كتب/خطاب معوض خطاب
الدكتور محمود عزمي المولود في يوم 5 مايو سنة 1889 بقرية شيبة قش بالشرقية، يعد واحدا من أكبر رواد الصحافة المصرية، ورغم أن شباب اليوم ربما لم يسمعوا به من قبل، إلا أن له علامات وآثارا لا تنسى ولا تمحى في تاريخ الصحافة المصرية، حيث كان مهتما ومشغولا طوال عمره بقضية حرية الصحافة وحقوق الصحفيين.
وقد كان الدكتور محمود عزمي واحدا من أوائل المبعوثين المصريين الذين درسوا بجامعة السوربون بفرنسا، حيث سافر إليها بعد حصوله على شهادة الحقوق، وهناك تزوج بزميلة له من روسيا البيضاء، واصطحبها معه إلى مصر بعد حصوله على درجة الدكتوراة في القانون سنة 1912.
وبعد عودته من فرنسا لم يشغل الدكتور محمود عزمي أي منصب قانوني، بل فضل أن يعمل بالصحافة، فأصدر جريدة المحروسة اليومية سنة 1920، ثم جريدة الاستقلال سنة 1921، كما أنه قد أصدر مجلة العالم العربي الشهرية في لندن سنة 1923، وقد عمل بعدد من الجرائد والمجلات مثل السياسة والجهاد والأهرام وأخبار اليوم، والكاتب المصري، وآخر ساعة وروز اليوسف، واللطائف المصورة وغيرها، ومن المعروف أنه عمل مراسلا لجريدة الأهرام في باريس ولندن، كما عمل مراسلا لجريدة الجهاد في لندن، وعمل أيضا مراسلا لجريدة السياسة في لوزان.
والمعروف أن الدكتور محمود عزمي كان أول محرر برلماني في تاريخ الصحافة المصرية، وذلك عندما عمل مندوبا لجريدة السياسة لدى البرلمان، وكان هو أيضا أول مدير تحرير في تاريخ الصحافة المصرية، وذلك عندما تم اختياره مديرا لتحرير جريدة السياسة، كما أنه تولى منصب رئيس تحرير مجلة روز اليوسف في منتصف ثلاثينيات القرن العشرين.
كما عمل الدكتور محمود عزمي بالتدريس، حيث عمل مدرسا للاقتصاد في مدرسة التجارة العليا، وتم اختياره عميدا لكلية الحقوق، كما عمل مدرسا للاقتصاد في جامعة بغداد، وعمل أستاذا ومديرا في معهد الترجمة والتحرير والصحافة بجامعة القاهرة، كما أنه عمل مديرا للتشريع بمصلحة الضرائب فترة من الزمن.
وقد عرف الدكتور محمود عزمي دوليا، حيث مثل مصر في عدد من المحافل الدولية، بداية من تمثيله مصر في لجنة الضرائب الدولية التابعة لعصبة الأمم سنة 1939، ثم تمثيله مصر في لجنة حرية تداول الأنباء التابعة للأمم المتحدة أواخر أربعينيات القرن العشرين، ثم اختياره كعضو في بعثة مصر في الأمم المتحدة سنة 1950، ثم تمثيله مصر في لجنة حقوق الإنسان الدولية سنة 1951، وتمثيله مصر في مؤتمر الشئون الصحفية بإيفيان بفرنسا سنة 1951، ثم انتخابه رئيسا للجنة حرية تداول الأنباء ومواثيق الشرف الصحفية بالأمم المتحدة سنة 1952، ثم اختياره رئيسا للجنة حقوق الإنسان الدولية سنة 1953، وأخيرا رئاسته لبعثة مصر في الأمم المتحدة سنة 1954.
وفي يوم 3 نوفمبر سنة 1954، وبعد أشهر قليلة من اختياره رئيسا لبعثة مصر في الأمم المتحدة وبينما كان يلقي كلمة مصر في محلس الأمن دفاعا عن حقوق مصر ودفاعا عن حق الشعب الفلسطيني في أرضه أصيب بأزمة قلبية نتيجة انفعاله الشديد وهو يلقي خطابه في المجلس، وهكذا كأنه قد أبى أن ينهي حياته إلا وهو يدافع عن قضايا وطنه وعن مبادئ الحرية والحق والعدل التى عاش من أجلها.
وبعد رحيله نكست هيئة الأمم المتحدة أعلامها لمدة أسبوع حدادا عليه، كما خصصت جمعيتها العامة جلسة مشهودة لرثائه، تحدث فيها عشرات الأعضاء، الذين أشادوا بشجاعته ومواقفه الجريئة.
زر الذهاب إلى الأعلى