بقلم / غادة عبدالله
كان من الصعب التخيل والتصديق من أن ينتصر أحد فى معركة دون أن يدخلها من الأصل، قد تقول أن هذا الشئ مستحيل وأن من يصدق هذا هو شخص غير عاقل ولكن تلك القصة حقيقية وحدثت بالفعل عام ١٧٨٨ في رومانيا ، سُميت تلك المعركة بمعركة كارانسيبيس .
“معركة كارانسيبيس”
هي إحدي المعارك بين جيش الخلافة العثمانية والجيش النمساوي (كان من المفترض أن تكون كذلك) ، والذي حدث في تلك المعركة هو عندما قامت مجموعة من كشافة الجيش النمساوي بالتقدم لإستطلاع موقف الجيش العثماني .
وهم في طريقهم وجدوا تجمع للغجر حيث يباع الخمر فجلسوا وسكروا حتي الثمالة ، وبعد قليل جاءت مجموعة من المشاة النمساويين للإنضمام لهم ويبدوا أنهم كانوا علي علم بهذا الموقع من قبل .
أصبح الكشافة في حالة سكر ورفضوا أن ينضم المشاة إليهم في شرب الخمرة وأتخذوا موقف دفاعي ، وفي خضم الجدال أطلق أحدهم طلقة ، فصاح المشاة أنهم يتعرضوا لهجوم عثماني! فأعتقدت فرقة الكشافة السكاري أن الأتراك جاؤوا من خلفهم ففروا إلي الكتائب المتقدمة من الجيش بهلع ، فظنت هذه الكتائب المتقدمة بدورهم أن العثمانيين هجموا! فبدأت كتائب المقدمة هذه في الهروب ناحية المعسكر الرئيسي .
أقرا أيضآ:
القصة الكاملة لاختفاء الطلاب الـ12 ومدربهم داخل كهف فى تايلاند ” كهف الموت”
وكان الجيش النمساوي به جنود كثيرون يتحدثون الألمانية والصربية والكرواتية ولغات عديدة وكان كل منهم يصيح بلغه مختلفة ، فظن المعسكر أن هؤلاء هم الأتراك يعصفون بالمعسكر ففتحوا النيران ونشب القتال وبدأ الكل في قتل من بجواره وعمت الفوضي ، وما لبث أن هزم الجيش النمساوي نفسه.
كيف كانت بداية القصة ؟
كان جوزيف الثاني ملك النمسا كبيرا في السن فقرر في لحظة أن يعمل شيئا ما كي يتذكره التاريخ كعبقري عسكري قبل أن يتخطفه الموت. فلم يجد ما يحقق له ذلك الشرف العظيم إلا إعلانه الحرب على الدولة العثمانية، ولأجل ذلك تحققت رغبته في دخول التاريخ، لكن ليس تماما كما كان يتمنى.
في شهر سبتمبر من عام 1788 تم إعلان الحرب على الدولة العثمانية، تم التحضير لكل شيء، جيش تعداده أزيد من 245 ألف جندي، أزيد من 36 ألف حصان، أزيد من 898 مدفع ميداني و176 ألف قذيفة. بالإضافة إلى ماكان يتطلبه إطعام هذا الجيش الضخم من مؤن قدرت ب 800 طن من الدقيق يوميا مع 200 رأس بقر.
ولأنه كان حقا راغبا في دخول التاريخ، أشرف الإمبراطور بنفسه على قيادة الحملة. وسار مع جيشه الضخم إلى الحدود مع الدولة العثمانية التي تفصلها عن البلقان. خاض خلالها الجيش النمساوي معارك هنا وهناك مع فرق من الجيش العثماني المتحصنة ببعض القلاع.
أقرا أيضآ:
المناعة النفسية…وعلاقتها بالفشل والمتعة فى الحياة
كان هنالك مجموعة من الجنود النمساويين الفرسان عبروا جسرا يدعى تيمس للضفة الأخرى من النهر، وجدوا هنالك مجموعة من التجار الغجر وفروا لهم مجموعة من براميل الخمر الهولندي، فترجلوا عن جيادهم وانغمسوا في العربدة.
وبعد بضع ساعات عبر الجسر مجموعة أخرى من الجنود المشاة الذين نال منهم الظمأ، وحرصا منهم على تجنب القادمين الجدد غير المرحب بهم، شيد الفرسان على جناح السرعة حماية حول البراميل وقاموا بمطاردة الجنود المشاة. الأمر الذي استفز الجنود الظامئين فأطلق أحدهم رصاصة، وتلعلت أخرى من هناك، فتدحرجت جثة.
امتشق الفرسان سيوفهم وهاجموا المشاة ودحروهم، رد الآخرون عليهم بإطلاق النار، وسرعان ما نشبت معركة حقيقية بين جنود من جيش واحد سقط فيها عدة قتلى، ولأن الفرسان كانوا يتحصنون جيدا، حاول الجنود المشاة إخراجهم بـأن راحوا يصيحون “أتراك.. أتراك”، حيث أن فكرة مواجهة الجيش التركي كانت مخيفة.
ماذا حدث بعد ذلك؟
على الضفة الأخرى من الجسر، كان غالبية الجيش نائما فسمعوا إطلاق النيران فظنوا أنه هجوم للجيش العثماني، وبسبب الظلمة الحالكة لم يتبينوا شيئا، فدب هلع ورعب كبيرين جعلا الأحصنة تضطرب لتحطم السياج وتنطلق هاربة مصدرة صوتا يشبه هجوم فرقة خيالة.
وهذا فعلا ما تخيله قائد الجيش الذي أمر المدفعية بإطلاق النيران فسقط مزيد من القتلى، وتعالى بين الجيش جئير “الأتراك.. الأتراك، أنج بنفسك!.. لقد ضاع كل شيء!”.
أقرا أيضآ:
عشيقات الرؤساء والملوك
مما جعل كل فوج يخال أن الآخر عدوه بسبب الظلام الحالك، وعندما سيطرت عليهم فكرة أن الأتراك بسيوفهم المقصوفة سينقضون عليهم، أطلقوا النيران على صفوفهم الهاربة إلى الوراء.
بعد يومين من الكارثة، تم إحصاء أكثر من 10 آلاف قتيل من الجيش وفر الباقون ، آلاف الجرحى وعتاد ضخم مرمي في كرانسيبس.. كل ذلك فقط بسبب الخوف وبرميل خمر.