صفوت الشريف” ، قامت المحامية “برلنتي عبد الحميد” برفع دعوى أكدت خلالها أنه كان المتهم الثالث في “شبكة الرقيق الأبيض”, وغذت دعواها بحجة قوية ، حيث أوضحت أنه في نفس التوقيت عام مقتل “ميمي شكيب” ، بدأ صعود “صفوت الشريف” السياسي.
هنا تظهر واحدة من الصدف المثيرة، التي تجعل “صفوت الشريف” عالقاً بين شرفتين ، شرفة “سعاد حسني” و”ميمي شكيب “.
ميمي شكيب تدهورت أحوالها الفنية قبل مقتلها في 20 من مايو عام 1983م ، حيث تم القائها من شرفة شقتها ، وظل الغموض يحيط بمرتكب الجريمة، ترددت أقاويل أنه تم التخلص منها من قبل بعض رجال السياسة ، ممن كانوا يشاركون في إدارة شبكتها ، وقُيدت القضية ضد مجهول .