عام
تأملات بين الابتكار والإبداع
بقلم / صفاء القاضي
الابتكار والإبداع هما دفتي الحياة , وجهان لا يفترقان لعملة واحدة .
الابتكار والإبداع يحملان معا معنى الاستحداث والاستنباط أو تقديم كل ما هو جديد وكل ما هو للمرة الأولي .
الفرق بينهما هو من حيث المادة والمعنى , الابتكار هو جديد المادة , والإبداع هو جديد المعنى وهذا هو أبسط اختلاف بينهما .
إذا تلمسنا ذلك في حياتنا سوف نجد أوجه الإبداع كثيرة فالفنون جنون و إبداعات العقل لا يحدها حد أو يقيدها قيد فمن إبداع الآداب والعلوم والفنون إلى إبداعات الرياضة
إلى إبداعات التصوير والأزياء والتجميل حتى الطب غزته الفنون وسيطرت عليه لتظهر على شكل حلول لمشاكل صحية لم يقهرها سوى الإبداع والفن
وجميع تلك الفنون تدور حول الجمال , والإبداع في أي مجال دوما ينقب عن الجمال ويتلمسه حتى يجده ويبرزه ويظهره ويضيف عليه ويأخذ منه , وقد يخلقه ويبدعه فيولد كمولود جديد يضع أقدامه في الدنيا لأول مرة .
الجمال هنا هو قيمة عليا من القيم التي إتخذها الأولون أساسا للتفكير وغاية للعقل والفكر وهدفا تنتهي عنده الآمال والطموحات
والجمال نسبي فلا نستطيع كيله أو وزنه وقد تراه وتلمسه وغيرك لا يشعر به ولا يراه , اختلفت الأذواق والأبصار والعيون لكن الإبداع أيضا وهو الذي يبرز الجمال ويبروزه في عدة إطارات فهو نسبي فلن تجد إتفاق حاسم على إبداع بين الجميع فبعضهم يراه إبداعا حقيقيا للجمال وبعضهم قد يراه خاليا من الجمال .
فالاختلاف هنا هو سيد الموقف والذي تبنى عليه كل الإحتمالات
فمثلا نجد أنها عندما ابدعت أم كلثوم في أغانيها والتي تميزت بالإبداع الحقيقي و كلمات فخيمة وألحان مميزة وآداء قوي فخيم
وتميزت بإجماع تام من الجمهور على عشق أعمالها الفنية بشكل شمل جمهورا كبيرا
فقد وجد الإبداع هنا وصولا كبيرا لأكبر جمهور ممكن نسبته كانت عاليه من التلقي لكن أيضا فلن تعدم أن نجد من لم يشعر أو يفهم أو يتلمس ذلك الإبداع على الرغم من جودته التي تصل إلى حد الكمال لكن تظل النسبية في التذوق تحكم الموقف .مهما كان العمل الفني الذي تعب في إخراجه فريق كامل لصنع لوحة فنية راقت لملايين البشر .
وعندما نتطرق إلى الابتكار فإننا نقصد المادة , ابتكارات مادية لمشاريع أو مخترعات حديثة لم تكن في الماضي ثم بعد ذلك يظهر الأحدث منه ويكون مبتكرا أيضا
نحن الآن نعيش حياتنا في هذه الابتكارات التي تيسر لنا أساليب الحياة حتى أصبحت مرفهة وسهلة في تجاوز المهمات وتيسير الصعوبات .
فنجد أن الأجهزة المنزلية منها اختراعات وابتكارات عديدة تجعل العمل أكثر سهولة وتحمل المشقة عن الإنسان , وها هي أجهزة الإتصالات الحديثة وتكنولوجيا المعلومات مثل الحاسب الآلي وأجهزة حاسوبية شتى تستخدم في كل المجالات كالمجال الطبي والتجاري والسياحي , وكل المجالات شملها ذلك الحاسوب العجيب الذي ما هو إلا ابتكار للعقل البشري
أنت الآن تحمل جميع مكتبات العالم كله بين يديك في ذلك الصغير الذي يدعي الجوال يصلك بالعالم ويدخل العالم في جيبك ويضعه بين يديك , تقرأ وتتعلم وتتواصل وتتصل وتصور وتنشر وتتعلم هوايات جديده
تتواصل بالعالم أجمع حول الكرة الأرضية
العالم كله بين دفتيه بل واختصر العالم أجمع إلى قرية صغيرة بل وبيت واحد .
الإبداع والابتكار يسريان في البشر ما دامت الحياة وما نبضت القلوب وفكرت العقول فهما أساس الاستمرار والحداثة وليس لهما حدود إلى نهاية الكون وبدونهما قد تغدو الحياة خاملة وتبدو أقرب إلى الموت لا جديد فيها سوى تبادل الأجيال المتشابهه ولا رقي حينها لا لمادة ولا لمعنى
الإبداع والابتكار هما للحياة مادتها ومعناها وهما كجسد وروح لا يفترقان .