مقالات

الحلقة ٢٥ من يوميات مهاجر في بلاد الجن والملائكة

سنة أولى هجرة حلقة 25

بقلم دكتور / محمد حسن كامل

رئيس اتحاد الكتاب والمثقفين العرب


وعد فرانسوا ميتران فور فوزه بانتخابات الرئاسة الفرنسية بتصحيح أوضاع المهاجرين في فرنسا ، وفي مايو 1981 فاز ميتران بالرئاسة في الوقت الذي توجه إليه المهاجرون بتقنين أوضاعهم خاصة المتواجدين في فرنسا بشكل غير شرعي .
وإنقسمت الأحزاب السياسة في فرنسا في ذاك الحين بين مؤيد ومعارض ، وراحت جمعيات مكافحة العنصرية في فرنسا تنشط وتناضل من أجل حقوق المهاجرين في فرنسا ، الأمر الذي جعل صاحبنا المهاجر ينخرط في الدفاع ضد العنصرية و واعتكف على فتح ملف الهجرة الفرنسية بكل مافيه من تفاصيل ، ولأنه شاهد عيان أراد عبر تلك اليوميات أن يقدم شهادة على العصر في أخطر قضية تهم فرنسا وأيضاً الدول المصدرة للهجرة .
في سنة أولى هجرة طرح صاحبنا هذا السؤال متى بدأت الهجرة إلى فرنسا وأسبابها ؟
وعاد يُقلب صفحات تاريخ الهجرة إلى فرنسا .
مما لا ريب فيه أن فرنسا استقبلت مهاجرين من دول مختلفة على مراحل ثلاثة :

المرحلة الأولى :
في نهاية القرن التاسع عشر مع بداية الثورة الصناعية , استقبلت فرنسا الدفعة الأولى من المهاجرين للعمل في المصانع الفرنسية , ولاسيما وأن فرنسا كانت تعاني من نقص في المواليد في الوقت الذي تدهورت فيه الإحصائيات في تعداد الفرنسيين , ومن ثم كانت الدفعة الأولى الكبرى من المهاجرين قد بدأت منذ عام 1870 إلى 1910 .

المرحلة الثانية :
بعد الحرب العالمية الأولى التي فقدت فرنسا فيها مليون ونصف فرنسي , الأمر الذي دفع فرنسا لاستقبال الدفعة الثانية من المهاجرين , وأصبحت فرنسا الدولة الثانية لاستقطاب المهاجرين بعد الولايات المتحدة الأمريكية , وكان أغلب المهاجرين إليها من إيطاليا وأسبانيا والبرتغال وقلة قليلة من العرب والمسلمين .
وجاءت الحرب العالمية الثانية وإنكسرت فرنسا بهزيمة نكراء , اضطرت فرنسا لاستقبال الدفعة الثالثة من المهاجرين من مستعمراتها القديمة خاصة شمال إفريقيا تونس والجزائر والمغرب وباقي مستعمراتها من القارة السمراء .
وكانت السلطات الفرنسية تدعو للهجرة العمال من شمال إفريقيا للمساهمة في إعادة بناء فرنسا بعد انهيارها في الحرب العالمية الثانية لم ترحب فرنسا بفتح باب الهجرة إليها حباً في المهاجرين ولكن للظروف التي سردناها سابقاً .
أرادت فرنسا إعادة البناء والتشييد على حساب العرب والأجانب , حيث أن هناك الأعمال الشاقة مثل اعمال مد الطرق أو البناء أو التشييد , فضلا عن الأعمال الشاقة في المصانع الثقيلة , تلك الأعمال لا يتحملها ولا يعمل فيها الفرنسيون .
لم يتخل المهاجرين عن عاداتهم وتقاليدهم وأفكارهم ولاسيما وأن الرعيل الأول منهم لم يحصل على قسط وافر من التعليم الأمر الذي يمكنه الانخراط أو الإندماج في الحياة الفرنسية .
عاش المهاجرون العرب على هامش الحياة الفرنسية في مباني أسمنتية في أسوأ ظروف معيشية خارج المدن الكبرى , ومن ثم لم تفلح الحكومات الفرنسية من دمج المهاجرين في المجتمع الفرنسي .
وإذا كان الاقتصاد العالمي سابقاً يعتمد على عناصر أهمها : المواد الخام ورأس المال والأيدي العاملة ثم الأسواق , مؤخراً ظهر الإقتصاد المعرفي الذي يعتمد على الفكر والمعرفة والقيمة المضافة مثل برامج الكمبيوتر و السوفت وير وغيرها , الأمر الذي جعل أوروبا تبدأ في الاستغناء عن عمالة العضلات وتبحث عن عمالة العقول ومن ثم حاولت فرنسا سن وإصدار القوانين لمحاربة المهاجرين , وأصبحت ورقة الهجرة تلعب دوراً كبيراً في السياسة الفرنسية , شبح الهجرة والمهاجرين!!
على الرغم أن عدد المهاجرين العرب والمسلمين وصل إلى سبعة ملايين هل لهم تأثير على الحياة السياسية والاقتصادية في فرنسا ؟

هذا ما سنعرفه في الحلقات القادمة إن شاء الله .. 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock