بقلم: لميا بانوها
ألوم على القائمين بمنظومة التعليم أنهم جعلوا مادة الفلسفه تقتصر فقط على شُعبة الأدبي،وأخص في الفلسفه المنهج الديكارتي وتحجيمه في باب ضمن ماده، هذا المنهج الذي وضعه الفيلسوف رينيه ديكارت والذي لُقب بأبو الفلسفه الحديثه وصاحب المقوله الشهيره
‘أنا أشُك إذن أنا موجود’ والذي دعى إلى خلخلة المُسّلمات واستنباط حقائق جديده وحديثه
وهذا لا يأتي إلا بحقنه من الأسئله التي هي مفتاح الحقيقة التي يتوصل إليها العقل.
فعلى مستوى الفرد حين يكون بصدد مشكلةٍ ما فإن الأسئله التي يعقدها بين النفس والعقل تكون هي المفتاح لإستكشاف حقائق وحُلول جديده ماكانت معروفه قبل ذلك ولكنها تتلائم
مع فِكرة واحتياجات، فعلى سبيل المثال لا يستطيع الطبيب تشخيص المرض إلا بعد طرح عدة أسئله على المريض حتى يتحقق من شكوكه والإفتراضات التي وضعها حتى يستنتج حقائق جديده حول المرض،وهى نفسها الوسيله التي يعتمد عليها الصحفي للبحث في قضيةٍ ما،وأيضاً القاضي كي يقوم بالبت في قضيةٍ لابد وأن يمُر بعدة أسئلة حتى يصل لحقيقة يطمئن لها.
فالسؤال هنا تختلف غاياته من فهم موضوعٍ ما،أو سؤال لفهم ذواتنا عندما نتسآل ماذا نُريد
وما الذي نسعى إليه،وماذا ننتظر، إلى أسئله لمعرفة نوع علاقاتنا بالآخر، مَن يكون،وما هي الغايه من التواصل.
في عالمنا العربي من أهم الأسباب التي جعلت المجتمعات لا تُنتج أي جديد أنها لم تواجه العلوم والمفاهيم الموضوعه وحتى القوانين بشكل من الجُرأه والصراحه لذلك توقفت المجتمعات العربيه عند التراث والقديم، وسِرنا عليه دون النظر إلى زعزعة تلك الحقائق لاستنتاج حقيقة جديدة تتماشى مع الفِكر الحديث الذي يصُب في مصلحة الانسان.
في العالم العربي تأسست مناهج التربية في الذهن على الإتباع وليس الإبداع أي التقليد والخضوع للنظام القديم القائم،وهو الفِكر الذي رآه الأجداد مقبول لنقله إلى الأبناء،وهنا تتحكم النزعات الأبويه في حصر أسئلة الطفل ضمن قائمة المحظورات من وجهة نظره
فالأب يرى أن الإبن يجب عليه الإنصياع خلف الأوامر دون إبداء أي إعتراضات والإجابات تُغلفها النمطيه والبتر، أما عن الإبن فلازال يتعرف على العالم من حوله، فطبيعي أن يطرح الأسئله الكثيره حتى يطمئن ويبدأ بفهم العالم المجهول شيئاً فشيأً وهذا لا يحدث فينشأ الطفل على استسهال التقليد والنقل لأن فِكره لم يتعرف على غير ذلك، لذلك كان منهج ديكارت ان يشُك في كل الحقائق الموضوعه طالما وضعها أفراد آخرين حتى يتوصل للأفضل فيشعر الإنسان بوجوده وقيمته في الحياه.
فالعلوم تُدَرس على أنها حقائق غير قابله للشك أو التغيير، وتنتقل من جيل لآخر دون الحاجه الى طرح أسئله للتأكد من مدى فاعليتها بعد مرور سنين على وضعها، مع أن بعد تفكير قليل نفطن إلى ان تلك الحقائق تُعتبر نسبيه حتى يثبت العكس.
لذلك تُهدر جميع قدرات الفرد وامكاناته وتتقلص إبداعاته حتى تكاد تندثر في بيئه مليئه بالتكرار والنقل،وبالتدريج تضيع الرغبه في المعرفه التي يُعبر عنها بواسطة التساؤل،وخوفاً من أن يُتهم بالعجز عن الفهم والإستيعاب لا على أنها تنبع من حاجته إلى الاستطلاع والفهم، بالتالي يفقد القدره على تحليل أبسط الأفكار للوصول لحقائق جديده.
لذلك من الضروري أن تعي المجتمعات العربيه قيمة الانسان وإعادة الاعتبار له والإنفتاح على كل فِكر جديد يستند على القديم لإخراج الأحدث والأنفع للإنسان.
وحتى لا نُتهم بثباتنا على التراث والقديم وعدم القدره على الإبداع ونقف ناظرين على مجتمعات أُخرى مالها من حضارات ولا أُصول، لكنها تسير بشكل تصاعدي نحو الأحدث و
لم يتأتى هذا إلا من إعلاء قيمة الإنسان، هو صاحب كل تطور، وهو الوحيد الذي له القدره على الفعل والشك والتغيير