بقلم الأستاذة بن كتيلة فتيحة مختصة في علم النفس الجزائر
أصبحت العديد من المدارس تعاني من ظاهرة العنف المدرسي بمختلف أنواعه ، مما يؤثر سلبا على النتائج الدراسية وعلى العملية التعليمية والتربوية ، وتعتبر من أخطر المشكلات السلوكية لدى تلاميذ المدارس بمراحلها الثلاثة ( ابتدائي، متوسط، ثانوي)
ولهذه الظاهرة التي صارت تنتشر بشكل رهيب عدة أساب ودوافع .منها الإعلام وإهمال الأسرة في التربية ، والمناهج التربوية المكثفة والفارغة من القيم التربوية والاجتماعية ، بالإضافة إلى قلت الأنشطة اللاصفية في المدارس.
تعريف العنف
والعنف كما عرف نظريا هو كل تصرف يؤدي إلى إلحاق الأذى بالآخرين ، وهذا الضرر قد يكون جسميا أو نفسيا ، فالسخرية والاستهزاء من الفرد وفرض الأراء بالقوة وإسماع الكلمات البذيئة جميعها أشكال مختلفة لنفس الظاهرة.
أسباب العنف المدرسي
أجمعت أغلب الدراسات النفسية والاجتماعية على أن سلوك العنف سلوك مكتسب يتعلمه الفرد في أثناء عملية التنشئة الاجتماعية منذ وقت مبكر في حياته وذلك من خلال العلاقات الشخصية .
أسباب العنف المدرسي بين الطلاب
– عدم الاهتمام بالطالب وعدم الاكتراث به مما يدفعه الى استخدام العنف ليلفت الانتباه لنفسه.
2- عدم الشعور باحترام وتقدير الآخرين.
3- عدم الشعور بالأمن.
4- التعبير عن مشاعر الغيرة.
5- استمرار الاحباط لفترة طويلة.
6- تشجيع بعض الأسر للأبناء على مبدأ “من ضربك فاضربه”.
7- الاعتقاد بأن تخريب ممتلكات المعلمين يساعد على تغيير معاملة المعلمين.
8- العقاب البدني.
9- ضعف القدرات التحصيلية التلميذ الضعيف في العادة يمارس العنف كتعويض
10- تساهل المدرسة في اتخاذ الإجراءات النظامية ضد الطلاب العدوانيين.
11- مشاهدة أفلام العنف وهذا يؤكده استطلاع أجرته مجلة “المعرفة” التابعة لوزارة المعارف لمعرفة مدى تأثير الإعلام في تغذية السلوك العدواني عند الطلاب إذ جاءت النتيجة من وجهة نظر المعلمين أن 50% منهم أوضح أن أسباب العنف الطلابي
تعود إلى الأفلام المثيرة والعنيفة. وذهب نحو 22% من المعلمين إلى أن الأسرة أحد أسباب ظهور العنف بين الطلاب، وذكر 2% من المعلمين أن للبيئة المدرسية أهمية في معالجة العنف الطلابي
12- عدم التعامل الفردي مع الطالب، وعدم مراعاة الفروق الفردية داخل الصف.
13- لا يوجد تقدير للطالب كإنسان له احترامه وكيانه.
14- عدم السماح للطالب بتعبير عن مشاعره فغالباً ما يقوم المعلمون بإذلال الطالب وإهانته إذا أظهر غضبه.
15- التركيز على جوانب الضعف عند الطالب والإكثار من انتقاده.
16- الاستهزاء بالطالب والاستهتار من أقواله وأفكاره.
17 – رفض مجموعة الرفاق والزملاء للطالب مما يثير غضبه وسخطه عليهم.
18- وجود مسافة كبيرة بين المعلم والطالب، حيث لا يستطيع محاورته او نقاشه حول علاماته او عدم رضاه من المادة. كذلك خوف الطالب من السلطة يمكن أن يؤدي الى خلق تلك المسافة.
19- الاعتماد على أساليب التلقين التقليدية.
20- عنف المعلم اتجاه الطلاب.
21- عندما لا توفر المدرسة الفرصة للطلاب للتعبير عن مشاعرهم وتفريغ عدوانيتهم بطرق سليمة.
22- المنهج وملاءمته لاحتياجات الطلاب.
23- – التأثر فيما يعرض في القنوات الفضائية وخصوصا تلك البرامج الهابطة .
24 -ضعف دور الأسرة في توجيه الأبناء والحرص على نشأتهم نشأة صالحة فالدلال هو الصفة السائدة بين الآباء والأمهات .
-25 التركيز في المدارس على المعلومات دون التركيز على الأخلاق والصفات الحميدة .
-26 من أسباب انتشار تلك الظاهرة بعض قرارات وزارة التربية التي أضاعت هيبة المعلم والمعلمة .
27- أصدقاء السوء والتأثر بهم هذا سبب من أسباب العنف المدرسي وكم لاحظنا طلاب كانوا مميزين وخلقهم رائع لكن بسبب مرافقتهم لأصدقاء السوء تغيرت أخلاقهم .
28 وقت الفراغ الكبير غير المستغل وغياب توعية الطلاب بأهمية المشاركة في الأنشطة الطلابية وعدم قيام أولياء الأمور بتوعية أبنائهم بأهمية العلم .
29- ضعف الوازع الديني .
30- سمة التقليد بين الطلاب المراهقين تعتبر من أحد أسباب انتشار العنف .
أشكال العنف المدرسي : للعنف المدرسي عدة مظاهر وأشكال منها :
من تلميذ لتلميذ– السب والشتم.
– الضرب : باليد – بالدفع – بأداة – بالقدم وعادة ما يكون الطفل المعتدى عليه ضعيف لا يقدر على المواجهة وبالذات لو اجتمع عليه أكثر من طفل .
– التخويف : ويكون عن طريق التهديد بالضرب المباشر نتيجة لأنه أكثر منه قوة أو التهديد بشلة الأصدقاء أو الأقرباء .
– التحقير من الشأن : لكونه غريبا عن المنطقة أو لأنه أضعف جسما أو لأنه يعاني مرضا أو إعاقة أو السمعة السيئة لأحد أقاربه .
– نعته بألقاب معينة لها علاقة بالجسم كالطول أو القصر أو غير ذلك، أولها علاقة بالأصل ( قرية – قبيلة)
من تلميذ على الأثاث المدرسي :
– تكسير الشبابيك والأبواب ومقاعد الدراسة
– الحفر على الجدران .
– تمزيق الكتب .
– تكسير وتخريب الحمامات .
– تمزيق الصور والوسائل التعليمية والستائر .
من تلميذ علي المعلم أو الإدارة المدرسية :
– تحطيم أو تخريب متعلقات خاصة بالمعلم أو المدير .
– التهديد والوعيد .
– الاعتداء المباشر.
– الشتم أو التهديد في غياب المعلم أو المدير .
من المعلم أو المدير على التلاميذ :
– العقاب الجماعي ( عندما يقوم المعلم بعقاب جماعي للفصل (القسم) سواء بالضرب والشتم ، لأن طالب أو مجموعة من الطلبة يثيرون الفوضى )
– الاستهزاء أو السخرية من طالب أو مجموعة من الطلبة .
– الاضطهاد .
– التفرقة في المعاملة .
– عدم السماح بمخالفته الرأي حتى ولو كان الطلب على صواب .
– التهميش .
– التجهم والنظرة القاسية .
– التهديد المادي أو التهديد بالرسوب .
– إشعارا الطالب بالفشل الدائم .
كيفية الحد من ظاهرة العنف المدرسي :
1- العمل على الجانب الوقائي بحيث يتم مكافحة العوامل المسببة للعنف والتي من أهمها :
– نشر ثقافة التسامح ونبذ العنف .
– نشر ثقافة حقوق الإنسان وليكن شعارنا التعلم لحقوق الإنسان وليس تعليم حقوق الإنسان.
– عمل ورشات ولقاءت للأمهات والآباء لبيان أساليب ووسائل التنشئة السليمة التي تركز علي منح الطفل مساحة من حرية التفكير وإبداء الرأي والتركيز على الجوانب الإيجابية في شخصية الطفل واستخدام أساليب التعزيز .
– التشخيص المبكر للأطفال الذين يقعون تحت ظروف الضغط والذين من الممكن أن يطوروا أساليب غير سوية .
– تنمية الجانب القيمي لدى التلاميذ .
– عمل ورشات عمل للمعلمين يتم من خلالها مناقشة الخصائص النمائية لكل مرحلة عمرية والمطالب النفسية والاجتماعية لكل مرحلة .
– التركيز علي استخدام أساليب التعزيز بكافة أنواعها .
– استخدام مهارات التواصل الفعالة القائمة علي الجانب الإنساني والتي من أهمها حسن الاستماع والإصغاء وإظهار التعاطف والاهتمام .
– إتاحة مساحة من الوقت لجعل الطالب يمارس العديد من الأنشطة الرياضية والهوايات المختلفة .
2- الجانب العلاجي : –
استخدام أساليب تعديل السلوك والبعد عن العقاب والتي منها ( التعزيز السلبي – تكلفة الاستجابة – التصحيح الزائد – كتابة الاتفاقيات السلوكية الاجتماعية – المباريات الصفية .
– استخدام الأساليب المعرفية و العقلانية الانفعالية السلوكية في تخفيف العنف والتي من أهمها : معرفة أثر النتائج المترتبة على سلوك العنف – تعليم التلاميذ مهارة أسلوب حل المشكلات – المساندة النفسية – تعليم التلاميذ طرق ضبط الذات – توجيه الذات – تقييم الذات – تنمية المهارت الاجتماعية في التعامل – تغير المفاهيم والمعتقدات الخاطئة عند بعض التلاميذ فيما يتعلق بمفهوم الرجولة .
– طريقة العلاج القصصي : فالقصص تساعد على التخلص من عوامل الإحباط وتعمل على تطوير القدرات الإدراكية ، ومن خلال القصص يدرك الطفل أن هناك العديد من الأطفال لهم نفس مشكلاته ، وتفجر القصص المشاعر المكبوتة عندما يدخل الطفل في تجربة قوية من خلال تماثله أو رفضه الشديد لتصرفات قامت بها شخصية من الشخصيات مما يخفف الضغط النفسي عنده .
– ضبط السلوك وتحديد عوامله وأسبابه ثم نقوم بضبطه تدريجيا حتى نصل إلي مرحلة ضبط السلوك العنيف وفي نفس الوقت إعطاء السلوك الايجابي البديل .
دور العاملين في مجال التوجيه والإرشاد وحقوق الإنسان في الحد من ظاهرة سلوك العنف المدرسي:
يقوم العاملون في هذا المجال بالعديد من الفعاليات والأنشطة للتخفيف من هذا السلوك سواء لدى المعلمين أو الطلبة أو الأهالي تجاه أبنائهم ومن هذه الفعاليات والأنشطة :
1- تنفيذ العديد من الندوات لأولياء الأمور في أساليب التنشئة الاجتماعية المناسبة لكل مرحلة عمرية باعتبار أن الأسرة هي المصدر الأساسي في تأسيس سلوك العنف لدى الأطفال.
2- تنفيذ العديد من الندوات لأولياء الأمور حول حقوق الطفل في الرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية وحقه في اللعب والمشاركة والتعبير عن الرأي ,وحقه في الشعور بالأمن النفسي والاجتماعي
3- تنفيذ العديد من الندوات واللقاءات مع المعلمين والإدارات المدرسية حول الخصائص النمائية لكل مرحلة عمرية والمشكلات النفسية والاجتماعية المترتبة عليها وخصوصا مرحلة المراهقة وكيفية التعامل مع هذه المشكلات وخصوصا سلوك العنف .
4- تنفيذ العديد من الندوات للمعلمين والإدارات المدرسية حول حقوق الطفل النفسية والاجتماعية والمدنية والسياسية .
5- المشاركة في تشكيل البرلمان الطلابي كتجسيد واقعي لفكرة الديمقراطية والتعبير عن الرأي والمشاركة في صنع القرارات خصوصا التي تتعلق بشؤونهم .
6- عقد دورات للمشرفين التربويين والمديرون والمديرات والمعلمون والمعلمات في حقوق الإنسان والوساطة الطلابية وحل النزاعات ومنحى التواصل اللاعنفي
7- تفعيل برنامج الوساطة الطلابية باعتباره وسيلة تربوية في إشراك الطلبة في حل مشكلاتهم دون إحساسهم بضغوط الكبار .
8- الأشراف على برنامج الحكومة المدرسية الذي يهدف في الأساس إلي تعليم مبادئ الديمقراطية والحوار ونبذ الصراعات والدفاع عن الحقوق بأساليب الحوار .
9- الإشراف على برنامج بناء والذي من ضمن أهدافه الكشف عن التلاميذ المتأثرين بالصدمة والتي من ضمن آثارها سلوك العنف حيث يقدم هذا البرنامج العديد من الأنشطة والفعاليات التي تحد من هذا السلوك .
10. تنفيذ العديد من المخيمات الصيفية والأشراف عليها والتي من ضمن أهدافها التفريغ الانفعالي عن طريق الأنشطة الحركية والرسم والتمثيل والفنون الشعبية والتي تسهم في خفض العدوانية بالإضافة إلى أنشطة متنوعة ذات صلة بمفاهيم حقوق الإنسان .
11. تنفيذ العديد من المعارض والمهرجانات والتي تحتوي علي ركن أساسي خاص بحقوق الطفل سواء من حيث الفقرات التي تقدم أو المجسمات والرسومات التي تعبر عن حقوق الطفل وكذلك الفقرات التي تحتوي علي مضمون توجيهي إرشادي لبعض القضايا التي تهم الطفل .
12- التنسيق مع المؤسسات غير الحكومية التي تعمل في مجال حقوق الإنسان والدعم النفسي الاجتماعي لمساعدة الأطفال في هذا المجال .
13 – توزيع النشرات والملصقات الخاصة بحقوق الطفل وتوزيع النشرات الخاصة بالآثار المترتبة علي استخدام العقاب والعنف تجاه الطلبة والوسائل البديلة .
14- تنفيذ العديد من المسابقات التي تتناول موضوعات حقوق الطفل والتوجيه والإرشاد
15- القيام بدورات قصيرة للمعلمين الجدد في كيفية التعامل مع الطلبة من خلال منحي التواصل اللاعنفي القائم علي الإرشاد بالرابطة الوجدانية .
16- العمل على الجانب الوقائي للحد من سلوك العنف لدي الطلاب من خلال جلسات التوجيه الجمعي وتوظيف الإذاعة المدرسية والجانب الإعلامي في المدرسة
17- العمل علي الجانب النمائي من خلال تنمية مهارات الاتصال والتواصل الا عنفي لدى المعلمين والطلبة وتدريب الطلبة علي تنمية المهارات الاجتماعية .
18- أما علي المستوى العلاجي فقد نفذ العاملون في قسم التوجيه والإرشاد العديد من البرامج العلاجية للطلبة العدوانيين والذين يتبنون العنف في حل مشكلاتهم والتي تقوم في الأساس على نظريات التوجيه والإرشاد ( السلوكية – المعرفية – العقلانية الانفعالية السلوكية – الإنسانية – السلوكية الحديثة )
19- كما يقوم العاملون بقسم التوجيه والإرشاد بتقديم الدعم والمساندة النفسية للطلبة المتأثرين بالصدمات والأزمات التي تترك في كثير من الأحيان مشاعر عدائية وتولد سلوكا عنيفا وذلك من خلال البرامج الإرشادية التي تقوم في الأساس علي جلسات التفريغ الانفعالي وتقوية مفهوم الذات والشعور بالأمن النفسي والاجتماعي .
20 – إنتاج العديد من المجلات والتي تتضمن الكثير من الموضوعات ذات العلاقة بحقوق الإنسان والتوجيه والإرشاد.