بقلم/
فاطمة عبدالحميد
كارثة إنسانية حقيقية يعاني منها مجتمعنا العقيم، الذي أعطى لإنسانيته إجازة مطولة، لا أعلم تحت تأثير أي نوع من المخدر جعله يرى فتاة شبه عارية تعاني من خلل نفسي ولا يسعى لـ سترها، وليس هذا فقط، بل كانت الطامة الكبرى حين شهّر بها وفضحها، فلا هو سترها ولا حتى تركها دون التشهير بها.
فتراكمت كل أهدافه ومساعيه الدنيئة في تصوريها وتحميلها هي وكل الفتيات أنهن السبب الرئيسي لـ تحرش الشباب بهن، ولم يفكر لـ وهلة أنها أضعف من أن يكون ذلك هو هدفها، أو أنها تعمدت إظهار مفاتنها لـ إغراء أمثاله، وأنها أكثر براءة من كونها تعي ما يريد أن يحملها مسؤليته.
لا أعلم أين تكمن المشكلة الحقيقية، هل عند الرجال الذين قلت نخوتهم وأصبح كشف العوارات أسهل ما يفعلونه الآن، أم حقاً لدى الفتيات اللاتي تثيرن غرائز الشباب الحية وخاصةً في ظل الغلاء وعدم قدرة الشباب على سد مطالب واحتاجات الزواج.
فكانت تلك فرصتهم لتحميل الفتاة عبء ومسؤلية تصرفاتهم البذيئة ليكون هذا هو المبرر لتلك الأفعال الشنيعة، لا أكترث من المسؤل عن ذلك الفُحش وتلك السقطات قدر ما أهتم لـ شأن الفتاة المسكينة التي نطقت عيناها بكل ألوان البراءة واللامبالاة بما يدور حولها، فلم تفهم أنها تحت الميكروسكوب البشري الذي لا يرحم من يغدر به الزمن وتهوى به الحياة، فلم تجد من يمد لها يد العون قدر ما وجدت نظرات تنهش في جسدها وتتمعن في مفاتنها العارية.
في البداية عندما رأيت تلك الصورة على صفحات وجروبات الفيس بوك لم يأخذني التفكير أنها قد تكون مريضة، لكنني اعتقدت أنها ليست مصرية ولا حتى عربية، وأنها يمكن أن تكون أجنبية وهذا التصرف أمر طبيعي بالنسبة لها، لكن رغم اعتقادي ذلك في بداية الأمر لفت انتباهي أنها لا تكترث لمن يلتقط لها الصور، فإذا كانت بكامل قواها العقلية فكيف سمحت لهؤلاء بتصوريها، ولفت انتباهي اللامبالاة التي تسيطر عليها مع ذلك الكيس الشفاف الذي تمسگه بيدها فتظهر منه حلوى المصاصة التي يشتريها أطفالنا، فبدأت علامات الإستفهام في تزايد لكني لم أجد تفسير.
إلى أن وضحت لدي الرؤية عندما رأيت بعض الصفحات قد نشرت أن هناك فتيات من نفس المنطقة السكنية للفتاة “مساكن الشيراتون” قد أوضحن الأمر وأكدن أنها تعاني من اضطراب نفسي جعل تصرفاتها غير موزونة لتظهر مرتدية حمالة صدر، وبنطلون جينز مقطع.
إقرأ أيضا
وجاء رأي الدكتور محمد هاني استشاري الطب النفسي والعلاقات الأسرية، مؤكداً أن الفتاة تعاني من انفصام في الشخصية، قائلاً: “هذه الفتاة تعاني من مرض نفسي وهو ما يجعلها في حالة من اللاوعي، وهو كفيل لجعل الإنسان يقدم على تصرفات لا إرادية، فهي غير مدركة لما تفعله، يمكن أن يرجع إلى إصابتها بحالة من انفصام بالشخصية، ما يجعلها تتخيل نفسها أنها تعيش بشخصية أخرى وهو ما دفعها إلى الظهور والمشي بدون ملابس، فالمرض النفسي قد يدفع المريض إلى التصرف بأشياء دون وعي حيث يكون فاقدًا للأهلية.
ورداً على من كذب تلك الأنباء واستشهد بأن الفتاة تلبس على الموضة وتعي ما تفعله جيداً، لا يوجد من يملك حق تصويرها والتشهير بها حتى وإن كانت بكامل قواها العقلية، نعم نحن لسنا في أوروبا لكي نرى ذلك المشهد في شوارعنا المصرية، ولكن أيضاً هذا ليس حل للمشكلة كما أنه تعدي على الحرمات.