الفقيه والرجولة
المنتج مايك فقيه
الإنسانية من المشاكل والمواقف الصعبة وهذه سنة الحياة، فالحياة بطبيعتها لا تسير على وتيرة واحدة ولا تكف عن القاء الصعاب والمشاكل في طريقنا ولا ينتهى عالمنا من مواجهة مواقف الحياة الصعبة والرجال الأقوياء من الشرفاء النزهاء الأغنياء معنوياً هم وحدهم القادرين على التعامل مع مواقف الحياة الصعبة بحكمة وذكاء ويعرفون متى عليهم مواجهة هذه الصعاب، فالشدائد وحدها تكشف كوامن الأخلاق وسلوكيات ومرؤة وصدق وشجاعة الرجال، وتسفر عن حقائق النفوس، ولا تُعرف الرجال إلا عند المواقف والفتن والأزمات، فالرجال والمواقف تصنع بعضها البعض, ولو لا المواقف لم يعرف الرجال الصادقين ولولا الرجال لما كانت المواقف التي يقف عندها الاجيال الذين من بعدهم !! فالمواقف هي معيار الرجولة!! وفي وعرفنا من هم الرجال الحقيقين ومن هم الذكور فحسب !!!فيقول احمد فقيه الرجال حصون يبنيها الاحسان ويهدمها الحرمان, وتبلغ بثمرها البر واليسر, ويمحقها الجفاء والكبر، والجبان مقتول بالخوف قبل أن يقتل بالسيف, والشجاع حي وأن خانه العمر حاضر وأن غيبه القبر، ومن طلب المنية هربت منه كل الهرب ومن هرب منها طلبته اشد طلب “، وهكذا فلا يُعرف الحليم إلا عند الغضب، ولا الشجاع إلا في الحرب، ولا الأخ إلا عند الحاجة.
ان المواقف الصعبة تحتاج إلى نوع من المرونة وتقديم التنازلات كي يمر الموقف بسلام وبدون خسائر تذكر، فالرجل الحكيم الحليم الواعي عندما يواجه أحد المواقف الصعبة يقوم بدارسة الموقف من جميع جهاته لكي يعرف ما الذى يستطيع التنازل فيه وما يجب التمسك به وان لا يسلك مسلك العناد والمكابرة في تقديم أي تنازلات لحل المشكلة وان يتحلى بقدر من المرونة في التنازل عن ما هو ممكن لكى يستطيع تجاوز المشكلة والموقف الصعب بهدوء، ومن اكبر الاخطاء التي يقع فيها بعض الساسة إذا جاز التعبير ان نطلق عليهم ساسة هو التعامل مع الأمور بعواطف مفرطة ومواجهة المواقف الصعبة بانفعال وفقدان الاعصاب وهذا التعامل بالطبع يشتت التركيز ويجعلهم غير قادرين على التفكير بهدوء لحل المشكلة، هناك نوع من المواقف يحتاج من الرجل ان يأخذ الخطوة الاولى وان يكون مبادر في حلها حتى لا تتعقد وتتشابك اكثر من اللازم ويحتاج الموقف الى وقت ومجهود أكبر لحله، فتعامل البعض مع بعض المواقف الصعبة كأنها غير موجودة وأن الوقت سوف يحله هو تعامل خطأ لا شك، وهناك مواقف تحتاج لهذا النوع من التعامل ولكن هناك مواقف اخرى يعتبر فيها مبادرة الرجل هو مفتاح حلها وأول خطوة لانقشاع الازمة .
إننا اليوم نعاني من قلة رجال بسبب الظروف التاريخية التي مرت بها العالم وشعبها من المواقف الصعبة والعُسر الشديد والأزمات والمحن وعظائم الأمور حتى انقطعت بهم السبل، فتحير الناس واضطربوا، فأصبحوا يميدون ويحيدون عن الحق والصواب فنراهم متفرقين شذر مذر، يرى أحدهم الحق ولا يتبعه، حيَّرتهم فتن الحياة ، فاضطربوا اضطراباً شديداً، وتبعثروا وتفرقوا، فمَن الذي يثبِّت في هذه الحالة؟ ومَن الذي يقوم بواجب التثبيت؟ أنهم رجال المواقف فمثل هذه المواقف الصعبة تحتاج إلى رجال يقفون وقفات جدية، بصلابة لتحدي تلك المواقف وتوجيهها بما يخدم المصلحة العامة, ولا شك ان التضحية من القيم والمبادئ الكبرى ومن أسمى المعاني وأنبل المشاعر وأن الرجال الكبار من أصحاب الهمم العالية، يأتي بهم الزمان تعويضاً عن حِقب أجدبت من الرجولة، وأقفرت من العزمات، وتجود بهم الأمم بعد مخاض عسير، وآلام مبرحة، وأزمات شداد، لتبرهن بهممهم على معدنها الأصيل.
ان الرجال الحقيقي والثروة الحقيقية للأمم والشعوب هما بدرجة الأولى الأشخاص المنتجون والعقول المبدعة القادرة على العطاء باستمرار ودونما نضوب، وطالما اننا نؤسس اليوم مجدداً لدولة الوفاء، فأبسط المبادئ أن تؤسس لشيء عظيم وأن تكون وفياً مع من يستحق الوفاء والتقدير ممن لديهم دراية بالقضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمعروفين بنباهتهم وما يحملونه من قوة فكرية وسياسية، فالحكمة والحنكة هي متطلبات أساسية في مثل هذا الوقت وهذه المرحلة ، ويفترض توفرها في الرجل المناسب في الزمان والمكان المناسب ، فالرجال الذين يتحلون بالصفات المنفتحة والفكر النير المتطور، المشهود لهم بالمواقف الإنسانية والتاريخية النزيهة والكريمة الحافلة بالعطاء والبذل والآمال والطموحات هم من يجعلنا نثق ونطمئن لوجودهم ونجزم بأن المستقبل سيكون معهم أفضل وفي أي مكان يكونوا فيه سينجزون ويقدمون المزيد من العطاء والتطوير…
لهذا فإن أي فكرة أو مشروع بنائي أو إصلاح أمة أو شعب، إنما يكون وراءه أناس عظماء، من أصحاب الكفاءات والقدرات العلمية المؤمنون بفكرتهم، العاملين عليها، حتى يصلون إلى أهدافهم، في بناء عالم حديثة وجريء ومجتمع مدني متماسك يسوده الأمن والاستقرار، كل هذا يحتاج إلى رجال اقوياء ممن يستطيعون أن يديروا زمام الأمور ويواكبون مسيرة التطور والتقدم نحو الأمام أسوة المتقدمة، اكثر من حاجتنا إلى رجال اقوياء أو قادة أو للشخص الفرد فقط.. ولهذا يجب علينا أن نتنافس على الأبداع والابتكار للنهوض بلعالم والأمة، لا أن نتنافس ونتسابق فهذا التنافس والصراع يدفع ثمنها الرجل الضعيف في النهاية وعليه فان النهج الذي لا ينبت رجالاً عظماء عاليين الهمة يجب إعادة النظر فيه. والحليم تكفية الإشارة والله من قلب طاهر هالكلام كلو …احمد فقيه الرجل الذي لا يخاف الا من الله وبخاف من الغدر بسس