بقلم : عبير منون
(قاصة و سيناريست وفنانة تشكيلية )
قرأت بعضا مما سطرته أنامل الفنان الممثل توفيق إسكندر لأجد نفسي أمام شخصية جديدة بوجه أدبي مخالفة للصورة التي أعرفها عنه أنا وغيري من جمهوره الذي يتابعه ويتابع أعماله الدرامية والسينمائية فهل ماكتبه هو تصوف أم فلسفة أم خواطر؟
في الحقيقة لايهمني تحت أي عنوان يندرج هذا المنتوج الأدبي كل مايهمني أنني أقرأ عملا مميزا وقد تزين بمفردات روحانية وجدانية تشع بالتشويق
لقد أعاد هذا العمل لذاكرتي ماكتبه الحلاج المفكر الشاعر المتصوف والذي قدم حياته ثمنا لما أعلنه من أفكار فالإسكندر يقول :
صار الأمر حقيقة وبقي الأنين في حضرة كون ماسيكون، في حضرة آااه التكوين المكنونة ، لنكن ياربيبة الروح في جلال هذا التكوين ، نعانق الآتي بهدب العيون ..فنحن من قدرة الخالق بين الكاف والنون ..كن وكلي بك أكون
فيشابه في ترتيب الكلمات والمعنى
ياكل كلي فكن لي
إن لم تكن لي فمن لي
يامنطقي وعباراتي وايماني
ياكل كلي ياسمعي ويابصري
ياكل كلي وكل الكل ملتبس
من يقرأ حوار الروح للروح سيعبر الزمن في أجوا ء مفعمة بالحب والسكينة بمعانيها السامية لتعيد التكوين الأدبي مع الإيمان الخارق للطبيعه ضمن سياق منفصل عن البعد الداخلي للذات
وقد جمع فناننا الاسكندر بين الروحانية والشاعرية والوجدانية في تسامي المفاهيم الإنسانية والاجتماعية وان دل هذا على شيء فهو يدل على عافية الأدب وفاعليته بالأبعاد الروحانية ،ولكن بمنظور فنان يعشق الأدب الإيحائي فالوجع قائم ومعاناة الروح العاشقة لامرأة واضحة كل الوضوح ، وهذه المرأة متربعة في قلبه وروحه ولاسبيل للتخلص منها :
عاقريني الكأس واسكبي من دنان الحب خمرك
واغرقيني بسكر المدام …
ياويلي منك كأسك ..
أسكرني ..زلزلني..صرعني بكلك
انها رسالة فلسفية روحاانية قدمها الفنان توفيق إسكندر محاولا إيضاح الحال التي آلت إليها نفسه العاشقة ولكنه لم يستطع إخفاء آلامه وأوجاعه والصراع بين ذاته وروحه.
النص موضوع الدراسة :
حوار الروح للروح
هيأت الروح مرآتها وخاطبت ذاتها بما يليق بأسرارها وكينونتها من عظمة خالقها الذي اختص ذاته بعلمها ومعرفتها ..ففاضت الروح بالروح وهمست لحنينها تعبداً وتعشقاً وأسدلت ستائر رموشها لتبقي للحظة روعتها في شرنقة الوجود الأزلي الذي لايعرف سوى الحب في عالم ساحر تزينه المحبة المطلقه منذ التكوين إلى ما لانهايه تغوص مبحرةً في سر الجمال والأبديه .
في البدايه لوحةٌ فنيه , أزهار جميله متقنة الإبداع أُرسلت لهاجة الروح في ليلةٍ يضج بها طيف حب وشبح اشتياق , مساء معطر بأريج زهور روحك النقيه ..هو المساء بخصوصية عزلته ووحدته مع همس الروح بعد أن راقت اللوحة لنفسها المطمئنه وزادت في نعيم القول لأنها من جنة إحساسك أُختيرت ، والإحساس موصولٌ بالروح ، والروح للروح صلة التشابه إن وصلت .
أيتها الرائعه أُرسلت لعمق وجميل إحساسك وبديع روحك .
هكذا ابتدأت الحكايه في الليلة الغرّاء وأشرق همس الروح من كلينا فأينعت زهور عطائها بأحرف سمت إلى مافوق المدرك من الإحساس المعلوم .
من ذاك الوصال لامست نفحات روحك بتلات زهور روحي فنثرت العطر ،فأنعشت الصدر بعذب العبير .
تساءلت الأنفس بعد سلسبيل كلماتها وعبق الحروف ، هل الإحساس وهم أم حقيقه ..يسأل العقل مدارك الروح ؟كل محسوس مدرك إن لامس كلنا في وعيٍ عالٍ برقيٍ وشفافيه متى كان محسوس بعمق في لحظات الصفاء ، يصبح ملموساً وكأنه حقيقة الوجود ..لكنه حقيقة الإدراك في الواقع .هذا سر النعيم به أنه متجرد من المادة ، روحيٌ خالص لايحكمه المسافات .
عذبةٌ هي لحظات التأرجح بين العقل ومسوغات الروح ، وذاك الهمس المولود برفق السماء واليوم الموعود ، كم يضيء شعاع الأثير من دروب عذبةٌ وكأنهانعيم جنة في السماء ، تشرق بالنور وصالاً على تراتيل ترنيمة حب ..قالت الروح ..نعم إنه الحب ..الحقيقة المضيئه كبلورة الكريستال وانكسار الألوان المبدعه ..جوهرةٌ أزلية التوهج ..نعم هي روحك المثال والصورة ..تحاكي ذاتها من جديد مأخوذةً بسحر الزمان وبعد المكان ..بل هي من روحك أشرقت وعلت ..لؤلؤة ندرتها من ندرة المحارة التي تحتويها وترى مكنونها .
سكتت الروح همسةً في زمن ضوئي المحال وباحت : هي أنتِ تلك اللؤلؤه النادرة التكوين ..هو الأمر وحق المقال تتردد الكلمات في تدوين أحرفها فيسبقها الحرف ليبوح بها ..تهمس من جديد بطيب الجمال : حبر الروح على صفحات الإحساس بريشة الأنا من حروف الأنتِ .
أي بدعة وروعه في التعبير هذا ..كم تعاقبت تلك الروح وتعددت تلك الروح على حياتات متلاحقه سحيقةٍ في القدم حتى تجيد التعبير بهذا ..وتضيف : حبر الروح هو وهج الإحساس المدرك الخجول في بحور أناك ..بصمت خجل الأنات تصوغ الأنفاس بحبر ..إلا حروف لغة الإحساس ..الأنا أنت جمعت بالأنات في بيان الروح لغة ..بهجة وحبور في عالم مسحور نعيم ترياقه إنصهار الموجود في حضرة النور .
الأنات سر يأخذنا إلى عالم إحساسه ينعش الصدور بل نرتشف منه خمرة وصال تسكرنا فنطرب بين حدائق وزهور ..هكذا الروح تبوح بالأسرار وتنثر الدرر من الصدور لترد الروح للروح ..رباه ماهذا السحر المخيم على هذه الليله ..مباركةٌ لياليك ..أزهرت السماء نجوم عذب الوصال ، طافت خمرة في بحارٍ من شوق وحيره ، أثملت قلباً ترنح في حمأة الهوى ،يطرب روحاً تاقت لعصف الجوى ، أين ..أين ؟ في زمان بلا مكان يصرخ الحنين أين اللقاء ؟
حلقت الأرواح بعوالمها وبزبد ذاك الموج عُتقنا ، فسكرنا في لحظة أفنت المكان وأوقفت ناموس الزمان ونبضات الأنفاس ،عدّاد ينبض بلا توقف على مقام الوصال بلحنٍ شذي ..حلقنا بعيداً في الأعالي والسماء أمطرت عطركِ في أرضٍ كانت يباب ، والسماء بنورها استقبلت ببركتها تشريف المنال ..لرباك كل الجمال ومن نعم المعبود صارت الأماني وانكتب المحال ..لمحرابكَ قداسة ، تيممت بصلاتي فيها بعمق الحال ..والمحراب نادى فيه المؤذن حيَ على الوصال …إقامة الصلاة في مناجاة روحِكَ..تهليلي البدء بطقوس التنوير بخشوعٍ كليٍ في ذاك المسير ..خمرة كلي ياأنا من رحيق كلك ..في رقصة الوصال هزت الأوصال وزادت شوقاً في جوفه يزلزل الجبال ..جودي أيتها النفس بخمرة الوجود وتنعمي وأنعمي عليَ بنعمة الطقوس حيث كلي في درب كلك يسير ..صار الأمر حقيقه وبقي الأنين في حضرة كون ماسيكون ، في حضرة آااه التكوين المكنونه ..لنكن ياربيبة الروح في جلال هذا التكوين ، نعانق الآتي بهدب العيون ..فنحن من قدرة الخالق بين الكاف والنون ..كن وكلي بك أكون ..وكوني لكونك معاً نضيء ظلام السنين .أيُ ليلة هذه ..أي سحر هذا ..ساحرةٌ أنت فتعالي لنروي ماوصلنا إليه بعبق من حبور السطور ..لنرتشق ونُسقى من رحيق الروح نعيم خالص مصفَى نقيٌ لايروي بل يُسقي يامالك الروح ..تعالي ياهمس الروح ، أسقنيها ظمأي أنهك مني عذوبة الحلم ومعنى الأماني..سامحي شوقي لرغبة الإبحار بك .
بل ياحبيب الروح شوقُكَ بشوقي إبحارُ أرواحنا خضته في ذاك الوصال ..إبحاركَ يُسكر كلي وأغدو في لاوعيٍ من أسطولك.آهٍ منك كم أنتِ كون بديع وكم تنعشي القلب والروح ..كم أنت سكري وعذب أمنياتي ياجميلة أحلامي أبحث عنك وألقاك ..آااه منك في أحلامكَ أنا حبيسه وأميرةً لقصر كلك لتنعش بالعمق أوصالك وتنتشي ياربي الروح بكلنا آهات العذوبه ..كم هو هذا الحلم جميل ولهذه الروعة أناشد عذب اللقاء ..خبريني ياجميلة الحلم وعروسه فقد تلعثمت أنفاسي ..ضاق بي البعد حتى كواني ..من أين تأتي بهذا الوصف ياحبيب كل ليله أخذتني أنفاسك مني إليك فأصبحت في قمرتك بين مصرعيك بمناجاة وصال جعلتني الليله خليةٌ لديك .منك وإليك وهج الغرام ياحبيبه ..وبك ومني إليكَ عذب المدام بكأس مزاجها من تسنيم ..عاقريني الكأس واسكبي من دنان الحب خمرك وأغرقيني بسكر المدام ..ياويلي منكَ كأسك أسكرني ..زلزلني ..صرعني بكلك دثرني ..كما تحبين غطاء لكِ أكون ونبض الصدر وساده ..أطعميني من شهد مالديكِ ..دفئيني ..شهدي لكَ والرحيق ..لبيكَ في وصلكَ ومستقر صدركَ ينبض قلبك ..يلامس أنفاسي بتناغم وصال ..ماهذا الشعور الملائكي التكوين ..آهٍ من عذب اللقاء ..بالأنفاس أحرقيني ولرمادٍ حوليني وبأنامل قلبك مسديني ..همسكَ أذاب حنيني يامهجة الروح أشرقت ليلتي بك وألهبت براكين شوقي أطفئيني .ياحبيبي كلي لك نبعٌ عذب ..إرتشف منه ليبرد بركانك بكل ذراتي التي تقطر على جسدكَ بشفافية الورد من شفتيك إلى جذورك ..أيتها الروح لندى المسامات على طهر الجسدالحبيب أغني لكل رعشةٍ عند تراقص الجسد منك ومني عبق الغرام يمطر حتى القدمينكم انتظرت نبض وهجك يقيناًلتحرقيني تغرقيني بوابل من لهفةٍتكوينيسأشتاق أناك كل لحظة في كل ليله ..مغرم بك من بعد البعيد فكيف نكون بالقرب ..ياحبيبي آهات الشوق وصلت للمسام قبل كلك فأشعلتني من ضمة صدرك ..أبدعت بي ياأميرة الروح غراماً ..ساحرُ هواك..فماذا أقول بعد كل السحر هذا .أين أنت ياشعلت الغرام ؟ كيف الطريق إليك ؟
(في قنديل زيتك أشتعل )
أجابت وأفاضت .