حياة الفنانين

“نادية تليش”المسرح أبا الفنون وهو مفتاح لبناء مجتمع مثقف واعٍٍ ومتوازن

نادية تليش من تونس..ابنة عاصمة المسرح بالجنوب "مدينة مدنين

انطلقت في رسم طريقي الذي كان حافلا بتجارب مختلفة و مع أهم الأسماء المسرحية

الميزة التي تتميز بها “نادية تليش ” هي قدرتها على تقمص الأدوار في وقت قياسي،

إن من يسعى إلى نجاحنا دائمآ هم الأصدقاء و العائلة

مسرح العرائس سمي كذلك لأن بطله الأساسي “عروسة” و ليس شخصية بشرية.

يعد مسرح الطفل حجر الأساس في تشكيل وعي الطفل على أسس ثقافية و جمالية و حضارية

الإيمان بالموهبة هو النجاح والتمسك به هو التفوق ولايقاس النجاح بالموقع الذي يتبوأه المرء في حياته بقدر مايقاس بالصعاب التي يتغلب عليها ضيغة سحر الحياة من تونس الخضراء ممثلة المسرح نادية تليش ،ممثلة محترفة ومحركة عرائس لها رصيد هام من المسرحيات للكبار والاطفال ،حاصلة على عدة جوائز ، فكان لنا هذا الحوار معها لتحدثنا عن تجربتهاومشاريعها في المسرح

إعداد وحوار / راميا شحادة واخراج صحفي / ريمه السعد

تدقيق لغوي/ ميرفت مهران

1-بداية عرفينا بإيجاز عن بداياتك وماهي أهم المحطات التي مررتِ بها من خلال مسيرتك الفنية.

أنا نادية تليش من تونس..ابنة عاصمة المسرح بالجنوب “مدينة مدنين ” استاذة تربية مسرحية ..متخرجة من المعهد العالي للفن المسرحى بتونس..ممثلة محترفة و محركة عرائس، مؤطرة ورشات مسرحية و أمينة مال الجمعية المتوسطية للفنون بمدنين..

بداياتي في التمثيل كانت منذ أن كنت بالثانوية.خلال حصة مادة الانكليزية..كان يطلب منا تقديم مسرحيات قصيرة مع نهاية كل فصل ندرسه.. الجميع حينها لاحظ أني اتمتع بموهبة فريدة ألا وهي فن التمثيل الذي يعد هبة ربانية..فثمنها الكل دون استثناء و ألحوا على أن اصقل موهبتي و اتلقى تكوينا اكاديميا..فكان ذلك ..بعد اجتيازي مرحلة البكالوريا بنجاح..تقدمت لمناظرة الدخول للمهعد العالي للفن المسرحي بتونس العاصمة و هنالك اجتزت اختبارات القبول بتفوق و صرت واحدة من طلاب ذلك الصرح العريق.،الذي كان علامة فارقة في نحت مسيرتي الفنية.

بعد التخرج..عدت إلى مدينتي في أقصى الجنوب، و من هناك انطلقت في رسم طريقي الذي كان حافلا بتجارب مختلفة و مع أهم الأسماء المسرحية..بين مسرح الأطفال و مسرح الكهول و فن العرائس نجاحات أسست سيرتي الذاتية و عمقت حبي للعمل أكثر و العطاء اكثر..

معظم هذه النجاحات كانت صلب مركز الفنون الركحية و الدراميةبمدنين الذي كان له فضل كبير في ذلك..زلل الصعوبات امامي و معه دخلت الميدان الفني من أوسع أبوابه..إذ تحصلت حينها على جائزتي آداء..الأولى كانت بمهرجان المسرح الحديث بالقيروان في دورته الثالثة و العشرين بعمل من إخراج الفنان علي اليحياوي..و الثانية كانت جائزة أفضل ممثلة دور أول بمهرجان مسرح بلا إنتاج الدولي بالإسكندرية-مصر دورة المرحوم الفنان أحمد راسم..

خلال هذين التجربتين كنت قد لعبت أكثر من دور ..،

2-لكل فنان ميزة وأسلوب خاص يميزه عن غيره من الفنانين فما هي الميزة التي تتميز بها نادية وماهو الأسلوب الذي يجعلها راضية عنه؟

الممثل هو تشكيلة من الانفعالات و القدرات التي يعتبرها البعض خارقة أو هي حتى ضرب من السحر، اذ تكون بدرجات متفاوتة لدى كل ممثل،هذا ما نسميه اسلوبا أو آداء خاصا و مميزا..

الميزة التي تتميز بها “نادية تليش ” هي قدرتها على تقمص الأدوار في وقت قياسي، فكأنما هي هو،بالاضافة إلى قدرتها على التلون العجيب بين هذا الدور و ذاك أو حتى في الدور نفسه..و ما يميزها اكثر هي أنها مفاجئة..فمع كل عمل تقدمه،تفاجئك بدور ليس كسالفه، زد على ذلك حرفيتها في لعب اكثر من دور في عرض واحد..

كل هذا لم يكن اعتباطيا و ليس بالصدفة ،فنادية، لا تغيب عن إي تربص أينما كان و مهما كانت درجته..حاضرة في جل التظاهرات الثقافية..تناقش و تبدي رأيها ،تستمع لآراء و نصائح الآخرين بكل رحابة صدر..و خاصة انها تعمل بعين الرقيب..جلسة خاصة مع نفسها بعد كل بروفة أو عرض تقدمه،تراجع فيها اداءها و لعبها ..

3-من دفعك إلى المسرح ومن هي الشخصية المسرحية التي تأثرتِي بها ؟

في الحقيقة إن من يسعى إلى نجاحنا دائمآ هم الأصدقاء و العائلة..

من دفعني للخوض في هذا العالم السحري هي صديقتي و زميلتي و هي تزاول الفن مثلي.. أستاذة فنون تشكيلية.. هي الدافع الأساسي في دخولي المعهد العالي للفن المسرحى بتونس لصقل موهبتي أكثر.. ايمانا منها بقدراتي..إذ كنا نتشارك الآراء و نتقاسمها و نتجادل..و حبنا للفن كان قاسمنا المشترك.

العائلة أيضا كان لها تأثير كبير في مسيرتي الفنية و خاصة الوالدين بالرغم من إنه ليس لنا سلف في عالم التمثيل..إذ أنهم لم يتغيبوا عن أي عرض أقدمه..و لم يفتكوا عن سؤالي و مناقشتي لكل دور ألعبه..

بالنسبة للشخصية التي تأثرت بآدائها و حد الإعجاب هم الثلاثي الخارق ” المبدع حسني..المبدع لطفي لبيب و الرائعة رجاء الجداوي “..

رحم الله الأموات منهم و أطال في عمر من هم على قيد الحياة..بالرغم من إيماني أن الفنان لا يموت و إنما يغيب الجسد و تبقى الروح تحرسنا من بعيد..و أعماله هي أكبر شاهد على ذلك.

4-بعض النقاد يرون أن الدراما التلفزيونية طغت على السينما والمسرح فألقتهما في الظل فما رأيك ؟

هذا موضوع يطول الحديث و السجال فيه..و حسب اعتقادي ما رمى إليه بعض النقاد يمثلني..فالدراما التلفزية اكتسحت السوق و صارت تتصدر قائمة الانتاجات الفنية.. نظرا لغياب الرقابة و الاستسهال في الإنتاج..و نظرا ايضا لغياب سياسة فنية واضحة تنظم هذا القطاع.. العدالة في إعطاء مساحة لكل من هذه الفنون من شأنه أن يعيد لكل من المسرح و السينما مكانتهما لدى المتقبل

6-ماهو هدف المسرح وهل المسرح قادر على تحقيق هدفه الإجتماعي ..؟

المسرح أهدافه كثر و لا يمكن أن نحصيها..و لكن يمكننا حصرها..فهو بالأساس هدفه ترفيهي و من زاوية أخرى هو يطهر أرواحنا من دنس الأفكار الطوباوية و الأحكام المسلمة..و يمنحنا مساحة لمراجعة أنفسنا و بالتالي يعلمنا القيم و الشيم و المبادئ و في الأثناء لا يعطينا حلولا واضحة بل يدفعنا إلى تحصيلها..

سمي هذا الفن ابا الفنون..فهو يجمع بين سائر التعبيرات الفنية..و الأب في معتقداتنا جامع و مؤلف بين الاذواق و القلوب و دال لما فيه صلاح..كذلك هو المسرح فهو يصالحنا أولا مع ذواتنا ثم مع الآخر و بالتالي هو مفتاح لبناء مجتمع مثقف، واع،و متوازن..

من هنا أرى أن المسرح قادر فعلا على تحقيق هدفه الإجتماعي.

7-مسرح الدمى ( العرائس) هو مسرح شخصياته عبارة عن دمى صغيرة تمثل قصة مكتوبة ومعروفة لدى الأطفال بواسطة شخصيات متخفية وراء أصواتها وبأسلوب مضحك برأيك ماأهمية وفوائد مسرح العرائس للطفل؟

مسرح العرائس هو فن آرائي يمزج بين التأليف و التصميم و التشكيل و التنفيذ و الإخراج و التمثيل و التحريك..و سمي كذلك لأن بطله الأساسي “عروسة” و ليس شخصية بشرية.

هذا الفن البديع له أهمية كبيرة لدى محبيه و خاصة الطفل..فهو :

▪︎يسلي روحه و يحركها.

▪︎يساعده على إدراك أن له دور كبير في تغيير واقعه نحو الأفضل .

▪︎و هو وسيلة لتوصيل القيم و المبادئ السلوكية الإيجابية و تقديم رسائل قيمة بطريقة سهلة بسيطة غير معقدة.

▪︎ينمي خيال و الثروة اللغوية للطفل و يطور قدراته الإبداعية….

أما بالنسبة للفوائد فهي عديدة بتعدد قيمة كل واحدة منها:

▪︎فوائد ترفيهية: حيث أكدت بعض التجارب أن العروسة قادرة على إبهاج الطفل لساعات طوال حالة وجود مسرحية عرائسية.

▪︎فوائد تعليمية: تستعمل العرائس كوسيلة بيداغوجية في تقديم الدروس خاصة بالصفوف الأولى فهي تساعد في تحريك خيال الطفل.

▪︎فوائد نفسية : استعملت كآداة علاجية ناجحة خاصة بالنسبة للأطفال الذين يعانون مشاكل في النطق أو هم غير قادرين على التواصل مع الآخرين، فتكون تلك العروسة وسيطا بينهما.

 

8-يُعد مسرح الطفل أحد الوسائل الترفيهية التي تجذبه وتأخذه إلى عالم ساحر يحيا معه وينطلق بخياله ليعيش لحظات داخل هذا العالم

برأيك ماهو أثر المسرح في تنمية شخصية الطفل؟

يعد مسرح الطفل حجر الأساس في تشكيل وعي الطفل على أسس ثقافية و جمالية و حضارية،فهو يفسح المجال أمامنا أكثر لمزيد تطوير قدرات الطفل التعبيرية و الخيالية،لمزيد التخيل و التحليل و الاستنتاج في مواضيع تعتبر حيوية بالنبسة للطفل.

اذ تكمن أهمية هذا الفن الساحر في كونه مجالا حيويا للتغيير في المجتمعات و الاستثمار الثقافي و الفني والجمالي و هو ايضا لبنة بناء مستقبل طفولة واعدة..من هنا تظهر علاماته الإيجابية لتؤثر في شخصية الطفل و تساهم في بنائها و تنميتها لتكون شخصية متوازنة قادرة على البناء و التقدم و التأثير ايجابيا في محيطها.فكلما احسنا بناء شخصيات أطفالنا، ضمنا مجتمعات إنسانية راقية.

9-برأيك ماهو العمل المسرحي الناجح وعلى أي أساس يتم إختيار الأعمال الفنية المسرحية؟

شخصيا أرى أنه ليكون العمل المسرحي ناجحا يجب أن يحافظ على مقوماته الست ألا وهي ” موضوع المسرحية،الحبكة الدرامية، الشخصيات،اللغة و الإيقاع العام للعمل”

بالنسبة لعملية اختيار الأعمال الفنية المسرحية فأنها يجب أن تكون على أساس التجديد في لعب الممثل و طريقة طرح العمل..

10-لقد طغت النصوص الغربية المستوردة على أغلب الأعمال المسرحية برأيك لماذا التركيز على إستيراد مؤلفات غربية؟

يمكن أن ننظر إلى هذا الموضوع من زاويتين مختلفتين.:

الأولى ،أن البعض بقي وفيا للمدرسة الغربية و يعتقد أن النصوص الموجودة ضعيفة بالرغم من أنه لدينا كتاب مسرحيون من ذوي الخبرة و يشهد لهم ببراعتهم و بالقيمة الفنية لكتاباتهم

الثانية، البعض الآخر يسعى دائما نحو التجديد و العمل أكثر على نصوص العربية لما تزخر به من ثراء و تنوع ..

ما يمكن أن أستخلصه هنا هو أن هذا التجاذب القوي بين هذه الرؤى و تلك هو من جعل العلاقة بين المسرحي و النصوص العربية متقطعة و متذبذبة.

من وجهة نظر اخرى،إذا لم نراجع علاقتنا بكتابنا و كتابتنا و لم نؤسس لعلاقة أخرى تواصلية، فإننا سنبقى في تبعية دائمة..

في ختام حديثنا و ليس للحديث نهاية..اود ان اشكر الصديقة و الاخت العزيزة و المتميزة راميا شحادة..على هذا الحوار الشيق..و على الأسئلة المقدمة التي فيها بعد نظر و ذات قيمة فنية..شكرا لصفحتكم على انفتاحها على مختلف الثقافات والحضارات..التي تعتبر جسرا للتواصل و التلاقح بين الفنانين و المثقفين و كل الفاعلين في الحقل الثقافي.

نشكركم على رحابة صدركم..نرجو أن تتواصل لقاءاتنا و محادثتنا..

كل التقدير والاحترام لكم..

إقرأ المزيد وفاء موصللي “كل فترة من حياتي الفنية كانت منعطفا جديدا ..

“صفاء رقماني” مرايا رسمت لي ملامحي وأخاف على ابنتي من الظلم..وهذا سبب اعتذاري عن “ولاد السلطان”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock