كتبت : إيناس رمضان
” فاقد الشئ لا يعطيه ” استطاعت فردوس محمد أن تحطم تلك المقولة وأن تثبت أن من حرم من شئ هو أكثر قدرة على العطاء رغم أنها لم تنعم بحنان الأم لكنها أبدعت في أدائه منذ الصغر بفطرتها وصدقها فهي تمثل نبع حنان متدفق عينيها تحضنك ، ابتسامتها الهادئة تنير الدروب .
لقبت ب “أم السينما المصرية” وهي تستحق ذلك اللقب عن جدارة فما زالت فردوس محمد أم لكل المصريين علي مر السنين .
طفولة فردوس محمد تنحت شخصيتها
ولدت فردوس محمد في القاهرة عام 1906 وشعرت بمرارة اليتم منذ نعومة أظافرها حيث توفي والديها وهي في سن صغير وتولى تربيتها إحدى أقارب والدتها الشيخ “علي يوسف” مؤسس جريدة المؤيد وقد أحسن تربيتها فألحقها بمدرسة إنجليزية بحي الزيتون وتعلمت القراءة والكتابة والتدبير المنزلي وأصول تربية الأطفال وكانت لدراستها الأثر الأكبر في تكوين شخصيتها وصقلها.
مسيرتها الفنية:
بدأت مسيرتها الفنية في المسرح من خلال مسرحية ” إحسان بك ” مع فرقة ” أولاد عكاشة ” عام 1927 ونجحت أن تكون إحدي أعضائها وشاركت مع العديد من الفرق المسرحية آنذاك منها فرق إسماعيل يس وعبد العزيز خليل وفاطمة رشدي وغيرها .
أما عن بدايتها في السينما فكانت من خلال مشاركتها في فيلم ممنوع الحب عام 1935 لتلعب دور الأم وتكن بذلك أ صغر من لعب ذلك الدور الجوهري وأصدقهم في السينما المصرية .
شاركت في 127 فيلما منها سلامة في خير ، شباب إمرأة ، سفير جهنم ، صراع في النيل ، رد قلبي ، سيدة القصر والعديد من الأعمال الفنية التي تركت بصمة في السينما ونجحت من خلالها أن تنال لقب ” أم السينما المصرية ” عن جدارة واستحقاق .
أغرب زواج ” زوجها يتقدم لخطبتها “
حازت علي لقب مطلقة بعد زواج لم يستمر طويلا نظرا لصغر سنها .
وفي أثناء عملها مع فرقة ” فوزي منيب ” الفكاهية تلقت الفرقة دعوة لتقديم عرضها في فلسطين وكانت القوانين حينذاك تمنع سفر الفنانات الغير متزوجات و كانت فردوس محمد غير متزوجة كما كان يصعب استبدالها بفنانة أخرى فأقترح صاحب الفرقة فوزي منيب أن تتزوج من أحد أعضاء الفرقة حتى تتمكن من السفر ووقع الاختيار على المونولوجست “محمد إدريس ” وسافر الاثنان ضمن الفرقة وشاركت في العرض .
وفي إحدى الأيام بعد إنتهاء العرض فاجأ إدريس الجميع بطلب يد فردوس للزواج لحبه لها وتم الزفاف وتحول سيناريو الزواج الصوري إلي قصة حقيقية لم تنتهي إلا بوفاة الزوج بعد 15 عاما من
زواجهما.
أمومة بدون أمومة
منذ الصغر ومشاعر الأمومة تتدفق منها وتغمر كل من حولها ولكن إرادة الله فوق كل شئ حيث توفي لها 3 أبناء بعد ولادتهم فما كانت إلا من صديقة لها أن نصحتها أن تخفي نبأ ولادتها إذا رزقت بطفل آخر منعا للحسد وتدعي أن المولود توفي كما حدث من قبل وبعدها تعلن تبنيها طفلا من أحد الملاجئ وبالفعل هذا ما حدث ففي عام 1941 أنجبت فردوس مرة أخرى بنتها الوحيدة ” سميرة ” ونفذت نصيحة صديقتها وعاشت الكذبة وصدقها الجميع ألم تعلم أن” الله خير حافظا وهو أرحم الراحمين” إلا أن أنهارت يوم زفاف الأبنة من مدير التصوير السينمائي ” محسن نصر ” واعترفت بالحقيقة وأعلنت أمام الحضور علاقتها بالعروس وسط ذهول الجميع ليظن البعض أنها تدعي ذلك لرفع الروح المعنوية لسميرة فما كان من أحد أن يصدقها وهي التي أتقنت دورها طيلة 17 عاماً .
رحيل فردوس محمد
توفت فردوس محمد عن عمر يناهز 55 عاما بعد صراع مع مرض السرطان استمر لعدة سنوات.
كيف استطاعت فردوس محمد أن تحيا حياتها علي هذا المنوال بين نقيضين وإنكار للموجود لقد كذبت حقيقة وصدقها الجميع لما عرف عنها من تمسكها بالقيم والمبادئ والتزامها بإشادة الجميع .
لم تكن فردوس بارعة في أداء أدوارها على الشاشة فقط ولكنها كانت أكثر براعة في أداء دورها الذي رسمه لها القدر ……

