الساقطة “إنشراح علي مرسي” “الحلقة السابعة”… “إنشراح في إسرائيل”
كتب/خطاب معوض خطاب
قرر ضباط جهاز الموساد أن يسلموا عميلهم إبراهيم شاهين أحدث جهاز لاسلكي للإرسال في العالم، واستغلوا وجوده معهم في إسرائيل ودربوه 3 أيام على كيفية استخدامه، ووعدوه بمكافأة تبلغ مليون دولار لو أخبرهم عن موعد الحرب القادمة التي يعد لها المصريون.
وفرح إبراهيم بهذا الوعد لكنه توقف أمام مشكلة لم يجد لها حلا، وهي كيف يدخل مصر وهو يحمل مثل هذا الجهاز الخطير؟ وعندما أفصح عما يجول بخاطره لرجال الموساد أخبروه بألا يحمل لذلك هما، وطلبوا منه فقط بعد عودته للقاهرة أن يتوجه لطريق القاهرة السويس الصحراوي، وعند الكيلو 108 سيجد فنطاس مياه غير صالح للاستخدام، ويوجد خلفه جدار أسمنتي متهدم، وكل ما عليه أن يحفر تحت هذا الجدار لمسافة نصف متر وسوف يجظ الجهاز مدفونا هناك.
وهكذا عاد إبراهيم شاهين إلى أثينا ومنها انتقل إلى تركيا منتشيا وزف البشرى لأسرته بقرب وصول جهاز الإرسال الحديث وبالوعد بالحصول على المليون دولار لو أرسل لرجال الموساد بموعد قيام الحرب المنتظرة.
وبعد عدة أيام قضتها أسرة الجواسيس في تركيا يتنعمون فيها بدولارات الإسرائيليين عادوا إلى القاهرة، وبعدما استراحوا من عناء السفر ذهبوا في رحلة عائلية بالسيارة قاصدين طريق القاهرة السويس الصحراوي، وعند الكيلو 108 توقفت السيارة وترجل منها كل من إنشراح علي مرسي وابنها عادل، وتوجها صوب الفنطاس الغير مستخدم والتفوا حوله حتى وصلوا للجدار الأسمنتي، وبواسطة معول حفرت إنشراح وابنها حتى استخرجوا لفافة كان الجهاز بداخلها، فحملها الاثنان حتى السيارة، ثم انطلقت السيارة بالجميع بعد ذلك صوب المنزل وأنفاسهم تكاد تنقطع خوفا من أن يشاهدهم أو يشعر بهم أحد.
وبعدما عادوا إلى المنزل التفت العائلة كلها حول كبيرهم إبراهيم شاهين وهو يحاول تجربة الجهاز بإرسال أول برقية منه لرجال الموساد، وبعد أن كتب رسالته إليهم اكتشف أن مفتاح التشغيل به عطل _ربما بسبب إصابة من المعول أثناء الحفر_.
ووقتها حزن الجميع وأصيبوا بصدمة كبيرة، فبعد أن تعطل مفتاح التشغيل أن حلم الفوز بالمليون دولار بعيد المنال، لكن إنشراح كان عندها الحل، فلماذا لا تسافر بنفسها إلى إسرائيل وتأتي لهم بمفتاح جديد؟! هذا هو الحل الوحيد للخروج من هذا المأزق، وبالفعل راسلت إنشراح رجال الموساد وحددت معهم موعدا لسفرها إلى إسرائيل عبر روما، وفرحت عائلة الجواسيس بقرب وصول مفتاح الجهاز المنشود، بينما كانت فرحة إنشراح أكبر من الجميع، وكيف لا تفرح وهي في طريقها للقاء فارسها “أبو يعقوب”.
وهكذا سافرت “إنشراح علي مرسي” وحدها إلى روما، ومن هناك سافرت إلى إسرائيل التي وصلتها يوم 26 يوليو 1974، وفي إسرائيل التقت “أبو يعقوب” ضابط الموساد الداهية الذي أعرب لها عن إعجابه بجرأتها وشجاعتها بحضورها وحدها إلى إسرائيل، ثم أقام لها حفلا ماجنا أشبع فيه رغباتها وجعلها تهيم به أكثر وأكثر.
وبعد مرور ما يقرب من شهر كامل قضته ما بين روما وإسرائيل، وتحديدا في يوم 24 أغسطس سنة 1974 كانت “إنشراح علي مرسي” في مطار روما لتستقل طائرة “أليطاليا” الرحلة رقم “791” المتجهة إلى القاهرة.
وما أن جلست إنشراح على كرسيها داخل الطائرة إلا وأغمضت عينيها، وبدأت تستعيد أحداث أيامها الأخيرة بإسرائيل، فتذكرت فرحتها حين علمت بأنهم قد رصدوا لها 2500 دولار كمكافأة، وفرحتها حين علمت بأنهم قد زودوا راتبها ليصبح 1500 دولار شهريا، في وقت كان راتب الموظف المصري خريج الجامعة 17 جنيها مصريا فقط، ثم فتحت إنشراح عينيها اللتين كانتا تلمعان من السعادة حين تذكرت لياليها الماجنة المثيرة التي قضتها بصحبة “أبو يعقوب”.
وأخيرا وصلت إنشراح إلى مطار القاهرة ومعها الهدايا التي جاءت بها لزوجها وأولادها، وأصابتها الدهشة والحيرة حينما لم تجد أحدا منهم بانتظارها، وقامت بايقاف تاكسي وطلبت منه أن يقوم بتوصيلها إلى مسكنها، وحينما وصلت باب مسكنها أخرجت المفتاح من حقيبتها وفتحت الباب، وذلك بعدما رنت الجرس ولم يستجب لها أحد وطرقت الباب ولم يفتح لها أحد، وما إن دخلت منزلها إلا ووجدت في انتظارها ما لم يخطر لها على بال!،
فيا ترى ماذا وجدت “إنشراح علي مرسي” داخل مسكنها؟ هذا ما سوف نعرفه في الحلقة القادمة بإذن الله تعالى، فانتظرونا.
المصادر:
كتاب “أشهر وأخطر الجواسيس عبر العصور” محمود عبد الله.
كتاب “كل شيء هادئ في تل أبيب” حسني أبو اليزيد.
برنامج النادي الدولي، حوار سمير صبري مع الجاسوسة.
كتاب “جواسيس الموساد العرب” فريد الفالوجي.
جريدة الأهرام الصادرة يوم 5 أكتوبر 1974.
فيديو للجاسوس “رافي بن ديفيد”.