شعر وحكاياتعام
غنّي غنّي ياحلب
شعر : مصطفى الحاج حسين .
من دونِ رحمةٍ
ينهشُ بقلبي الانتظار
ويزيدُ بأوجاعي .. كلّما طالَ
ويمتدُّ على مساحةِ السّاعاتِ
من غيرِ أيّ أملٍ
الرّجا احترقت أجنحتهِ
والدّربُ يلوبُ على نفسهِ
حجارة الدّرب أناهيدُ
مرصوفٌ بالدّمعِ والأشواق
لا فيءَ يظلّلُ الغصّة
قهرٌ يمتدّ على مسافةِ الاكتواء
ياربي .. من أينَ أتّجهُ ؟!
الغيمُ صفيحٌ من الاختناقِ
الشّمسُ بلهاءَ .. ضاعَ منها الضّوء
صارَ المدى كمشةَ موتٍ !
صارَ الوقتُ سكاكين
يمشي بي الارتماءُ
وينحني فوقَ إعصار السّخط
تتقدمني الفواجعُ العمياء
وتطاردني دهاليز الاحتراق
ياموجَ الموت الصّاخب
اغسل لي لهفتي الرقطاء
عجّل .. لأخوضَ غمار السّراب
تعوي الفرحةُ بوجهِ نافذتي
وأنا أستقرأُ احتضار الفؤاد
ضاعت بلادٌ كنتُ مواطناً فيها
تطلّ على عرشِ الله
ترابها من حلمٍ وعنبر
لها نوافذ تلوّح للفرجِ
حيطانها من ألفةٍ وندى
أبراجها من أغاني الطّرب
ولها قلعةٌ تشبه سدرة المنتهى
لها أسواق ..
بضائعها من جنةِ عدنٍ
فيها أمشاط لجدائل النّور
ومدارس للعصافيرِ
ضاعت منّا البلاد
استقدموا على الياسمين
الحرباء .. والجّراد
اغتصبوا طهرَ بسمتها
ورفرفت راياتُ الغرباء
فوقَ عويلِ قلعتها
سرقوا منّا .. حتّى خاناتِ الاقامة
كلّ من لم يقتل .. شرّدوه
والذي تشرّدَ .. كانَ مقتولاً
خطفوا الدّروب .. الّتي تودي إليها
زرعوا على الطّرقاتِ
مقابرَ للعائدين ..
وتركونا خلفَ أسلاك الهلاك
نلوّح للذكرياتِ
بأيادٍ مبتورةٍ
ودموعٍ مقهورةٍ
غنّي .. غنّي .. ياحلب
من بعدكِ أنتِ
لا قيمةَ لأمّة العرب
أمةٌ فرّطت بالشرفِ والنّسب
عليها استحقّت
لعنة الله .. والغضب .
مصطفى الحاج حسين
إستنبول