كتبت
دعاء سنبل
العلاقة بين أهل السلطة وأهل الفن هي من قديم الأزل ، فأينما وجدت السلطة وجدت حاجة رجالها للترفيه والتنفيس عن رغباتهم المكبوتة بحكم وظائفهم ، كل منهما بحاجة للآخر ، رجل السياسة يريد من يخفف عنه قلقه ويشغل فراغه ، وأهل الفن بحاجة لمن يسهل لهم أمورهم ويساعدهم للوصول إلى أعلى سلم الشهرة.
على الرغم من التعتيم الإعلامي على مثل تلك العلاقات المشبوهة إلا أن بعضها يخرج للنور خاصة بعد رحيل أبطالها . من امثلة هذه العلاقات التى ربطت أهل السلطة وأهل الفن و كانت نهاية مأساوية : هي قصة رجل الأعمال والسياسي الكبير هشام طلعت مصطفى والنجمة سوزان تميم.
” سوزان تميم” ولدت في عام ١٩٧٧م بحي شعبي فقير ببيروت ، داخل أسرة مفككة مع والدها “عبد الستار تميم” الذي كان دائم المشاكل مع والدتها لأتفه الأسباب حتى أنفصلا و منعها حتى من رؤية والدتها. ترعرعت في بيت جدتها محرومة قهراً من حنان وعطف والدتها .
سوزان تميم رغم ذلك كانت طالبة مجتهدة ،ألتحقت بكلية الصيدلة ، وهناك قابلت “على مزنر” وقررت الزواج منه و أمام رفض والدها لهذا الزواج ، هربت سوزان من منزلها ، وهي بعمر الثامنة عشر.
إلا أن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن، فعلى الرغم من تضحيتها بأهلها من أجل فارس أحلامها إلا أن الخلافات نشبت بينهم ، كان البعض يقول بسبب خيانته لها مع أعز صديقاتها والبعض الآخر يرجع الخلاف لطمعه فيها خاصة بعد أن فازت بالجائزة الذهبية ببرنامج ” أستديو الفن”.
سوزان تميم هربت من زوجها الأول إلى فرنسا لتعمل في أحد الملاهي الليلة التي يملكها منظم الحفلات اللبناني ” عادل معتوق” ، ولكن ظل زوجها الأول يطاردها ، ولم يجد معتوق بديل إلا شراء حريتها بعد أن أحبها لدرجة العشق، فكان الطلاق مقابل المال .
بعد شهور قليلة أعلن معتوق زواجهم بموجب ورقة عرفية ، من المثير للجدل إنكار سوزان الزواج ولم تنكر علاقتها به ، مما أدى إلى سوء العلاقة بينهما مما دفعها إلى الهروب للمرة الثالثة ، لتقضي عمرها القصير هاربة ، من قبضة رجل لقبضة رجل آخر .
سوزان تميم أتجهت إلى مصر وسكنت في منزل قرب حي المعادى، طاردها معتوق و منعها من الغناء بحكم محكمة ، صدر ضدها حكم طاعة، وقدم بلاغ يتهمها فيه بالسرقة، حيث أستولت على مبالغ نقدية كبيرة من البنوك بالتوكيل الرسمي العام الصادر لصالحها من زوجها.
سوزان تميم مدفوعة بكل تلك المشاكل تعرفت على “هشام طلعت مصطفى” ، رجل السياسة والأقتصاد أثناء زيارتها لخالتها التي كانت تعمل لديه في فندق ” الفورسيزونز” ، أستضافها وخصص لها جناح كامل وكانت دائماً ما ترافقه في سفره خارج البلاد ، تردد قيامه بطلب الزواج، رفضت بحجة بأنها ما زالت على ذمة معتوق ، وفى سبيل تحقيق ذلك دفع أموال طائلة لمعتوق ليكف يده عنها. من هنا بدأت مشاكلها مع “هشام طلعت” ، لغيرته الشديدة و مطالبته بتنفيذ وعود الزواج منه .
سوزان تميم أثناء إحدى الرحلات إلى لندن ، هربت منه إلى أحد أقربائها هناك.
آثار ذلك غضب هشام ، معتبرها ناكرة للجميل والمعروف الذي صنعه لها ، مكررة نفس الافعال بالاستيلاء على أمواله قبل فرارها منه.
سوزان تميم تعرفت على رياض العزاوي ، بريطاني من أصول عراقية ، بطل العالم في لعبة ” الكك بوكسنيج”، قصت عليه قصتها مع رجل السياسي المصري ، فعرض عليها أن تظل تحت حمايته .
سوزان تميم فى تلك الفترة بدأت معاناتها الحقيقية ، عاشت حالة رعب مستمرة بسبب تهديد هشام لها الدائم والذي وصل لتهديد بالقتل ، أخبرت محاميها بقرار الرحيل من لندن ، إلى دبي حرصا على حياتها، وطلبت منه تحرير وصيتها .
سوزان تميم من رياض العزاوي ، مما دفع هشام بتكليف محسن السكري ضابط أمن دولة سابق ويعمل لديه مديراً لأمن الفندق الذي يملكه بقتل تميم بطريقة تبدو وكأنها قضاء وقدر ، أي حادثة ليس بها شبهه جنائية .
سوزان تميم قتلت في يوم 28/72008 ، حيث عثرت الشرطة على ورقتين ،كتب على الأولى الزواج أو القتل وكانت الثانية بخط يدها أوصت فيها أن تؤول كل أملاكها لأمها وأخيها لتحرم أبيها الذي عانت منه ومن قسوته ، وكان سببا رئيسيا لما وصلت إليه حياتها.
منذ اللحظة الأولى لتحريات الشرطة بدأت خيوط الاتهام تلتف حول عنق السكري ، حيث أشارت إليه كل الأدلة .
بدأت التحقيقات مع السكري ، و هشام طلعت مصطفى الذي رفعت عنه الحصانة عضو مجلس الشورى ، والذي انكر صلته بالحادث
أثناء نظر القضية مقتل سوزان تميم ، فجرت محامية السندريلا مفاجأة من العيار الثقيل ، أن البصمة مجهولة الهوية التي تم العثور عليها بواسطة شرطة لندن ، داخل شقة نادية يسرى صديقة سعاد حسني ، ج تم مطابقتها ببصمات السكري وقد تطابقا ، أي أن قاتل سعاد هو نفسه قاتل سوزان .
للمزيد
حكم على كل منهم بالإعدام ، لكن أعيدت محاكمتهم وصدر حكم على هشام بالسجن 15عاما ،وعلي السكري 25 عاما.
أصدر” الرئيس عبد الفتاح السيسي ” عفو عن هشام طلعت مصطفى بقرار رئاسي، 23 يونيو 2017 بعد قضائه ثلاث أرباع المدة .
سوزان تميم رحلت عن عالمنا في سن صغير و حياة مملؤة بالأحداث ورجال السلطة والمال .
إقرأ أيضا