عام
سليم النجار يعود إلى القدس ليتناول سيرة وحياة السينمائي هاني جوهرية
كتبت/لطيفة محمد حسيب القاضي
يعود الكاتب والناقد سليم النجار في كتابه “الكاميرا تشرق من القدس”، ليستعيد سيرة وحياة السينمائي الفلسطيني هاني جوهرية في قراءة معمقةٍ، فيصفها بأنها “لا تهدأ”، واضعاً حدا فاصلاً بين ما قدمهُ جوهرية والصور الصحفية، وفي هذا الصدد يقول: “الصورة الصحفيّة واجِهَتها الرّاهن واللحظة والفعل والتَّأثير، أمّا صورة هاني الفنيّة فواجهتها المدى البعيد، لكنها تُبقي التَّأثير أيضاً”.
وفي قراءةٍ أخرى يقول المؤلف: إنَّ ما يبهركَ حقاً في صور هاني جوهريّة، هو الوعي الفائق، حيث يجعل عينَي المُشاهِد تسبحان في تلك الدَّرجات الناصعة من الألوان الطبيعيّة التي يلتقطها لشخوصه، بينما كانت تطغى ظلال تلك الألوان على كل جزء سابق من أفلامه، وهو الوعي الجمالي الذي يَرسِم صور الأفلام جميعها التي قام بتصويرها هاني جوهريّة.
يرصد النجار ثلاث مراحل إبداعية لجوهرية: الأولى تأثره بالبيئة المصرية عندما ذهب هاني جوهريّة لدراسة التصوير السينمائي في المعهد العالي للسينما في القاهرة العام 1964، والثانية عندما انتقل هاني جوهريّة إلى لندن لدراسة التصوير، بعد أن حصل على منحة دراسيّة من وزارة الإعلام الأردنيّة، وكان وزير الإعلام آنذاك السيد ذوقان الهنداوي. والمرحلة الثالثة من حياة هاني جوهريّة، تتمثل في عملهِ في وزارة الإعلام الأردنية، والاستقالة منها لاحقاً، من أجل التفرغ مصوراً لدى قوات الثورة الفلسطينية.
ورغمَ مكانة جوهرية العالية، إلا أن تطورات الأحداث، ودورانها بشكل سريع، جعله في الذاكرة كمصورٍ دون الإلمام بتفاصيل حياة هذا الرائد في تأسيس حركة السينما الفلسطينية، وهنا يأتي دور الكتاب في إعادة هاني جوهرية إلى الواجهة مجدداً، بعدَ أن رحل شهيداً في العام 1976م، فكان لابد من استذكارهِ، واستحضارهِ، وهي مهمة صعبةٌ وشاقةٌ، قرر فيها سليم النجار خوضها، فجمعِ ودون سيرة الرجل، على لسان من عايشهُ وعاصره من رفاقهِ، دون أن يكتفي النجار بذلك، بل ذهب في عملية الرصد نحو الجذور الأولى، فدون شهادات أصدقاء طفولة الشهيد.
ويحمل الكتاب الصادر حديثا عن دار هبة ناشرون – الأردن – شهادات مؤثرة حول جوهرية جمعت الشخصي في حياة السينمائي الراحل، إلى جانب مسيرته النضالية التي حول فيها الكاميرا إلى عين راصدة ومتفحصة للقضية الفلسطينية.
شهادات في الشهيد
وتجمعُ الشهادات على طبيعة جوهرية الرافضة للاحتلال، وحماستهِ لنصرة قضيتهِ، وتضحيتهِ بفرص عملٍ، كان يمكن لها أن تكفيه وعائلتهِ قسوةِ الصراع وتبعاتهِ، فلم يكن من الرجل إلا أن رفض التحول عن المبدأ، وتمسكَ بالكاميرا لتكون عين الثورة، وعدسة لنقلِ معاناةِ الشعب الفلسطيني.
وشارك في الشهادات الشاعر والناقد د. عزالدين مناصرة، والروائي والقاص رسمي أبو علي، والأديب والناقد السينمائي الراحل عدنان مدانات، والمخرج صلاح أبو هنود، والفنان فلاديمير تماري، والحقوقي عبدالله حمودة، والصحفي محمد فرحان، بينما كتب مقدمة الكتاب الصحفي محمد محمود البشتاوي.
وضمت المشاركات أيضا شهادات من عائلته شقيقه رياض جوهرية، وزوجته هند جوهرية، ورفيقه عادل الكسبة، ومن أصدقاء طفولة جوهرية، منذر الجلاد، وإميل ناصر الذي قال: ما زال هاني حاضراً في حياتي، وأعتقد أنه سيبقى كذلك، وما زلتُ أؤمن أنّ هاني جوهريّة صديقي الوحيد.