مقالات

عادات و تقاليد شرب القهوة

و للقهوة عشاقها في كل أنحاء العالم،

بقلم د. غادة فتحي الدجوي

في عشق السمراء الساحرة ” القهوة “يقال عنها مثل الحب، كلما صبرت عليها أكثر؛ ازداد طعمها حلاوة.

و للقهوة عشاقها في كل أنحاء العالم، و لكن ثقافة شرب القهوة أو طريقة طهيها متعددة مثل عادات و تقاليد المجتمعات و هي أيضا ضمن العادات و التقاليد المرتبطة بتاريخ الشعوب، فلكل دولة عربية كانت أو أجنبية ترى القهوة برؤية مختلفة و هي لا تعبير مشروب ساخن عادي بل ربما يأتي الصباح إلينا بقدوم القهوة…

في تركيا هناك عادات طريفة ارتبطت بالقهوة فمثلا… كان العريس يذهب لرؤية العروس المرشحة له، فى حين تسارع العروس لتحضير القهوة، وإذا أعجبها العريس ، تقوم بتقديم قهوة بها سكر، و بجانبها بعض الحلوى وكأنها ترسل له رسالة عبر فنجان القهوة: «أنا وعائلتى نريدك»، وإذا لم يعجبها العريس تضع له الملح بدلاً من السكر، ليدرك أن العروس لا تريده، وبالتالى يتراجع عن طلب العروس، بحسب تقرير نشره موقع «ياماك» التركى على الإنترنت.و هناك رواية أخرى، فإن القهوة المالحة جاءت لتختبرمدي تحمل العريس لعروسه عندما يتذوق القهوة؟ فإذا تحملها فهذا يعنى أنه سيتحمل العروس طول العمر، وتقوم العروس بإعداد قهوة مالحة لفهم ما إذا كان يحبها أم لا. وإذا لاحظ العريس أن القهوة مالحة ولم يشربها، يعتبر أن العروس تعترض على طلب الزواج كما أنه يعد أمرا مشينا من العروس، أما إذا قام العريس بتناول رشفة واحدة أو أكثر ولم يبصقها فهذا يعنى أنه سيقوم بفعل كل شىء من أجل هذا الحب… أيضا في تركيا إذا شَرِب الضيف قهوته فذلك يعني أن سؤاله مجاب، وحاجته مقضية.

أما عادة تقديم كأس الماء مع القهوة، تعود هذه العادة إلى عهد العثمانيين، حيث كانوا يقدمون الماء مع القهوة عند استقبال ضيوفهم.

 

دول الخليج أيضا لها عادات خاصة بها و تختلف طرق إعداد وتقديم القهوة فى دول العالم، خصوصا فى المنطقة العربية، حيث تقدم القهوة الخضراء فى دول الخليج أو ما يطلق عليه “القهوة العربى” والتى تحتوى على الحبهان المطحون مع حبوب القهوة الخضراء وتحضر عادة بدون إضافة السكر، حيث يتم تقديمها مع التمور، والتى يكتفى بحلاوتها مع القهوة. و للقهوة عادات وتقاليد لايمكن التنازل عنها واهم قواعدها طريقة التقديم فلابد أن تقدم باليد اليمنى والا اصبحت كارثه في حال تم تقديم القهوه العربيه باليسرى لان فيها امتهان للضيف . و تعتبرالكميه المقدمه في فنجال القهوة العربيه شرط اساسي في طريقة الضيافة، حيث يجب عدم مليء الفنجال بأكثر من نصفه رغم صغر حجم فنجال القهوة العربيه,وهو مايعرف بصب الحشمه في الاوساط العربيه, والتي تعني تقديم القهوة في ثلث الفنجال فقط ، و اذا زادت الكميه عن ذالك فهذا يعني ان الضيف غير مرحب به وعليه ان ان يغادر سريعا، أما إذا هز الضيف فنجان القهوة يعني اشارة من الضيف الى الاكتفاء من شرب القهوة أو أن يقول ” تكرم” ,وان لم يهز الضيف الفنجان فسيستمر المضيف بصب القهوة له.

كما ان لعدد مرات شرب القهوة مسميات خاصه وطقوس وهي كالتالي :

الفنجال الاول :يطلق عليه(الهيف) ويشربه المضيف ليثبت للضيف أن القهوة ليس بها مايؤذيه.

الفنجال الثاني:يطلق عليه (فنجان الضيف) ويشربه الضيف وهو عنوان للاكرام والمعزه.

الفنجال الثالث :يطلق عليه(فنجان الكيف) ويشربه الضيف وهو للاستمتاع بطعم القهوة.

الفنجال الرابع:يطلق عليه (فنجان السيف)ويشربه الضيف أيضا وهويرمز إلى أن الضيف سيقف مع مضيفه في حال تعرض لأي اذى أو اعتداء.

أما رمز “كسر فنجان  القهوة ” يعني كرام الضيف وأن هذا الفنجان لايمكن لاي مخلوق أن يشرب بعد هذا الضيف، عند صب القهوة وتقديمها للضّيوف يجب أن تبدأ من اليمين عملاً بالسّنة الشريفة.

وفى بلاد الشام، تدخل القهوة ضمن تقاليد طلب الزواج، حيث توارثت بلاد الشام عادة قديمة تتمثل فى امتناع أهل العريس عن تناول القهوة حتى يتم الرد على طلبهم من أهل العروس، ليعودوا من جديد لشرب القهوة، و أيضا يحافظون على عادة شرب القهوة المغليّة في كل صباح على أنغام فيروز، و غالبا ما تقدم القهوة مرتين للضيوف، مرة في بداية الزيارة والأخرى في آخرها، وتعرف بقهوة «أهلاً وسهلاً» وقهوة ” الله معكم”. وفي لبنان، يشيع تقديم القهوة البيضاء، و يرجع أصل القهوة البيضاء إلى ماليزيا، وتكون خاليةً من الكافيين، و تتكوّن من ماءٍ مغلي وماء زهر، ونعناع وهال.

وفى المغرب تقدم القهوة مع القرفة وجوزة الطيب والزنجبيل، وتتسم برائحة ذكية ونفاذة.

و من موسوعة المسافر قالو تاريخيا أن القهوة كانت رمز للحرب.. من يشرب فنجان فلان؟

كانت القهوة قديماً بمثابة أداة للثواب والعقاب؛ فمن كان يقوم بعمل بارز كانوا يكرمونه بشرب القهوة، وعلى العكس كانوا يحرمون من يخطئ من شرب القهوة. وليس هذا في السلم فقط؛ بل تستخدم القهوة للحروب، فكانت القبائل في الماضي إذا حدث بينها شجار وأعجز إحدى القبائل بطل معين، كان شيخ العشيرة يجتمع بأفرادها ويقول: “مَن يشرب فنجان فلان ويشير بذلك للبطل؟” أي من يتكفل به أثناء المعركة، ويقتله؟، فيقول أشجع أفراد القبيلة: “أنا أشرب فنجانه”. وبذلك يقطع على نفسه عهدًا أمام الجميع بأن يقتل ذلك البطل أو يُقتَل هو في المعركة.

أما في ايطاليا… حوّل الإيطاليون شرب القهوة إلى فن بحدّ ذاته ، لا يقضي الإيطاليون ساعات طويلة في المقاهي أو يأخذون القهوة معهم في الطريق إلى العمل، بل يذهبون إلى المقهى (يطلق عليه إسم بار بالإيطالية) مشياً على الأقدام ويطلبون فنجان قهوة من الكاونتر. لأن القانون الإيطالي يفرض ضريبة على الكراسي في مقاهي إيطاليا ومن هنا نشأت عادة شرب القهوة وقوفاً أمام الكاونتر و هم لا يشربون خلال النهار سوى قهوة الاسبريسو. أما القهوة بالحليب أو الكابتشينو فهي خيارات يطلبونها في الصباح مع وجبة الفطور تحديداً.

و تأتي فيتنام بطريقتها الغريبة, و تُعرف القهوة الفيتنامية بأنها حلوة جدًا وقوية جدًا. ويتم تحضيرها عبر صب قهوة داكنة محمصة على كوب من الحليب المكثف والثلج عبر مصفاة لالتقاط الرواسب.

 

و تأتي المكسيك فالقهوة المكسيكية التقليدية تُقدم مع عود من القرفة ويُضاف قصب السكر خلال التحضير. ويتم سكبها في قدح طيني، حيث يعتقد السكان المحليون أنه يُبرز النكهات.

و لو سافرنا لأسبانيا فهم يضيفوا مقدار متساوٍ من الحليب المكثف والقهوة السوداء في كوب واحد، وهو مشروب حلو المذاق لمن يفضلون شرب قهوة حلوة.

أما فرنسا فستتظل طريقة تناولها فريدة هناك، حيث يتم تناولها أثناء الجلوس في المقاهي أو أماكن أخرى للاسترخاء. تُشرب القهوة في كميات صغيرة، والغرض من شربها لدى الفرنسيين ليس التلذذ بطعمها ولا الحصول على الطاقة. أصبحت القهوة متأصلةً في الثقافة الفرنسية اليومية.

أما إذا رجعنا إلي بلادنا مصر، تشتهر القهوة المصنوعة من أنواع البن المختلف فى درجات تحميصه، ما بين الفاتح والمتوسط والداكن، ويميزها “وش القهوة” أو الرغوة التى تعلوا فنجان القهوة وبدونه قد تفقد رغبتك فى تناولها، ولا يمكن تقديمها للضيوف فى تلك الحالة. و تناول القهوة في مصر يأتي بعد ترتيب الشاي لأنه المشروب الشعبي، و دوما كانت هناك مقولة الحموات في الماضي ” أن ست البيت الشاطرة نعرف من وش فنجان القهوة” و عندما يقع فنجان القهوة من العروس من فرط خجلها تأتي مقولة ” دلق القهوة خير”، و أيضا هناك مقولات ارتبط بفنجان القهوة للبشارة بمال وفير في الطريق عندما يوجد تكتل من القهوة في قاع الفنجان فنقول” مال في الطريق كثير و رزق كبير”، و تجتمع الجارات أحيانا سويا بعد العصر ليتناولو القهوة و يتبادلن الحديث في امور حياتهن و تعلو ضحكاتهن، و في بعض المناطق الشعبية تجلس الزوجة مع الزوج بعد المغرب لتطهو له القهوة بيدها” علي السبرتاية” كنوع من التقدير لزوجها ليتحدثوا في أحوالهم بعد عناء اليوم و تناول الغداء…

 

و لا ننسي الأصدقاء فحينما نتحدث تليفونيا ندعوا بعضنا الآخر لنشرب القهوة سويا و نتحدث في أي أمر و كأن ميعادنا لشراب القهوة له خصوصية و اهتمام خاص، و عندما نقدر الناس زملائنا في العمل و أصدقائنا نسعد بأن نطهو القهوة بأيدينا لهم و كأننا نخبرهم أن لهم مكانة خاصة في قلوبنا ، و من المواقف الطريفة لي أن لي صديق د. مايكل جاء إلي المكتب و أحببت أن أصنع له القهوة بنفسي و لكن لسوء حظي كانت نوعية البن ليست بجيدة و لكني حاولت أن تكون رغوتها سميكة واضحة و مقاديرها جيدة، إلا أن طعمها كان ليس بجيد علي الاطلاق و مع ذلك صديقي شرب بعض منها و كأنه يقول لي يكفي تقديرك لي …فما أروع الساحرة السمراء بين الأصدقاء ، فالقهوة ليست فقط حبوب محمصة و مطهوة علي النار لتقديمها للضيوف، القهوة تحمل العديد من المعاني و الذكريات كتب عنها العدي من الشعراء و تغني بها أعظم المطربين و المطربات .. و قال المحبين “عندما أشرب القهوة معك، أشعر أن شجرة البن الأولى زُرِعت من أجلنا.”

و عبرت عن الأمان فقيل فيها ” قهوتي اليوم بنكهة أمان، بعبق طمأنينة أنت زرعتها، فحين تصبح الحلول مستحيلة نحتاج حتماً لأذن صديق نبثّه بعضاً من بعض هواجسنا لا يوجد لنا حلاً سحرياً، بل ليمحو القلق من دواخلنا ويزرع مكانه بعضاً من بعض طمأنينة، وقد فعلت، فأقبل ولا تتردد، تستحق اليوم أن تشاركني قهوتي.”

و أخيرا كتبها الشاعر الكبير محمود درويش أحن إلى خبز أمي، وقهوة أمي، ولمسة أمي، وتكبر فيّ الطفولة يوماً على صدر أمي، وأعشق عمري لأني إذا مت، أخجل من دمع أمي.

 

القهوة القوة المانحة للمزاج

اكتشف رموز مهمة ودلالات في فنجان القهوة

قراءة الفنجان ومعرفة رموز تشكيل الحيوانات

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock