أخبار وفن

الناقد ملهم الصالح ” المسرحي لؤي شانا تجاوز تشيخوف في “موت موظف ” والمسرح يحتاج إلى قرار سياسي وميزانية مفتوحة

إعداد وإخراج صحفي/ ريمه السعد
تحرير /ريمان قصص و هنادي صهيوني تدقيق لغوي/ ميرفت مهران

المسرح هو أبو الفنون وأمل المستقبل، كما يعتبر مقايضة فنحن نأخذ من مختلف الثقافات والأذواق لكي نعطي من ثقافتنا وذائقتنا العربية. المسرح ليس مختبراً للتجارب بل هو توازن وتعبير بغرض التأثير. وفي جميع مناحي الحياة هناك ما هو سلبي وإيجابي. ولكي نتقدم علينا أن نقبل النقد بناءاً كان ام هداما. نفتخر بالبناء ونحافظ على الاستمرارية ونتعلم من الهدام ونأخذه بعين الاعتبار لنقوم بتقديم الأفضل. وهذا ما أفادنا فيه الناقد الإعلامي ملهم الصالح عن العرض المسرحي موت موظف.

        لؤي شانا رصد ما بعد موت الموظف

هناك تجاوز من المخرج لؤي شانا في عرضه المسرحي “موت موظف ” لما طرحه تشيخوف في نصه قصة قصيرة موت موظف منذ 150 عام

أي أن لؤي شانا عندما عاد إلى هذا النص وأعده وقدمه حاول أن يتجاوز طرح تشيخوف حيث أصبح يرصد الحدث ما بعد موت الموظف

                بلد لا تجيد العطس

يحاول تشيخوف أن يقول في قصته أن الإنسان عندما يقوم بأبسط الأشياء يخاف من أن يكون قد ارتكب إثماً فيموت من شدة هذا الرعب أما لؤي شانا قال أن إنسان اليوم الراهن إنسان سورية يموت حتى دون أن يعطس. ويمرر عبارة في اللوحة الأخيرة.. على الأقل يوسف عطس فمات ولكن هناك أناسا تموت دون أن تعطس

كما مرر عبارة أخرى إنها بلد لا تجيد العطس وبالتالي في ذلك إشارة إلى أنه بلد واقع بالعجز تماماً عن أن يقوم بأي فعل يهدف إلى تغيير واقعه المرير

العرض المسرحي تضمن خمس لوحات تمثلت بالآتي:

اللوحة الأولى: السينما جمهور يحضر فيلم ما وفيها يعطس الموظف الذي يكون أحد الجمهور على المسؤول.

اما اللوحة الثانية: عندما يعود الموظف إلى منزله

الثالثة :عندما يذهب الموظف إلى مكتب المسؤول ويموت هناك.

الرابعة تحدثت  عن عزاء الرجال و النساء.

وختمها باللوحة الخامسة :كانت في المقهى او الحانة وفي لحظة ما تصبح ساحة. يتجمع فيها أهالي القرية أو البلدة.

اقرأ موضوع ذات صلة مسرحية موت موظف…… عطسة تحوي شيفرات

 إشارات مباشرة وغير مباشرة ورسائل خفية

الشيفرات والأفضل أن أسميها إشارات حيث وجد في النص إشارات مباشرة او غير مباشرة أو هناك رسائل ربما تكون خفية مررت بالعرض المسرحي وبالتأكيد هناك إشارات اشتغل عليها المخرج لإيصالها للمتلقي ووضعه في الأجواء وفي الفضاء الذي يريد أن نكون فيه أو أن نتأمل هذا الواقع يطرحه أمامنا لنستنتج منه نقاطا يريد أن نفكر فيها ونتأملها جيداً.

ومن هذه الإشارات اللهجات المتنوعة: وهذا يعني أن الحال ينطبق على كافة الجغرافية السورية ولا يعني فئة بعينها أو شريحة أو مدينة أو قطاع.

كما مررت بعض الأغاني الموجودة بالذاكرة الجمعية وكان الهدف منها الإشارة إلى بعض النقاط كانت موظفه ولكنها ليست بالشكل الكامل فكانت بحاجة إلى دراسة ورعاية أكثر فيما يتعلق باستخدام هذه المقاطع في العرض. وأيضا أن تكون نهاية العرض أغنية لجوليا بطرس من هلأ لبكرة كانت تحوي إشارات عدة. واستخدمها شانا في تحية العرض الختامي. كما أن تحية الجمهور من قبل الممثلين كانت مدروسة وذات ترتيب وتنسيق من قبل المخرج.

من هلأ لبكرا

قولك شو بصير

من هلأ لبكرا

رح نسمع كتير

كلمة نمحيا

وكلمة ننسيا

ونفكر بكلمة

نفزع نحكيا

يمكن بكرا توعى

وما عبالك بال

ويقولولك أوعا

تسأل شي سؤال

وغناني نغنيا

لكن ما فيا

لا نغمة لا كلمة

الصوت بيكفيا.

ومن الإشارات المهمة التي عرضها العرض هي:

انشغال النساء بالمكياجات والتنزيلات والثرثرة

وانشغال الرجال بكلمات التأبين أو التناحر فيما بينهم والجلوس في الحانة أو المقهى

المثقف ودوره السلبي في محيطه فهو لا يجيد إلا الشعارات والخطابات

في مقابل اعتدائه على حق أخبه واقتتاله معه

لا يمكن أن نقول نجاح العرض مطلق، و لا يمكن أن نقول حضوره مبهرا

انحاز العرض لرغبة الجمهور كونه بسيط، سهل الطرح، وباللهجة العامية، مفهوم، كوميدي، يمس الواقع السوري بشكل مباشر

كان حضور الجمهور لافتا حتى باتت صالة مسرح الحمرا ممتلئة عن بكرة ابيها لآخر يوم العرض ،هذا المشهد يمكن أن نلحظه في العروض التي يقدمها بعض نجوم المسرح مثل عروض غسان مسعود وأيمن زيدان خلال الأزمة السورية طبعا حتى سنوات قليلة ماضية

لا يمكن أن نقول كان نجاح العرض مطلقا، و لا يمكن أن نقول حضوره مبهرا مثل هذه العروض تسعى إلى تصالح الجمهور مع المسرح.

  ملاحظات جوهرية على النص ومضمونه ومنطقيته.

لحظة الانتقال والرغبة في التغيير ، الجميع في حالة خوف وعجز و رهب فجأة يهبون مستلهمين الشجاعة من روح الموظف الفقيد (يوسف) بدون أي دافع منطقي أو مبرر،

لينتقلوا من حالة الخوف والتشرذم إلى الجرأة ووحدة الصف فـ هذا الحدث كان النقطة المفصلية الأهم في العرض

1_لعب الممثلون أكثر من دور، وهذا فرضه العرض لعدم تضاعف عدد الممثلين.

2_قسم الخشبة لمستويين، عالي متنفذ جدا و منخفض مسحوق دلالة على غياب الطبقة الوسطى او ماهو غاب ما هو وسطي

3_الإضاءة ربما تحتاج تصميم ورعاية اكثر لتؤدي المتعة الجمالية البصرية لبعض اللقطات والمشاهد في العرض.

4_الغناء المفتعل مباشر مجاني وغير مبرر مثل دخول أحد المعزين وهو يغني موال عتابا حتى لو حزين مشهد غير منطقي، والغناء في الحانة كان للاستعراض اكثر من إن يخدم العرض.

5-أداء الممثلين يحتاج إلى إدارة ممثلين وتشذيب في كثير من المفاصل والشخصيات مثل أداء السكرتيرة.

اقرأ أيضا فيلدا سمور ” موت موظف “عمل مسرحي شيق وبعيد عن الملل

    البطولة كانت لـ باسل حيدر وعلي القاسم

لم تكن البطولة جماعية، كان هناك مساحات للممثلين ابرزوا فيها مواهبهم لكن البطولة كانت ل “باسل حيدر

بأدائه الذي ينم عن طاقة مسرحية هائلة والأستاذ الخبير علي القاسم الذي كان أداؤه خبيرا لكن يحتاج لأكثر إدارة ورعاية وتشذيب.

  إقبال جيد لا يشكل عودة حميدة لمسرح مغبون

المسرح ظاهرة ثقافية حتمية، وجوده ضروري ليس كماليا، كي يعود يحتاج إلى ميزانيات وشروط ومقومات، و لا تقتصر هذه المقومات على كفاءات و حضور جيد ، انما تحتاج إلى موازنات وإمكانيات منها الدعم والترويج، كثير من المقومات غائبة حتى عن المنتج المسرحي بالتالي إقبال جيد لا يشكل عودة حميدة لمسرح مغبون.

             طاقات مسرحية جديدة

من الواضح هناك طاقات مسرحية لدي الممثلين الجدد، هذا ما يضع مهمة استثمار هذه الطاقات في عروض أخرى على عاتق المخرجين والعاملين بالمسرح.

         ما يحتاجه المسرح اليوم

ما ينقص المسرح اليوم هو قرار سياسي من الجهات المعنية وتدخل على اكبر المستويات لنهضة مسرحية تنعش الواقع المسرحي، وأهم المعضلات التي يعاني منها المسرح، الميزانيات الخجولة التي ترصد الأعمال المسرحية هي أول وأهم تحدي يقف عنده المسرح، وثاني التحديات يمكن أن تذلل ويتم العمل على تجاوزها،

والمسرح السوري لا يختلف عن المسرح في البلدان العربية المجاورة والعالم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock