حياة الفنانين
“أنيسة حسونة “ملحمة إنسانية قهرت السرطان

كتبت إيناس رمضان
الحياة والموت ، السعادة والشقاء ، الفرح والحزن …
لحظات نعيشها بحلوها ومرها وفجأة تختفي لنعيش النقيض منها وبين هذا وذاك قد تكون غمضة عين وينقلب الحال أو كما قالت النائبة “أنيسة حسونة” “بدون سابق أنذار”.
هذا هو ما حدث مع “حسونة” فقد كانت تحيا حياة مستقرة هادئة مع زوج محب ووسط ابنتيها وأحفادها لتكتشف عن طريق الصدفة إصابتها بمرض السرطان ليقتحم حياتها رفيق عنيد ولكنه يأبى صداقتها .
لذلك احرص أن تحيا كل لحظة في حياتك وتسعد بها وتأكد أن ما تعيشه لن يعود وأن عجلة الأيام تدور دوماً إلى الأمام وأن القادم في علم الغيب فلا تحمل هماً وامضى مطمئناً .
“إمرأة أضافت للوجود وجود”
” أنيسة حسونة ” تاريخ حافل بالإنجازات كاتبة وباحثة سياسية ونائبة بمجلس النواب المصري من مواليد القاهرة 1953 تخرجت من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة.
تعد أول امرأة تنتخب أمينا عاما للمجلس المصري للشئون الخارجية ، كانت من ضمن أقوى 100 امرأة عربية على مستوى العالم في مجال المجتمع والثقافة حيث تم اختيارها من قبل مجلة “أرابيان بيزنس” في 2014.
الجدير بالذكر أن حسونة عضو في العديد من الهيئات الاستشارية للفكر والحريات والمرأة وهي مؤسسة” لنساء من أجل السلام عبر العالم” في سويسرا.
نجحت أن تكون لها بصمة ذهبية في العمل التطوعي.
شغلت منصب المدير التنفيذي لمؤسسة مجدي يعقوب لأمراض وأبحاث القلب لمدة ما يقرب من 8 أعوام .
شغلت أنيسة حسونة العديد من المناصب الهامة على مدار سنوات طويلة من العطاء.
* القلب النابض وتغيير مسار
ظلت حسونة في حالة الإنكار لفترة بعدها قررت السفر للخارج بحثاً عن أمل مفقود، كانت تبحث عن طوق نجاة ينقذها من تلك الدوامة لتصطدم مرة أخري و بهدوء قاتل بعيداً عن أي إنسانية ليبلغها الطبيب في الخارج أنها ستتلقى العلاج لمدة سنتين ويفتك بها السرطان وتلقى حتفها في غضون 5 سنوات لا مفر.
ألا يعلم أن” لكل أجل كتاب” وأن الأعمار بيد الله سبحانه وتعالى قدرها و حددها.
رغم قسوة كلمات الطبيب إلا أنه لم يكن هذه المرة السبب في كسر قلبها وإنما خوفها علي ابنتها التي ترافقها خوف الأم الممزوج بالحب ذلك الخوف الذي يدفع الأم أن تنسي الآلام مهما كانت في سبيل أن تمحو نظرات الحزن والخوف من عيون أبنائها.
في ذلك الوقت أدركت أنيسة أن كل شيء سيبقى كما هو وأنها هي التي سترحل لا محال فقررت أن تعيد ترتيب أولوياتها وأن تحيا ما تبقى لها في سعادة وحب في أحضان أسرتها وتشبع من أحفادها محاولة منها لترك ذكريات لا تنسى ونسيت أن بصمتها في قلوب الكثيرين وحبها سكن القلوب، وقررت أن تبدأ رحلة العلاج في الخارج لصعوبة الحالة وخطورتها في نفس الوقت.
أبلغ الأطباء حسونة قبل العملية أن هناك 3 مسارات للعلاج ويتحدد أيهما أفضل أثناء إجراء العملية وقد استغرقت العملية حوالي 12 ساعة تم خلالها استئصال الرحم والمبايض وقنوات فالوب وجزء من الأمعاء الدقيقة و الغليظة والزائدة الدودية.
لتبدأ بعدها مرحلة العلاج الكيماوي القاسية الكفيلة بأن تحطم كل ما بداخلك إن لم تكن صابرا راضياً بقضاء الله وقدره.
* لعل الخير يكمن في الشر
قبل اكتشاف أنيسة لإصابتها بالسرطان كانت تشغل منصب المدير التنفيذي لإحدى المؤسسات الشهيرة طيلة 8 سنوات تقريباً وبدون سابق إنذار وبوجوه من ثلج علي حد تعبيرها فوجئت بقرار الاستغناء عنها وهي التي ظلت تعطي بكل ما تملك من قدرة على العطاء لقد ارتبط اسمها في ذهن الكثيرين بذلك الكيان فشعرت أنهم انتزعوا قلبها من بين ضلوعها بدون رحمة وشعرت بقهر شديد لم تشعر به قط في حياتها من قبل .
ولكن ما حدث ما كان إلا فضل من الله فقد أدركتها عناية الرحمن لتكتشف ذلك اللص الخفي في الوقت المناسب قبل أن يسرق سنوات العمر في صمت.
ولأن عطايا الله لا تتوقف استطاعت أنيسة أن تكتشف الأديبة التي بداخلها وتمنح الأمل للكثيرين ممن تملك منهم اليأس وتزرع القوة في قلوب عدة لتتحدي السرطان حيث أصبحت من أصدق الأمثلة الحية على مواجهة ذلك المرض القاسي .
