فتيحة بن كتيلة
الحكاية الشعبية من الأدب الشعبي الذي ظل محافظا على عادات وتقاليد المجتمع وتماسكه ، وهي التي مازلت تجمع شمل العائلة حول الجدة لسماع هذه الحكاية والاستفادة منها وأخذ العبر والحكمة .
والحكاية الشعبية ليست للتسلية فقط بل يمكن القول أنها مدرسة تربوية وخلقية وذات مواعظ وقيم .
وتختلف من شعب إلى آخر لانها تعتبر فن الشعب ولغته وأسلوبه في الحياة
كما تساهم الحكاية الشعبية في إثراء ونمو المخيلة للطفل نهيك على تعلم اللغة والحفاظ على عادات وتقاليد شعبه ومورثه اللامادي ، كما تنمي عند الطفل الابداع والابتكار والصبر والمرونة في التعامل مع الأحداث ، ومزج الخيال بالواقع مما يثير التفكير عند الطفل خاصة أذا تم اختيارها بعناية ودقة .
ورغم التطور التكنولوجي والتضارب الحضاري مازال الحكاية الشعبية تحكى وتروى بالمجمتع الورقلي حيث يحلوا السمر في ليالي الشتاء الباردة ويجتمع أفراد الأسرة حول الجدة وبينهم الموقد للتدفئة وهم يرتشفون الشاي الدافيئ مع بعض المكسرات أو الأكلات الشعبية منصتين باهتمام لحكاية الجدة التي تلقى وتحظى بكل احترام.
واخترت لكم هذه الحكاية الشعبية التي تعالج قضية الغيرة والتعاون وهي حكاية عشبة لخضار.
عشبة لخضار
بسم الله بدينا وعلى النبي محمد صلينا قولوا يا لحاضرين صلى الله عليه وسلم .
كان يا مكان في قديم الزمان وسالف العصر والأوا ن كان رجلا يعيش مع زوجته حياة هادئة مستقرة وزادت سعادتها عندما أنجبا فتاة جميلة جدا سميت بعشبة خضار وهذا الاسم لان هذه الفتاة عند ولادتها نزل المطر واخضرت الأرض وزاد المحصول والغلة .ولكن السعادة لم تدم بعدة أشهر من ولادة عشبة خضار ماتت الأم ووصت الزوج على ابنتها الصغيرة ، بعد مدة تزوج الأب بإمراة لتربي معه ابنته.
وكانت عشبة خضار فتاة في قمة الجمال تمتاز بشعر طويل كانت غالية عند والدها ولكن زوجة أبيها كانت تغار منها لجمالها وذات يوما فكرت زوجة الأب في الانتقام من عشبة خضار وابعادها عن الأنظار فقررت أن تخرج العائلة في رحلة إلى الصحراء وأثناء رحيل العائلة إلى مكان آخر طلبت الزوجة من الراعيان يريها مكان السدرة (عشبة شوكية) فجلست عندها ونادت على عشبة خضار مدعية أنها ترغب في اللعب معها،و أخذتها إلى مكان السدرة وألصقت شعرها في الشوك بدون أن تنتبه الفتاة، لذلك ثم ذهبت وتركتها عالقة هناك بحث عنها والدها كثيرا وزوجته ، إلى أن يئس من إيجادها فقالت له زوجته: هيا نذهب لقد ذهبت برضاها أتركها تفعل ما تشاء .
رحلت العائلة ,أما عشبة خضار فأخذت تنادي الحيوانات لمساعدتها فجاءها الطير فقام ففك بعض الشعر المربوط بالسدرة ، ثم استسمحها قائلا لها الطيور تنتظرني فذهب وتركها أما البومة فلم تساعدها فكان عقابهاأن أصبحت غير محبوبة من الناس وصوتها يتطيرون منه.
وأما الغراب رفض مساعدتها فأصبح لونه أسود مشؤوم ثم أتى طائر اللقلق طلبت منه المساعدة لكن لم يفعل فدعت عليه عشبة خضار (الحاذق ما يصيدك والجايح يروح معاك طول) بمعنى الذكي لن يصطادك والغبي يتبعك بمعنى لا فائدة منك.
وهذه مهانة لهذا الطير وعدم الفائدة منه، وفي الأخير جاءها الأرنب فساعدها وفك شعرها وقالت لها عشبة خضار (نديرك كورة بين الذكورة) أي لن يصطادك إلا الذكور ثم أنقذت نفسها
وتزوجت ثم رجعت إلى مكان طفولتها فوجدت عجوزا فأخبرتها عن قصتها فوعدتها بأخذها إلى والدها فلما وصلت إلى مكانه سقطت الأمطار في ذلك المكان فأحس والدها بوجودها لأنه من عام ولادة عشبة خضار
ما صبّت الأمطار (أي لم تسقط الأمطار منذ أن غابت عشبة خضار عنهم) وهكذا عادت إلى حضن والدها.