حرية الذات
كتب-أحمد زينهم
انظر إلينا كم شخص منعه الخوف من الفشل او تحمل المسئولية ان يحقق مايريد ، كم شخص منعته نظرات الناس ان يكون كما يتمني وليس كما يتمنوا ، كيف سحب الروتين بساط الحياة من تحت غالبية الناس واصبحوا مجرد آلات تتشابه قصص حياتهم مهما اختلفت الافعال .
لن تصبح حراً اذا تخلصت من قيود سجانك بل عندما لا يستطيع احد علي سجنك مهما قيدوك .
العلم اثبت ان السعاده شعور ذاتي ليس لظروف الحياة دخل بها ، لذلك ستجد من هم في ذات الظروف والدولة بل واحياناً يشتركوا في المعيشة ولكن كل منهم في عالمه الخاص ، بعضهم يشعر باحاسيس تختلف تماماً عن الاخرين ، نتيجة لنظرة كل منهم للحياة او بمعني اخر نتيجة لافكارهم عن الحياة .
كذلك الامر بالنسبة للحرية ، لا علاقة لها اين انت بل كيف تفكر ، ليس لها علاقة بحرية الجسد بل بحرية الفكر ، وتغير منطق العالم في الحروب الان اكبر دليل علي ذلك ، لقد ادرك العالم ان الحرب مهما قتلت لن تقتل فكرة ، ولكن تدمير عقل الانسان لن يجعلك تخشي فعله وان خلد فيها ، وغالباً سيساعدك علي تدمير نفسه والاخرين دون جهد .
لم يساعد قتل سقراط في توقف منهج تفكيره بل ظل فكره ومات من حكموا عليه ولم يسمع عنهم احد ، ولم تنتهي الثورات بقتل ( جيفارا ) بل تعلم من بعده الكثير ، ولم يغير سجن ( ماندلا ) افكاره بل خرج واصبح رئيساً .
والصراع النفسي هو طريقك الاول للتحرر ، فكل يوم هناك طرق تفتح لاغراءات الحياة وتزداد سهولتها ، وهذه طبيعة الحياة منذ البداية الي النهاية ، قال تعالي ( وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ ) ( فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ ) ( وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ ) ، والنفس طبيعتها الضعف وان اغفلت يوماً هذا يعني سقوطك ، واول من يسقط هو من يعتقد انه بعيد تماماً عن هذه الفتن وانه حر لا يعنيه هذا الخطاب .
وهذا التحرر يشعر به الانسان في لحظات الزهد والصوفية ، كما لا تستطيع ان تنجح الا اذا تحررت من خوف الفشل ، ولا ان تقود حياتك الا عندما تقود تفكيرك ، وكل يوم تتعلم شئ جديد تتحرر اكثر ثم ستزيد مساحة تحركك .
ولله سبحانه وتعالي لم يضع اوامر النهي للانسان لتقيد حريته بل لاتساعها حتي لا يقع الانسان عبد لشهوته كما قال ( د . ممصطفي محمود ) ، ولا يوجد غير طريقين اما ان تخلص نفسك بالتزكية وتطويرها (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ) او انك ستبقي فريسة سهلة لاغراءات الحياة ( وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا ) .