خيرو .. والجهات الأربع
خيرو .. والجهات الأربع
قصة : مصطفى الحاج حسين .
سأريكم ما أنا فاعل ياأولاد الكلب ، وقسماً بالله
لسوف أدفنكم أحياء .. منذ اليوم ستعرفون من أنا ،
وعندها ستندمون على أفعالكم السّيئة معي .
أنا خيرو الأشرم .. الذي كنتم تعاملونه بتكبر
واحتقار ، وتمنعون أولادكم عن مصاحبته ، فإن كنتم
تتعوذون من الشّيطان إن رأيتم خلقتي ، فسأجعلكم
تتلون آية الكرسي ، لو مررتم بالقرب مني .
لقد خرجت من السجن لأرسلكم إليه .. الواحد تلو
الآخر .. أخبرت ضابط الأمن بأنكم تتعاطون السياسة ..
فطلب منّي التعامل معه ، ووعدني أن يدفعوا لي راتباً ،
إذا حملت له معلومات عنكم .
جاء اليوم الذي حلمت به طويلاً .. لم أعد أحسب
حساباً لأحد منكم .. سأرافق العاهرات في عزّ النهار إلى
بيتي ، وأطرد أمي لبيت الجيران ، لأتمتع بصاحبتي ، ولن
أخشى التبليغ عني ، لأنني منذ اليوم ، صرت واحداً من
الحكومة .
ياأولاد الحرام لن يجد الواحد منكم وسيلة للدفاع
عن نفسه ، لأنهم لن يصدقوه سلفاً ، مهما كانت صفحته
بيضاء .. ولن يعرف أحد مكانه ، ولن يجرؤ أيّ محام
فيدافع عنه .
سأبدأ بكَ يا ” أبو قاسم ” الزّفت ، ياصاحب الرأس
الكبيرة ، والأنف الأفطس ، يأعلمكَ كيف تديّن جميع أهل
الحارة من دوني ، سأغلق متجرك ، وسأبلغهم بأنك تشتم
الحكومة ، وأشهد عيكَ أنا .
وأنت يا ” أبو حميد ” أيها الخنزير الأشقر .. سأعلمك
رفض خطبتي لابنتك ” حميدة ” ، وكيف تقول لأمي التي
أتمنى من كلّ قلبي ، أن يقصف الله عمرها ، ويريحني
منها ومن دعائها عليّ ، وعلى اليوم الأسود الذي حملتني
به .. سأقتلها ذات يوم مع جميع أولادها ، حتى وإن كانوا
أخوتي ، أخوتي .. ههههها .. مرحباً أخوتي .. أنا أخوتي
جيبي ..طز بأخوتي .. سأجعلهم يتبعون أباهم ، ذلك
العجوز الخرف ، الذي تقول أمي عنه ، بأنه مات بسببي ،
يوم داهم الشرطة بيتنا ، في منتصف الليل ، لأنني
أقدمت على سرقة ” تلفزيون ” ملون ، من دار جارنا ” أبو
مروان ” ، مادنبي إن كان والدي جباناً يخاف من
الشرطة ؟! .. أنا لم أقتله ، قتله جبنه ، والأب الجبان لا
بشرف ابنه القبضاي مثلي .. أقول :
– مازلت أذكر يا أبا حميد ، قولك لأمي :
– أنا أعطيكِ البنت ياأم ‘ خيرو ” لأنّ المرحوم ” أبو خيرو “
كان أكثر من أخ لي .. ولكن بشرط أن يترك ” خيرو “
المشاكل ، فلا يعود إلى المشروبات والمخدرات ، أو لعب
القمار ، ومرافقة العاهرات والسّرقة .. والأهم من ذلك
كلّه ، أن يتعلّم صنعة محترمة تطعمه خبزاً حلالاً ، هذا
شرطي الوحيد .. ومن حقي أن أطمأن على مستقبل
ابنتي ” حميدة ” ، وإذا كان يرغب ‘ خيرو ” بها ، عليه أن
يقبل بذلك ، وحميدة له .
الله .. تكرمت عليّ بابنتك ” حميدة ” ، اسمع ياغبي ،
أنا رجل .. أفعل ما أشاء ، والرجل لا يعيبه إلّا حيبه ، هل
فهمت ؟! .. ماذا حسبت نفسك يا ” أبو حميدة ” اانذل ،
أمسكتني من يدي التي توجعني ؟! .. وأردت فرض
شروطك عليّ !! .. ليكن بمعلومك أنني لم أعد أريد ابنتك
” حميدة ” ، وغداً عندما تزوجها ، ستعود إليك منذ
الصباح الباكر ، حاملة لك العار .. لأنني مزّقت بكارتها ،
ولسوف تندم أيها التيس ، حين لا ينفعك الندم .
سأخبر عنكَ لأنك تسبّ الحكومة ، كلما سحبت نمرة
بانصيب خاسرة .. وعندها تصبح ابنتك ” حميدة “
عاهرتي إلى الأبد ، وأنت داخل السجن .
أما أنت ياأستاذي المبجّل ” ساجد العمري ” ، هل تظن
بأني نسيت فلقاتك الحارقة ؟! .. مازلت أذكر كيف كنتُ
أذبح ” الجرابيع ” وأدهن يديّ وقدميّ بدمائها حتى لا
تؤثر بها ” الست مروش ” كما كنت تسمّي عصاتك
الغليظة ، والموجعة ، لقد كنت لا تعلمني بل تضربني
فقط ، بينما كان ابنك ‘ عامر ” لايضرب ، وهو أكثر كسلاً
مني .
أنت تستحق الإعدام أيها ” الجربوع ” المخبأ خلف
النظارة ، لذلك سأخبر عنك ، وأنقل لهم شتائمك عن
الدولة ، في كلّ حديث يدور في الحارة ، عن الرواتب
والأسعار .. سأذكر لهم عباراتك كاملة ( كان الأستاذ من
قبل مضروباً بحصوة كبيرة .. أما اليوم ، صارت الصدقة
تجوز عليه . ) .
وأنت يا ” أبو سليم ” ياالذي رفض أن يعلمني
الخياطة ، لأنني ولد شقيّ، أقوم بتقطيع الأقمشة في
غيابك .. سوف أخبر عنك .
وأنت يا ” حسن ” يامن تكبرت على رفيق طفولتك ،
حين دخلت الجامعة .. سأبلغ عنك .
وأنتم .. أنتم جميعاً .. سأبلغ عنكم .. كلكم أعداء
الحكومة ، وسأخبر عن نسائكم وعن أطفالكم ، وسأبلغ
عن الحارة بكاملها ، بل عن المدينة بأسرها ، وعنك يامن
تقرأ هذه القصة سأبلغ عنك .. قسماً بالله .. وهذه ” مسكة
” على شواربي ، التي ترعب النسر ، سأسوق المدينة
بسكانها وعماراتها وشوارعها إلى اليجن ، ولن أرحم
.
أحداً .. لن أرحم أحداً .. سأشعل النيران بسوريا .
مصطفى الحاج حسين .
حلب
ملاخطة :
نشرت هذه القصة عام 1990 بجريدة الإسبوع الأدبي .. باسمي المستعار الذي نشرت به بعض كتاباتي .. شادي بركان .