كتب أحمد مجدي
في مشهد مكرر… البطل يقف أمام القطار، يتأمله قادمًا نحوه في سرعة هائلة.
يفزع، يرتبك، ينظر حوله، يصرخ.. لكنه دائمًا يظل واقفًا في ذات مكانه الذي يُؤكد للعابرين قبل المُتأملين أنه مُنتهي لا محالة.
كنت دائمًا أتعجب؛ كيف له أن يفعل كل ذلك لكنه أبدًا ما تحرك.
اليوم أرى نفسي بطلًا في مشهد غير سينمائي، أراني واقفًا أمام أيامي التي تمشي بسرعة تفوق سرعة القطارات، وفي حبكة درامية يَصعُب على مؤلفي الزيف الوصول إليها، أرى الاصطدام مُسبقًا في عقلي مرات عديدة.
أصرخ، أفزع، أحاول جاهدًا التحرك، القطار يقترب مواجهًا لأحلامي، الصفير الأخير يُحذرك، ابتعد عن الطريق أيها الغريب وإلا فلن تصرخ بما فيه الكفاية. لأن الأموات لا يصرخون.
الآن هو دائمًا الوقت المناسب، أتذكر تلك المشاهد في غير ترتيب وأقرر أخيرًا تغيير السيناريو اللعين الذي طالما كنت أبغضه.
سوف أتحرك.
اللحظات في عدٍ تنازلي، أُعطي أمرًا مباشرًا لجسدي بالقفز في أي الجهتين، فقط تحرك.
الوقت يمر في مخلوط لا يوصف بين سرعة الضوء وسرعة جدتي المتوفاه في الجري مثلًا.
حسنًا ها نحن، أنا لا يمكنني التحرك.
لا تسأل لماذا، فقط لم أستطع !
عندما تُدرك النهاية تفكر بكل خلايا عقلك في كل حل ممكن، تراه أمامك، تسعى جاهدًا لتحقيقه، الخروج بأكثر المكاسب وأقل الخيبات، يمكنك التحرك كيفما شئت.
بينما كان ينقصني دائمًا شئ في ذلك المشهد.
سر الثبات، عدم الحركة، أو عدم القدرة عليها.
اؤلئك الذين فزعوا، ارتبكوا، صرخوا، وغابت ردود أفعالهم بالأخير..
هم لم يدركوا النهاية فقط.
هؤلاء أدركتهم النهاية نفسها، رأو الحقيقة كما لم تراها.
أجبرتهم المعطيات على الوقوف ليشاهدوا أنفسهم في زجاج القطار، وليروا ما بداخلهم في انعكاس الموت بكل أشكاله.
وكردة فعل أخيرة..
فهم لن يتحركوا أبدًا، مجددًا.
أبدًا.