القاهرة: أحمد محمد أبو رحاب
ضمن معروضات مهرجان القاهرة الدولي للكتاب 2019 . جناح دار (الوليد) رقم A38 الصالة الأولى…تنتظرُنا روايةٌ تتسم بالجرأة و بالنقد الرصين لقيم المجتمع العربي المتداعية منذ خمسة عقود من الزمن وصولاً إلى اللحظة الراهنة. حيث النسيج الاجتماعي البالي المثقَّب بدءاً من الأسرة و الأواصر العائلية الرخوة المهترئة، مروراً بالمؤسسات على اختلاف تخصُّصاتها و تصَانيفها، و النُّظم الإدارية و السياسية المضطربة القلقة، التي تداهم الإنسان في عُقر كرامته و اعتداده بذاته، فتصادُرها و تصادر معها حقهُ في الحلم بغدٍ أفضل، بحياةٍ عاطفية بريئة من الغدر و الخيانة و الابتزاز…بعلائق شخصية معافاة نظيفة، لا يتعامل فيها الرجل مع المرأة كبضاعة جسدية قابلة للمساومة و للمقايضة، مقابل بعض الأكاذيب و الأوهام.
و لأنَّ المدرسة هي الحاضنة الثانية في سلم التدرُّجات الاجتماعية التي تتلقى الفرد، و تسهم في تشكيل وعيه الاجتماعي و السلوكي و العلمي و الأخلاقي، و تُلازم طفولتهُ و يفاعتهُ ملازمةً قوية ، تنبري الكاتبة لتعرية الجهل و التخلف المُتفشِّيَيْن في المؤسسة التربوية التعليمية، و تدينُ أسلوب الإدارة التربوية النفعي المباشر، و تجعل من هذا الخلل الكبير فيها، مادةً للسخرية المرة و منطلقاً لمشروع مُرتجى في نهضةٍ اجتماعية رفيعة.
فالسخرية على مرارتِها و لذَاعتِها، تقود إلى إدانة الخطأ و جرائر السلوك و انحرافاته ، لغاية تنقية المجتمع و مؤسسات التعليم فيهِ من الشوائب و العوالق التي تعرقل التنمية الثقافية. فالتستُّر على عيوب القطاع التعليمي (خيانة) وطنية من نوعٍ فادح، إذ أنها خيانةٌ لجيلِ شباب ترتبط أحلامهم و تصوراتهم عن الحياة، بأحلام و تصورات مجتمعاتهم و أوطانهم في توأمةٍ مصيريةٍ قدريَّة لا يمكن تجاهُلُها، نشأت منذ أقدم العصور بين الأفراد و المجتمعات.
و في رواية (انشطارات دودة القز) تُفتضح الخيانة الوطنية في أبشع صورها…محاولات الانسلاخ عن جسد الوطن الأم، و اقتطاع أوطان صغيرة من خاصرتهِ بسكين الغدر و العمالة مع الغرب. أما المرأة ، بطلةُ الرواية ، فتقدِّمُها المؤلِّفة بنماذجها المتطرفة في الولاء.. و المتطرفة في التمرُّد ، و لا نجد للمرأة العاشقة حلاً وسطاً بين هذينِ النَّقيضيْن.
يبلغ عدد صفحات الرواية (320) صفحة، و هي رواية تستحق أكثر من قراءة و مراجعة. فإلى جانب غنى الأفكار و حضور الإيديولوجيات و العقائد المُتنازعة، هناك ثروةُ الفكر و الثقافة و عمق التجربة الشخصية. أضف إلى ذلك مُدهشات الأسلوب السردي المغامر و الحداثي.
هذا قليلٌ مما يمكن وصف (انشطارات دودة القز) به، و للقارئ لقاءٌ مع هذه الرواية المائزة، في جناح دار (الوليد) التي أصدرت الطبعة الاولى من (انشطارات دودة القزّ).
***************