بقلم الكاتب محمود خليل
طوال سنوات عمري الماضية كنت منفذا جادا للتحذير المجتمعي من “قشرة الموز”..
دائما أخذ حذري منها جيدا.. وأترك مسافة مناسبة بيني وبين قشرة الموز كلما أراها أو تصادفني في أي مكان.. ويوما ما قال لي صديق: خلي بالك من قشر الموز.. بيكسر الضهر وبيدمر الحياة..
كنت أسمع هذا الكلام.. وأنفذه من باب الاحتياط.. ليس إلا.. وكل ما كنت اقابل قشرة موز أضحك وأنظر إليها وأمشي من جنبها..
يوما ما جذبت انتباهي “قشرة موز” واضح عليها انها تنتمي ل”سباطة موز” قوية.. وترتفع قمتها للسماء متحدية الجميع.. وقفت بجوارها.. ونظرت إليها ونسيت كل التحذيرات المجتمعية منها.. اقتربت منها وقفزت عليها.. قشرة الموز كانت قوية جدا.. وانا أيضا..
فرحت بشدة من قدرتي على التعايش مع قشرة الموز دون أي ضرر.. ومن وهج فرحتي قفزت عليها بكل قوتي لأثبت لنفسي صحة كلامي.. وخطأ كل من حذروني من الاقتراب منها.. ليطير جسدي في الهواء عاليا وتقع من جيوبي كل ما أملك.. وارتطم بالأرض بشدة.. محطما.. منكسرا.. مسلوب الإرادة.. مشتت الذهن..
لم أقوا على الوقوف من فرط الألم.. ونظرت إلى السماء متحاشيا نظرات المارة الذين حذروني من الاقتراب من قشرة الموز.. نظرت إليها.. وجدتها فقدت الكثير من قوتها.. هي أيضا سحقتها ضربة الحياة.. لكنها أدارت ظهرها وعلى ملامحها حزن وألم.. فهي أيضا كانت ممن حذروني من الاقتراب منها.. حاولت النهوض.. فلم أجد من يساعدني.. وفقدت كل متعلقاتي الشخصية..
إقرأ أيضا
وها أنا الآن أبحث من جديد على متعلقات شخصية جديدة.. وبطاقة إثبات هويتي الجديدة.. بطاقة رجل هزمته قشرة موز.. لا هو عاد كما كان وخسر كل متعلقاته وهويته.. ولا حتى قادر على الاقتراب من قشرة الموز التي كسرت ظهره.. كسرته بإرادته.. لكنه خسر إرادته أيضا!!