شعر وحكاياتعام

أعراف جائرة



بقلم: سماح عبد الحكيم


أعراف جائرة
وقفتُ كجذعِ شجرةٍ عتيق يتشبثُ بأرضِ الوطنِ
وكمْ من فصولٍ وأعوامٍ مَرّتْ وجِذري هُنـا ضَاربُ
ما خطر ببالي التِرحَالُ ولا تَمنيتُ سِواهُ لي سَـكنْ
فَدَارتْ الأيامُ حتي جَفَّ نَبعِي وغَدا الجِذعُ قـَاربُ
يَطوفُ ببحارٍ وخُلجانٍ لا يَرويه نَبعُها ومَعهُ الكَفن
يبحثُ عن ماءِ ذاكَ النبعِ الذي جَفَاهُ للمـوتِ وَاهبُ
لا النَبعُ يُسئلُ عن أسِرارهِ ولا الجِذعُ يُلامُ إذ وَهْـنَ
تلكَ أيامٌ قَدْ خَلَتْ ومَا عَادَ من نَفعٍ سِـقَاءُ الخشبِ
إذ بَاعَ الحياةَ بَخساً باتَ عنيدً يُقَامرُ بِعمرهِ المِحَن
أتُرَاهُ يَشتَرِي رَاحة الهَـلاك أم لأجـلِ البَقاءِ يُحَارِب
قد نَحتَهُ الكِفاحُ سَامقاً يَسمُو عِزاً علي كلِّ مُمتَهن
حَفَرَهُ قاربً للنجاةِ كسفينةِ نوحٍ تُسعِفُ كلَّ رَاكِب
ويومَ كانَ جِذعاً مَنَـحَ للكلِّ مـَأواهُ لا يُبَـالي بالثَمن
الحرُ لا يَجدُ من بذلِ نَفسهِ حتي فَناءِها مِن نَائِب
أيّها العَابرونَ فوقَ نَعشِي يومَ كانَ جِذعَاً أو قَارب
أنا الميتُ أخرجَ جَسدهُ تابوتَـاً للصَدقاتِ مُنذُ زَمَن
ماتَ حينَ جَـفّ النَبعُ وشَبِعَ من مَوتهِ وهو يُقَارِب
يَتلبسُ جِلِدَ الأحياءِ وقد فارقَ حَياته يُرَقِّعُ العَفـَن
في كل صَباحٍ يَهـزأ بمِرآتِه يُعَاتبُها بلِحَاظهِ الثَاقِب
لماذا تُخفينَ عَنهُم لَونَ مَوتيِ بطياتِ أثمَالِ الوَثـَن
لا أصلحُ للإستعمال الآدمي تَعِفُّ رَائحَتِي العَقَارِب
فحتي متي أدَاري أوصالاً تَحلّلَتْ مِني ببئرِ الحَزَن
أيها العَابرون سألتُكم لَحـدَاً يُوارِي سَوءَاتِ هـَارِب
شقَّ عليِهِ أن يُخَالِطَ أهَواءَكم و هَوي جَوفهِ آسـِن
تبَّدَّلَت مَوازينُ الإنْصَافِ فهو الآثمُ بعُرفِكم وَاصِب
وأنتم آلهةَ الحقِ تَنزهَتْ عن حـَظِّ عَبثِها في الكون
عابرونَ تَناسُوا حُرمةَ القُبورِ وحَـقُ الطَريقِ وَاجِب
يا زماني رُدَّني لغيرِ زماني إذ صار الخائنُ مُؤتمـَن
وأنا الأمينُ زهدتُ خِيانتَهُم فبغيرِ جَريمة أُحَاسَب
أخرِجُوا آلَ لوطٍ من قَريتِكم إنهم أنُاسٌ يَتطهرون
هذا هو شِعَارهُم ودِثار ما ألفُوهُ من إفتتانٍ وَاقِب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock