حوار مع ابنة شقيق البطل الحقيقي لرواية وفيلم “في بيتنا رجل”.
إعداد وحوار/خطاب معوض خطاب
إخراج/ ريمه السعد
التدقيق اللغوي/ميرفت مهران
عمي حسين توفيق كون جماعة سرية لمحاربة الاحتلال الإنجليزي والمتعاونين معه.
الرئيس السادات انضم في شبابه لهذه الجماعة السرية.
والدي قاد السيارة التي أقلت عمي يوم قتل أمين عثمان باشا.
عمي لم يمت مثل بطل فيلم “في بيتنا رجل”، بل فر إلى سوريا وتزوج من سورية.
الرئيس السادات كرم عمي واستضاف أسرتنا باستراحة القناطر وشهد على عقد قران ابنة عمي.
*فيلم “في بيتنا رجل” واحد من أفضل وأشهر أفلام السينما المصرية، وما لا يعرفه الكثيرون أن أحداث هذا الفيلم مستمدة من الواقع، فالكاتب إحسان عبد القدوس مؤلف الرواية التي أخذ الفيلم عنها، هو نفسه الذي استضاف البطل في منزله 3 أيام، والبطل الحقيقي لهذه الرواية والذي قام بدوره الفنان عمر الشريف كان اسمه حسين توفيق، وهذا الشاب المصري الثائر كانت قصة حياته أشبه بالخيال.
ولأن الصفحات والمواقع الإلكترونية التي تحدثت عنه قد اختلط فيها ذكر الحقائق بالمعلومات المغلوطة، فقد التقت مجلة سحر الحياة السيدة مها سعيد توفيق ابنة شقيق الثائر حسين توفيق لتكشف لنا العديد من الحقائق وتقدم لنا الكثير من الصور النادرة.
في البداية نود أن نعرف من هو حسين توفيق البطل الحقيقي لقصة فيلم “في بيتنا رجل”؟
عمي حسين توفيق ابن عائلة أرستقراطية، ووالده هو محمود توفيق باشا أحمد وكيل وزارة المواصلات قديما، ووالدته تركية الأصل واسمها كوثر أحمد عبد الكريم با يزيد،
وعمي حسين توفيق تعلم بمدرسة الفرير الواقعة بشارع الخرنفش، ثم في مدرسة فؤاد الأول الثانوية، وكانت له ميول وطنية منذ الصغر.
وما هي حكاية الجماعة التي كونها عمك حسين توفيق لمحاربة الإنجليز في مصر؟
عمي حسين كون جماعة سرية من أبناء خالاته وأصدقائه، لمقاومة الإحتلال الإنجليزي خلال أربعينيات القرن العشرين، وهذه الجماعة السرية ضمت عمي، بالإضافة إلى والدي، كما ضمت أبناء خالاتهم، ومن بينهم يبرز اسم محمد إبراهيم كامل ابن خالة والدي ووزير الخارجية فيما بعد، بالإضافة إلى بعض أصدقائهم، ويعد أبرزهم هو الرئيس الراحل محمد أنور السادات.
علمت أن هذه الجماعة السرية كان أعضاؤها من صغار السن، فهل هذا صحيح؟
بالفعل، فعمي قائد هذه الجماعة السرية كان في الحادية والعشرين من عمره، ببنما كان والدي يبلغ عمره في ذلك الوقت 16 سنة، وكان السادات أكبر أعضاء الجماعة سنا، فقد كان يبلغ عمره 27 سنة في ذلك الوقت.
وماذا كان دور السادات في هذه الجماعة السرية؟
انضم الرئيس السادات لهذه الجماعة، بعدما تم فصله من الجيش في ذلك الوقت، وكان يشارك في التخطيط للعمليات التي كانت الجماعة تقوم بها، كما كان بحكم كونه ضابطا سابقا بالجيش، يتولى مهمة تدريب أفراد الجماعة السرية على إطلاق النار وكيفية استعمال القنابل.
وماذا كان دور والدك سعيد توفيق في عملية اغتيال أمين عثمان باشا؟
يوم قررت الجماعة اغتيال أمين عثمان باشا، كان والدي هو الذي يقود السيارة التي أقلت أفراد الجماعة، والعجيب أن عمي حسين توفيق كان مصابا في عينه منذ طفولته، وكان لا يرى إلا بعين واحدة، والطريف أن عمي حسين كان لا يعرف أمين عثمان باشا، ولذلك نادى باسمه، وحينما التفت إليه ورد عليه أطلق عليه النار.
وماذا حدث بعد ذلك؟
تم القبض على عمي ووالدي وجميع أفراد الجماعة السرية، كما تم القبض أيضا على السادات، والذي أنكر اشتراكه في تنفيذ محاولة الاغتيال هذه.
ذكرت بعض المصادر أن عمك حسين توفيق قد تمكن من الهرب من السجن، وذكرت مصادر أخرى أنه كان مريضا وهرب من مستشفى السجن، فأيهما أصح؟
في الحقيقة عمي لم يهرب لا من السجن ولا من المستشفى، كما تذكر المواقع أو الصفحات الإلكترونية، ولكنه احتال على رجال البوليس وقتها، فقد طلب منهم أن يزور والده المريض، وبالفعل ذهبوا معه إلى فيلا الأسرة الواقعة بشارع الإسكندر الأكبر بمصر الجديدة، وهناك احتال عمي على مرافقيه، وقفز من شباك الحمام إلى حديقة الفيلا ومنها هرب إلى الشارع.
وأين ذهب بعدما هرب؟
بعد هروبه ذهب عمي حسين إلى منزل الكاتب الكبير إحسان عبد القدوس، واختبأ لديه لمدة 3 أيام، ورفض إحسان عبد القدوس الاستجابة للإغراءات الكبيرة وتسليمه للسلطات مقابل 5000 جنيه وقتها.
وبعد هذه الأيام الثلاثة، ماذا حدث؟
بعدها حكمت المحكمة بسجن عمي 10 سنوات، وسجن والدي 3 سنوات، والبراءة للسادات، وفي نفس الوقت تمكن عمي من الهرب إلى سوريا، حيث أقام هناك لمدة 7 سنوات.
ولكن في “في بيتنا رجل” ينتهي الفيلم باستشهاد البطل أثناء إحدى عملياته الفدائية؟
بالطبع أنا شاهدت الفيلم، وللعلم فالكاتب الكبير إحسان عبد القدوس استوحى فكرة الفيلم من حكاية عمي، ولكن أحداث الفيلم من خيال مؤلفه، وتختلف كثيرا عن الواقع.
وما أبرز هذه الاختلافات من وجهة نظرك؟
بالطبع حكاية غرامه بابنة الأسرة التي اختبأ لديها، وكذلك مشهد النهاية، فهو لم يستشهد ولكنه تمكن من الهرب إلى سوريا، وتزوج هناك من سورية اسمها سعاد المصري، وأنجب منها ابنه الأول عبد الرؤوف، كما انضم عمي حسين توفيق إلى تنظيم القوميين العرب بسوريا، وحاول اغتيال العقيد أديب الشيشكلي نائب رئيس الأركان السوري، وتم القبض عليه بعدها، وحكم عليه بالإعدام شنقا، ولكن تم تخفيف الحكم عنه.
وبعد ذلك ماذا حدث؟
بعدها عاد عمي حسين توفيق إلى القاهرة بصحبة زوجته وابنه، وعاش في مصر وأنجب ابنتيه وفاء وكوثر، ولكن في منتصف ستينيات القرن العشرين تم اعتقاله بتهمة محاولة اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر، والحقيقة لا أدري هل كانت هناك محاولة للاغتيال بالفعل أم لا، ولكنني سمعت والدي يقول إن اتهام عمي بتلك التهمة كان تصفية للحسابات لا أكثر.
وهل حوكم عمك حسين توفيق وقتها؟
بالفعل، تم تقديم عمي ووالدي للمحاكمة، وحكمت المحكمة بالسجن على عمي ووالدي، وقضوا بالسجن سنوات عديدة.
بالمناسبة، تذكر العديد من المصادر أن الرئيس السادات رفض الالتماسات التي تقدمت بها أسرتكم للإفراج عن عمك، وأن الرئيس مبارك هو من أفرج عنه، فهل هذا صحيح؟
**بالعكس، فالرئيس السادات هو من أفرج عن عمي ووالدي، وللعلم عمي حسين توفيق توفي في عهد الرئيس السادات، ولم يشهد عصر الرئيس مبارك من الأساس، فكيف يقال هذا الكلام، والحقيقة أن الرئيس السادات كان شخصية ليس لها مثيل، ولا أنسى أبدا أنه قام باستضافتنا باستراحة القناطر الخيرية، وأقام حفل زواج وفاء ابنة عمي حسين توفيق بالاستراحة، وشهد بنفسه على عقد قرانها تكريما لوالدها، فالرئيس السادات رحمه الله لم ينس يوما أنه كان زميلا لوالدي وعمي في الجماعة السرية التي كانت تقاوم الإنحليز.