الدكتورة فاطمة عابدين رائدة رواد علم الباثولوجيا

كتب/خطاب معوض خطاب

للأسف الشديد فإن إعلامنا لا يهتم بالأعلام الذين شرفوا مصر ورفعوا رأسها في المحافل الدولية، ولا ينشر عنهم إلا القليل والنادر، ويكتفي فقط بإلقاء الضوء على من أتعفف عن ذكر أسمائهم من الفنانين ولاعبي الكرة ومسئوليها، الذين لا يكف الإعلام عن نشر صورهم وأخبارهم.

وهناك العديد من الأعلام الذين خدموا مصر ورفعوا اسمها في العديد من المحافل الدولية، والدكتورة فاطمة عابدين تعد واحدة من هؤلاء الأعلام، وهي تعد رائدة رواد علم الباثولوجيا العامة “pathology” _علم دراسة وتشخيص الأمراض_، وعلم الهستولوجيا “Histology” _علم الأنسجة والخلايا_ في مصر والوطن العربي، بل وتعد واحدة من الباحثات المتفردات في مجالها على مستوى العالم كله، وعندما يذكر علم الباثولوجيا لابد أن تستدعي ذاكرة العالم اسم الدكتورة فاطمة عابدين في مقدمة مشاهير المتخصصات في هذا العلم على مستوى العالم.

فالدكتورة فاطمة عابدين تعتبر صاحبة مدرسة علمية ذاع صيتها في تحاليل الأنسجة، وحصل أكثر من مائة باحث وباحثة على الماجيستير والدكتوراه تحت إشرافها، وقد حظيت بإشادة المحافل العلمية العالمية بشكل عام والمحافل الطبية بشكل خاص، ويذكر لها أنها قدمت ما يقارب 100 بحث متفرد تم نشرهم في الدوريات المتخصصة في العالم كله.

وكانت الدكتورة فاطمة عابدين أول طبيبة في العالم تثبت أن السائل الأمينوتي المحيط بالجنين يتم إفرازه بواسطة الأمينوت بالمشيمة، وكان الاعتقاد السائد قبل اكتشافها أن هذا السائل ما هو إلا بول الجنين، كما أنها كانت صاحبة العديد من الاكتشافات الطبية المذهلة التي اهتزت لها الأوساط الطبية العالمية، مثل بحثها الذي فسرت فيه حدوث التليف الكبدي في البلهارسيا على أنه يسبب مناعة ذاتية، ووقتها قوبل رأيها هذا بمعارضة شديدة من العديد من أطباء العالم، ثم أقر الجميع بصحة رأيها بعد مرور ما يقرب من 15 عاما، وأصبح رأيها هذا حقيقة علمية ثابتة.

والدكتورة فاطمة عابدين هي الشقيقة الكبرى للدكتورة زهيرة عابدين الملقبة بأم الأطباء، ووالدهما هو حافظ بك عابدين عضو مجلس الشيوخ الأسبق، وجدهما هو حسين بك عابدين عضو مجلس شورى القوانين أيام الخديو توفيق، وجدهما الأكبر هو عابدين بك صاحب قصر عابدين الذي اشتراه بعد ذلك الخديو إسماعيل وأنشأ مكانه قصر عابدين الموجود حتى اليوم.

وقد ولدت الدكتورة فاطمة حافظ عابدين في يوم 25 مايو سنة 1913، وحصلت على بكالوريوس الطب والجراحة من جامعة فؤاد الأول سنة 1939، وحصلت على دبلومتين في الهستولوجيا والباثولوجيا، ثم حصلت على الدكتوراه في الباثولوجيا سنة 1949، وانضمت إلى هيئة التدريس بجامعة القاهرة وتدرجت في المناصب حتى رقيت إلى درجة أستاذ، ثم أصبحت رئيسا لقسم الباثولوجيا بجامعة الأزهر، وتم انتدابها كأستاذ زائر بكلية الطب بجامعة الخرطوم وجامعة الملك عبد العزيز.

والدكتورة فاطمة عابدين كانت متزوجة من الدكتور عبد المنعم نصر الشافعي، مدير إدارة الشئون المالية والاقتصادية بوزارة المالية، وكان لديهما ولد وبنت، والمعروف أنه قد تم تكريمها كثيرا بمصر والعالم، حيث كرمتها هيئة اليونسكو، وحصلت على جائزة الدولة التقديرية، كما حصلت أيضا على وسام الاستحقاق، وكانت وفاتها في منتصف مايو سنة 2002، بعد مرور أقل من أسبوعين على وفاة شقيقتها الدكتورة زهيرة عابدين.