كتبت : صفاء القاضي
يبدأ بعد أيام معدودة العام الدراسي الجديد , وهاهي قد انتهت أيام الإجازة الصيفية مسرعة أو ربما هاربة من ضجيج الأحداث , وغالبا ما تكون الأيام المرحة سريعة الترحال ولا نشعر بمرورها .
ها هو العام الدراسي على الأبواب يطرق كل بيت ويجب علينا استقباله خير استقبال ومحاولة استقطاب كل ما هو جميل وإيجابي لبدء سنة دراسية جديدة وربما كان أحلى ما فيها أنها جديدة .
هناك من الطلاب من دخل مرحلة جديدة لأول مرة , وهناك فلذات القلوب الصغار الذين يدخلون عامهم الدراسي الأول وينفصلون عن الأم والبيت لأول مرة في حياتهم .
هناك من يدرس في بداية مرحلة وهناك من يجتاز آخرها في عنق زجاجة معهودة خاضها من قبله الكثيرون لكنه يخوض التجربة الآن بنفسه وكأنه ألقى في البحر الخضم بعد أن تعلم العوم كثيرا والآن حانت لحظة التحدي .
العام الدراسي الجديد هو نقطة تحول لدى الطالب والمعلم , فالمعلم أيضا يستقبل الآن بين يديه أمانة جيل جديد ومختلف عن سابقيه ويبدأ الآن معهم من الصفر ومن نقطة البداية .
أنت أيها المعلم تقوم على كاهلك مسئولية الأجيال المتتالية بل يقوم على أكتافك الوطن كله , فأنت الذي علمت الطبيب الذي يعالجنا وأنت من علمت المهندس والمحاسب ورجل الأمن والقاضي ومدير الشركة والسائق وأنت من علمت أمهات الجيل الحالي والقادم .
مجتمع كامل يقوم على وتد واحد وهو المعلم فيجب على المعلم أن يكون أكثر حرصا وأكثر صبرا وتجاوزا ويجب عليه أن يعلم بمدى خطورة موقعه ويتصرف على أساس من المسئولية والأمانة .
فإلى كل معلم : ها هو العام الجديد على الأعتاب يدق الباب للطالب والمعلم لنجهز الكتاب , وليكون العلم مقصدنا ومرادنا لتنمية العقول والألباب .
أساتذتنا العظام المعلمون والمعلمات الأفاضل والفضليات يجب عليك أولا أن تستخدم مكارم الأخلاق التي لا غنى عنها في تعاملك مع الطالب والتي تجعلك معلما جديرا بالإحترام والتقدير جديرا أن تكون رسولا للعلم .
أول تلك المكارم الهامة الرحمة , قدم الرحمة على القسوة مع طلابك وقدم الرحمة حتى على العدل .
فإن كنت معلما للمرحلة الإبتدائية أرحم الأطفال وعاملهم بروح الأب أو الأم .
تقبل منهم أن يستعملوا أدواتهم القديمة وكشاكيلهم المستعملة وتجاوز عن بعض الطلبات المدرسية نظرا لمعاناة الأسرة من الغلاء فربما عجز الأب عن توفيره فلا تكن أنت عبئا على الطفل وتشعره بعجز أسرته .
ربما لن تستطيع كل الأسر توفير الطلبات المدرسية لخمس أو ست من الأبناء في مراحل متفرقة , تغاضى أنت عن ذلك واسمح لهم باستعمال القديم مقدما الرحمة على العدل
دخل العام الدراسي والآن أنت في فصلك معلمنا الفاضل اشرح الدرس جيدا ولا تترك جزءا للدرس الخاص , ربما عجزت الأسر عن الدروس فمن يوفر الشرح للطالب غيرك إنها مهمتك ومسئوليتك
فلا تكن أنت خصما لهم مع قهر الغلاء والفقر .
انظر إلى طلاب الفصل جميعا بعين واحدة ولا تميز الغني منهم أو الجميل أو من يكون والده ذو منصب مرموق , تعامل على أساس العدل والرحمة ولا تفضل أحدا إلا من له حق التفضيل باجتهاد أو بأدب واحترام , أستاذنا الفاضل انظر إلى تلاميذك بعين رحمة أبوية فلا تترك مقهورا أو حزينا من دون أن تفتش عن السبب ومحاولة العون وحل المشكلات .
انظر بعين الرحمة فلا تترك جائع بدون طعام أو من يرغب بالخروج من الفصل لسبب قهري فلا تحبسه ولا تقهره , لا تضيقوا على التلاميذ فتشعروهم بقسوة الحياة في مقتبل عمرهم , أعط لتلاميذك الحب واجني في آخر العام حبا وتقديرا واجتهادا .
معلمو ومعلمات المرحلة الإعدادية والثانوية تعاملوا بحرص ولطف مع ذلك الجيل المراهق الذي يحتاج منكم الكثير من العطف والحب والاحتواء وكذلك الاحترام .
دعوتي لكل المعلمين لا تتاجر بعلمك من خلال الدروس الخاصة وتترك المدرسة مهجورة خالية من نور العلم , فالمدرسة هي الحياة وهي المستقبل وهي الوطن , دعوة لهم بالعودة إلى فصولهم جادين مجتهدين في توصيل العلم وتأسيس ذلك الجيل الذي هو بحاجة إلى المعلم الحقيقي المعلم الذي قيل فيه :
قم للمعلم وفه التبجيلا
كاد المعلم أن يكون رسولا