بقلم / غادة عبدالله
اليقين هو شعورُ الراحة المطلقة للمرء، فهو يَطمئن لما تمرّ به حياته ولِما يحدث معه، لا يَقلق من غده ولا مُستقبله، فيشعر بأنّ الله بجانبه يرعاه برعايته ويُدبّر له الأمر وييسّر له الرزق، ويدفع عنه المكروه، فإن أصابه فرحٌ أو خيرٌ حمد الله على ما أعطاه وشكره لكرمه ونِعمه، وإن أصابه مكروهٌ حمد الله وصبر على ما ابتلاه يقيناً منه أنّ أجر ذلك الصبر سيخبئه الله – سبحانه وتعالى – له إلى يوم القيامة؛ لأن البلاء من الله اختبارٌ للصبر، ودفعٌ للذنوب، ورفعٌ للدرجات، وقد قال الله – سبحانه وتعالى – في وصف أهل اليقين والتقوى والإيمان: ﴿الَّذِينَ يُؤمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ* وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ* أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.
اليقين يتمثل في العلم وزوال الشك، إنه يتجسد في سيدنا نوح عليه السلام وهو يصنع الفلك فوق الرمال {ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأٌ من قومه سخروا منه}، وهذا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عندما كان مختبئاً مع الصدّيق رضي الله عنه في الغار فمر عليهم المشركون فقال أبو بكر الصدّيق: يا رسول الله، لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا، ومن هنا يُعلّمنا الرسول صلى الله عليه وسلم درساً من أثمن دروس اليقين فيقول: (يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟! لا تحزن إن الله معنا)، أما نبي الله موسى، فرعون وجنده وراءه والبحر أمامه، والمستضعفون من الموحدين تزلزلت قلوبهم في ذلك الموقف، {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} فقال موسى صاحب اليقين: {قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ}، هذه عين اليقين وذاته، أن ينعقد في القلب حسن الظن بالله تامّاً لا يشوبه شك.