بقلم / د. نشوي كمال
دنيانا نعم .. دنيانا .. لا تحتمل القسوة . نعم ، نحن نعيش أياما لاترحم أيا منا ، لحظات تأخذ منا أجمل وأرق ما فينا ، حكايات تلطمنا ، مشاعر نعطيها ولا تعطينا ، اعزائي ، هي لا تحتمل القسوة ، نعم دنيانا لا تحتمل أن يقسو كل منا على الآخر ، فكل منا يحمل جبله على كتفه ، بين ضلوعه يحمل همه ،نمشي مع أحزاننا وكأنها تمشي معنا كالسحاب ، أحزاننا لا تفارقنا إلا حينما ترتطم ببعضها البعض ،يخرج من بين طياتها مطر الفرج ، فتمطر وتزدهر أرواحنا من جديد بالأمل وتغتسل قلوبنا بمائها الطاهر ، تتحقق المستحيلات بدعاء يخرج من جوف القلب من أدنى الأرض إلي عنان السماء ، يعود محملا بفرحة الاستجابه ، يمتص أسوأ مافينا (الألم ) ويعطينا (الأمل ) .
فهل يحتمل صاحب الابتلاء أن نقسو عليه ..كفاه مرارة الصبر علي ابتلائه
وهل يحتمل العليل شيئا بعد قسوة الألم الذي يدغدغ جسده ..وماذا يمكن أن يحتمل الفاقد المفارق بعد جل ما فقد ..هل نحتمل نحن أن نقسو علي من نحب ، أو أن نتخلى عن من تخلي عنا ، أو أن نخذل من تمسك فينا بقشة تحيي حياة قلبه.
لماذا اتيتك بكل هذا الكم من التعب والوهن والاحتياج ، التمس بين عينيك نظرة حنون تمحو كل ماسبق فلم أجد غير القسوة ، وماذا بعد أن وودت أن أبحث عن ذاتي واحتياجاتي واترك معاناتي بين اضلع هذا الصدر الذي طالما اعتقدت أنه حنون ، فغرس كفيه بقسوة ينتزع احتياجي إليه ، يقسو كما قسى الزمان عليه ، لم يكن يدري أنني ايضا لم أكن احتمل تلك القسوة .
لماذا لا نترك الحنان يلملم بقايانا ، ودعنا من القسوة ،القسوة التي أفقدت دنيانا راحتها وطيبتها ورائحتها ، فلا نقسو علي من نحب ، ولا نخذل من لچأ ، ولا ندع من بنا احتمي ، ولا نقابل القسوة بالقسوة، والخذلان بالتخلي ، والخيانة بمثيلتها ، والجفاء بمثله .
ولا نخجل من الصمت إذا كان بمحله
ولا نلتمس الحب إلا إذا زاد وهجه
ولا نريد الأمان إلا إذا كان بقلبه
ولا نقسو على من هو قطعة منا ، وإن كان يعاندنا
ولا نسعى ابدا للتعادل فكلنا حاباه الله روحه وعمره
نتبادل كل شيء .. إلا القسوة .. فلنتوقف إذن عن تحملها
فلا. نحن نحتملها ولا تحتملها دنيانا ..
نحن بالفعل لا نحتمل القسوة ، لكن مطالبون أن نتجاوزها ، وفي بعض الأحيان نمشي عليها حافين الأقدام تجرحنا تؤلمنا ، لكن مع هذا الجرح نتجاوز ، وبسبب هذا الألم نتعلم ، من دروس القسوة الآدمية لابد لنا أن نتعلم
أولا: ألا نقسو علي من قسى علينا .
ثانيا : نتعلم كيف نتجاوز القسوة ونستكمل الحياة
ثالثا : نعفو عمن قسى علينا لأننا نعيش في حلقه لا تنتهي من عفو الله وغفرانه لذوبنا مهما كثرت .
واخيرا : قبل أن نأخذ قرارا بالقسوة ندرك جيدا أنها بالنسبه لنا جميعا ..دنيا
( والله لا تحتمل دنيانا القسوة)
بقلم د. نشوي كمال عبد الحميد