هل تحرمونهم حق الحياة؟
بقلم الكاتبة: دينا شرف الدين
تحدثنا مراراً و تكراراً عن فساد منظومة الصحة والعلاج فى مصر الذى تخطى كافة حدود المقبول واللا مقبول ليتجاوز هذه التصنيفات بمراحل كثيرة تصل إلى حد إهانة آدمية المواطن المصرى، وحرمانه حتى من حق الحياة!
أما الآن سأستعرض مع حضراتكوا جانباً مختلفاً إلى حد ما من الجرائم اللا إنسانية التى تُرتكب فى حق المصريين.
مشكلة العلاج على نفقة الدولة لغير القادرين، وخاصة مرض السرطان الذى يتطلب ميزانيات كبيرة إذ أن تكلفة العلاج الكيماوى والإشعاعى لا يقوى على تحمل نفقاتها حتى من هم ميسورى الحال، فما بالك بمتوسطى أو قليلى الدخل!
للأسف فقد سمحت الدولة بعلاج بعض الحالات على نفقتها، لكن بعد إجراءات مُطولة وروتين مزعج لا يجد المريض أو ذووه كل هذه الطاقة المطلوبة لإتمامه فى حال إن تم أساساً!
فالغريب جداً أن فساد المنظومة العلاجية قد وصل إلى حد مثير للشفقة، فحتى العلاج على نفقة الدولة يفوز به صاحب الواسطة الأكبر ويُستبعد بل ربما تحفظ أوراق طلبه داخل الأدراج لحين البت فيها من لا وساطة له حتى وإن كان هو الأحق!
ولم يقتصر الأمر على هذا الحد، بل كانت أحدث صيحات الفشل التى تنفرد بها وزارة الصحة، أنه من حظى بالعلاج على نفقة الدولة من مرضى السرطان بعد معاناة كبيرة مرة، لا يحصل عليها إن عاود المرض مهاجمته مرة أخرى !
وكأنه على المريض غير القادر ولم يكتب له الله الشفاء وظل يصارع المرض من جديد، أن يتخذ ركناً بعيداً من الأرض لينتظر حتفه بعد أن تتخلى عنه الجهة التى قد وافقت مسبقاً على تحمل نفقات علاجه، وذلك بعد تصريح شديد القسوة ربما يكون أقسى من آلام المرض نفسه، بأن من يرد له المرض ثانية يُعد حالة ميئوس منها!
أى سياسة وأى إنسانية وأى دين تتبعون؟
هل هذا هو الدعم المعنوى الذى نعلم جميعًا ضرورته لكل من ابتلاه الله بهذا المرض اللعين؟
بالله عليكم: هل شغلتم أنفسكم بالتفكير ولو للحظة واحدة بمدى التدهور النفسى الذى قد يصيب هؤلاء المرضى بعد أن تخرج الأوراق الرسمية مدون على صفحاتها أنه لا مجال لتحمل الدولة العلاج إذ أنها حالة لا أمل بشفائها؟
هل علمتم الغيب أم أنكم حكمتم على هؤلاء بالموت المعنوى انتظاراً للموت المحتم المدون بأوراقكم؟
وكانت آخر ضحايا القسوة وانعدام الرحمة مريضة السرطان المغفور لها حور سعيد، رحمها الله وأسكنها فسيح جناته، التى ظلت تصارع وتتحدى المرض إلى أن هد عزيمتها وهدم قوتها قرار الدولة بما حمله من عبارات شديدة الإحباط !
بالطبع فالشفاء أو الموت بيد الله، ولكننا نأخذ بالأسباب.
وهناك الكثير من الضحايا لا نعلم عنهم شيئاً، فلم يسعدهم الحظ بتبنى الآخرين لمأساتهم مثلما وجدت حور من يلقى الضوء على قصتها الحزينة !
يا سيادة وزير الصحة: نرجو إعادة صياغة للمنظومة الصحية برمتها وتطهير من الجذور للأطراف، ونظرة بعين الرحمة والإنسانية للمواطن البسيط الذى يصيبه الهلع إذا ما أصابه المرض إذ أنه يعلم جيداً أنه لا طاقة له بمصاريف العلاج .
أدعو الله أن تصل رسالتى لأسماع السادة المسئولين .
اللهم بلغت اللهم فاشهد.