كتب . د. ياسر منجى
فيلم “الأفوكاتو مديحة”، من إنتاج عام 1950، ويُعَدّ من الأفلام المصرية المبكرة التي ناقشت قضية حرية المرأة وحقها في العمل، وما يواجهها في سبيل ذلك من موانع الأعراف والتقاليد خلال النصف الأول من القرن العشرين.
وقد نال صناع الفيلم وقتها هجوماً من بعض الصحف الليبرالية والمجلات النسائية؛ بسبب تبَنّي الفيلم بصفة عامة لوجهة النظر المحافظة، واحتشاد الحوار بالعديد من العبارات الرافضة لفكرة خروج المرأة للعمل، برغم انتصار “مديحة” في النهاية واستطاعتها احتراف المحاماة.
من المشاهد المثيرة للاهتمام بالفيلم، مشهد يقتحم فيه “محمد أفندي عبد المقصود” – “يوسف وهبي” – قصر “جابر باشا” صاحب العزبة – “حسين رياض” – احتجاجاً على إيواء الأخير لأخته – “مديحة يسري” – بعد هروبها ليلة زفافها.
وبرغم أن الفيلم مُنتَج قبل ثورة يوليو بعامَين كاملَين، إلا أن المشهد يتضمن خطاباً يعكس مدى حرية الفن في انتقاد الشرائح العليا من المجتمع آنذاك، ويوضح مدى الفُرَص المتاحة أمام أبناء الطبقة الوسطى في خوض منافسات التمثيل البرلماني؛ إذ يوجه “محمد أفندي” ابن الفلاحين خطاباً لاذعاً للباشا ممثل الإقطاع، ينتقد فيه نمط حياة الأثرياء، ويتحدى الباشا في انتخابات البرلمان عن دائرة العزبة.
الطريف أن “يوسف وهبي” لم يُفَوِّت في هذا المشهد فرصة إطلاق لعناته الرهيبة، التي اشتهر بإلقائها كالصواعق على رؤوس خصومه في مسرحياته العديدة، بل إنه يصل هنا إلى مرحلة الابتكار؛ حيث ابتدع لعنة جديدة، هي (لعنة الفلاح)، فيوجه في نهاية المشهد خطابه لأخته “مديحة” قائلاً: “عليكي لعنة الفلاح! خُديها من قلب فلاح ابن فلاح!”.
المشهد يستغرق ما بين 1:6:31 و1:7:41، من خلال الرابط التالي: