كتبت . سلمى عادل
بعدَ طولِ انتظار ….أخرجَت قالبَ الكعكِ مِن فُرْنِها لتَجِدَهُ مُحتَرِقاً مِن أسفَلِه ، وعجيناً مِن باطِنِه ..حاوَلَت أن تتذَوَقُ جزءاً مِنْهُ خِلسَة ، فإذا بمذاقِه سيءٌ للغاية .. يبدو أنها لم تُخطئ في عياراتِهَا فحسب ، بل هي استبدلَت السكّرَ بالملح أيضاً ..
بشعورٍ مِنَ الحسرة ، نظرَت لأدواتِ التزيين التي انتقتها بعناية فائقة ، فلقد أرادَت لهذا القالب أن يَكُوُنَ مُبهِراً لكلِّ مَن يراه .. وفجأة .. أمسكَت الأدوات بعناية وبدأت التزيين .طبقة الكريمة تبدو ناصعةَ البياض كثلجٍ ما زال يتساقَطُ مِن السماء ..
أضافَت فوقها أشكالاً وورود ورشَّةً من الألوان .. القالِبُ يبدو مُفعماً بالحياة .. جميلاً حدَّ الدهشة .. أمسكت هاتفها ، وابتدأت التصوير وإرسال ما التقطت لكل من تعرف .. الكلُّ يُثني على جمالِ ما صنَعَت .. الكُلُّ يرسلُ إليها كلمات الإعجاب والتقدير ..
عاشَت اللحظة .. فرحت بالإنجاز .. نسيَت حقيقة قالبِها ..أمسكت به ووضعته بثلاجَتِها لتقدِمَهُ لضيوف المساء !!
يبدو ما فعلتهُ مُضحكاً إلى حدٍ ما ..وتبدو هي على ثقة من النفس في غير موضعها .. !! وكذلك نبدو في مواقف كثيرة .. ؟؟ ا نت كهذا القالب ، عندما تحرصُ أن تُظهِرَ للناس أجمل ما عندك ، فتبدو راقيَ الصفات ، وتنسى أن تبني في داخل نفسك الجمال الذي تحتاج ، فتكون في قرارة نفسك تتمنَى زوال نعمهم ..
أنتَ كهذا القالب ،عندما تُسْ مَعُ أصواتُ ضحكاتك عالية مدوية في كل مكان لتنمَّ عن شخصٍ باعثٍ للبهجة ، رغم أنك لا تعرف إِلَّا أن تكون عبوساً مع أقرب النَّاس مِن حولك ..أنتَ كهذا القالب ، عندما تركض للناس في قضاء حوائجهم ، ولا يملك أهلك أن يطلبوا منكَ حاجتهم خوفاً منكَ ومِن غضبك ..
أنتَ كهذا القالب ، إن حدثتَ النَّاسَ عن الله وعن الدين ثم رضيتَ لنفسكَ أن تكذبَ أو أن تَظلِم ..نَحْنُ جميعاً كهذا القالب إن أنسانا ثناءُ الناس على جميل ظواهرنا أن في الباطن ما نحتاجُ مُعالَجَته ..ما نحتاجُ إعادةَ خبزِه .
.ما نحتاجُ تكرارَ صُنعِه ..قبل أن يُعجِبُك ثناءُ النَّاس عليك“وكلُّنا يعجبُهُ الثناء” ، حاول أن تتذوق شيئاً مِنكَ سريعاً ..تأكد من أنَّ روحك بخير وتحبُّ للناس الخير .. تأكد أنك تُحسِنُ الحياةَ مع أقربِ الناس إليك قَبْلَ أن تُحاوِل أن تُحسِنَها مع أبعدِ النَّاس عنك ..فخيرُ النَّاس خيرُهُم لأهلِه .. وَاللَّهُ ينظرُ إلى قلبِكَ أولا…ً فاجعلهُ بخير ثم انطلِق .