كتب: بشار الحريري
عندما كنّا تلاميذاً في المرحلة الإبتدائية، كان الأهل يمارسون علينا الشدة و التأنيب من أجل المثابرة و التفوق في الدراسة و الحصول على الشهادة الجامعية كونها تشكل الضمان للمستقبل في ظل الظروف الاجتماعية القاسية من فقر و عوز …الخ .
و هي السبيل الوحيد لوظيفة لائقة اجتماعيا براتب يضمن سبل العيش الكريم …
و بالمقابل فإن الفشل في التحصيل الدراسي هو سوق العمل بأعمال شاقة على حساب الصحة و العافية مقابل أجر زهيد جدا فضلا عن النظرة الاجتماعية التي تمايز بين العامل و صاحب الشهادة في مختلف جوانب الحياة !.
كل ذلك شكل حافزا، و دافعا، لدى العديد من الأجيال المتعاقبة للجد والاجتهاد لإكمال تحصليهم الدراسي و الحصول على الشهادة الجامعية لتكون لهم الأمن و الأمان في الظروف الصعبة، القاسية .
أمًا اليوم و نحن نعيش مرارة اللجوء وهو الحد الأعلى للظروف و الحياة القاسية الضبابية التي لا يبدو لها أي نهاية و التي لعبت المواقف السياسية للدول دورا كبيرا فيها ! …
نسأل و نتسأل حول الشهادة العلمية هل شكلت الضمان لحامليها، و هل حققت لهم الأمن و الأمان في رحلة اللجوء القاسية بما لها و ما عليها ؟.
و لا بدّ لنا هنا أن نشير إلى أن معاناة اللاجئين عامة و اللاجئين السوريين على وجه الخصوص كبيرة جدا في مختلف جوانب الحياة القاسية التي لم يشهد لها مثيل في العالم من حيث التضييق عليهم حتى في إطار العمل و العيش الكريم و تأمين لقمة العيش و فرص التعليم لأطفالهم …..الخ.
حيث لا يمكن لنا حصر هذه المعاناة في بضعة أسطر أو حتى في كتب نظرا لشمولها مختلف جوانب حياتهم اليومية .
و في هذا الصدد سنكتفي في هذه العجالة بتسليط الضوء على بعض من معاناة حملة الشهادات العلمية و ما آل إليهم المصير في كنف اللجوء وبشكل خاص في دول الجوار ! نوجزها بما يلي :
– عدم الاعتراف بشهاداتهم العلمية، و خبراتهم العملية السابقة في بلدهم قبل اللجوء ( أطباء، محامين، معلمين، مهندسين…)
– عدم السماح لهم بمزاولة مهنتهم العلمية ، بل أن زملائهم من ذات المهنة و نقاباتهم المهنية لم تحتويهم بل مارسوا كل الضغوط و وضع المعوقات ليحولوا دون السماح لهم بمزاولة مهنتهم لتأمين متطلبات العيش الكريم لهم و لأسرهم !. و من استطاع مهنم ممارسة مهنته فإنما مارسها بشكل سري تحت مخاوف الإبعاد بحجة مخالفته للقوانين. باستثناء الأطباء الذين استطاعوا العمل مع منظمات طبية داخل المخيمات فقط و لمدد محددة .
– استثمارهم من قبل المنظمات الغير حكومية المحلية و الإقليمية و الدولية في مشاريعهم الإنسانية، كمتطوعين أو كمتدربين رغم خبراتهم العلمية و العملية التي تفوق القائمين على هذه المنظمات .
– لجوء العديد منهم إلى العمل كعمال في ( بقالية، سوبرماركت، عتّال، كافيه …) من أجل تأمين لقمة العيش و متطلبات أسرهم .
– فرار غالبيتهم عبر الهجرة الغير شرعية إلى دول أوروبا أملا بمستقبل مشرق لأطفالهم لأنهم فقدوا الأمل بالنسبة لهم ، و العديد منهم لازالوا بعيدين عن أسرهم تحت أمل ما يسمى بلم الشمل .
– قطع المساعدات و المعونات و خاصة النقدية منها عنهم من قبل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين و التي يفترض منها أن تعمل على حمايتهم و رعاية شؤونهم .
* و هنا نتسأل :
– ما هي فائدة الاتفاقيات المعقودة بين حكومات الدول العربية و الإسلامية و الدولية على الصعيد الثنائي أو على صعيد المنظمات ( جامعة الدول العربية ، منظمة التعاون الإسلامي، منظمة الأمم المتحدة) في الإطار العلمي و المهن العلمية؟.
– ما الفائدة من المنظمات الأممية و الإقليمية المعنية بشؤون العلم و الثقافة؟.
– ما الفائدة من القانون الدولي العام و الإنساني و المنظمات الحقوقية والإنسانية؟.