كتبت / صفاء القاضي
التعليم هو زاد الحياة وهو بناء الإنسان من الطفولة و إلى نهاية عمره , ولا يتوقف الإنسان عن التعلم ما دام ينبض قلبه ويفكر عقله , فالعلم بحر لا حدود لشاطئه وقديما قالوا : في الأمثال الشعبية العامية ” يموت المعلم وهو يتعلم ” والمثل لا يعبر إلا عن الحقيقة ولا يدعو إلا إلى عين الصواب فما من متعلم إلا وهو بحاجة للتعلم حتى يموت وهو مازال يشرب من نبع العلم والتعلم ليس قاصرا على العلوم والآداب إنما هو يتوسع ليشمل تعلم العلم والأدب والصنعة و المهنة والحرفة و الأشغال اليدوية و تعلم القيادة والمهارات الفنية وتعلم التقنية وقيادة آلات المصانع المتخصصة , ويتوسع حتى يصل إلى تعلم التجارب والتعامل والفنون وتعلم الآداب الخاصة بالمناسبات والأكل والاستقبال وغيرها حتى الحياة الزوجية وتربية الأبناء فإنها بحاجة إلى تعلم , وعلى اتساع دائرة التعلم وشمولها كل جوانب الحياة تبقى مشكلة بطء التعلم قائمة في مواجهة التعليم بشتى أنواعه , ويسعى الآباء إلى تعليم أبنائهم ورقيهم في المراكز أو الشهادات المعترف بها دوليا ثم يواجهون صعوبات التعلم وبطء التعلم الذي ينعكس باضطراد على جميع أنواع التعلم النشط والغير نشط , والشئ الملفت للنظر حديثا هو بطء التعلم والتلقي العلمي الدراسي والحياتي مع تطور وتقبل واجتهاد وتميز في التعليم التقني فنجد الطفل لا يتقبل الكتاب لكنه يتقبل الجهاز , الجوال أو الحاسوب أو ما شابه وينجز فيه أعمالا لا ينجزها في غيرها ويظهر فيه تطورا و امتيازا لا يصله في تلقي العلم أو الأدب , و يتعجب الآباء ويحتارون جدا , ومن ثم ظهرت العديد من الحلول ومنها محاولات تلقي العلوم عن طريق الأجهزه التقنية في محاولة لتقبلها فتم تطبيق بعض الأساليب التعليمية التقنية الحديثة التي لم تثبت نجاحها إلى الآن بعد , وفي السابق طبقت في عدة دول أيضا ولم تنجح واستمر المتاخرون علميا متميزون تقنيا بدون الاستفاده من التقنية على هيئة أداة تعليمية , واحتارت العقول , إن بطء التعلم له أسباب كثيرة معروفة ومتداولة منها ما قد يتعلق بالدارس نفسه من تأخر عقلي أو تدني نسبة الذكاء , فإن كانت النسبة لا تساعد على التعلم السريع والتلقي وسرعة الفهم والحفظ والتطبيق , و اذا اعتبرنا أن الدارس طبيعيا يخلو من الاعتلالات التعليمية التي تعوق التقدم العلمي فإن هناك عواملا أخرى قد تؤدي إلى بطء التعلم منها المعلم الذي يتم على يديه تلقي العلم فإن لم يكن بالمستوى المطلوب الذي يحقق الفهم والإدراك وتبسيط المعلومة لدى الدارس إلى جانب التقبل النفسي للمادة العلمية التي تنعكس شخصية المعلم عليها عن طريق حب الطالب لمعلمه قد يتلقى أسرع وقد يحب ما يكرهه من مادة علمية بسبب حبه للمعلم , وقد يحدث العكس فيكون المعلم سببا مباشرا في كره المادة العلمية والنفور الدراسي وبالتالي بطء التعلم , و المشاكل النفسية التي يمر بها الطالب لها دورا كبيرا في إعاقة التعلم وتحويله إلي عملية شبه مستحيلة , وكذلك فإن عنصر توهم كره مادة معينة يسيطر على العقل فلا يجعله يتقبل المادة العلمية وهذا الخطأ يقع فيه الدارس ويستسلم مثلا إلى أنه يكره دراسة اللغات , ولو قاوم تلك الفكرة وغيرها واستبدلها لوصل إلى نسبة نجاح عالية , والسؤال هنا كيف نستطيع التغلب على بطء التعلم عند الدارس و عند الإنسان العادي في الحياة.
المحاولات هنا عديدة فقد يكون الجو النفسي في المدرسة والبيت , و كذلك شخصية المعلم قد يمثل ذلك عوامل ايجابية أو سلبية وقد يكون الإنسان البطيء الاستجابه يحمل ثقلا نفسيا يعوقه عن التواصل المطلوب , لكن من أهم أسباب محاربة المشكلة هو الدفع والدعم فلو أبطأ المسير يوما لدفعنا العجلة بكل قوتنا
فإن فقدنا روح التعلم فإننا نقاوم ذلك عن طريق الدعم والدفع إلى الأمام إما بالتشجيع أو بتوفير الأساليب التي تتيح سهولة التعلم أو الدفع عن طريق الإثابة وتقديم الجوائز والتكريم , والدفع عن طريق الثقة وتقديم المسؤوليه لهذا الطالب على طبق من فضة نحملها له على عاتقه ونتركه , معلنين له كامل ثقتنا في نجاحه مع وجود الحافز المشجع للمواصلة سواء كان بالتقدير أو المكافآت المالية أو إعطائه منصبا في عمله يمنح له ثقة تدعم بطئه وتحوله فورا إلى سرعة استجابة وسهولة في التلقي ,
فعندما تمنحه ثقتك تأكد تماما أنك منحت من يستحق فلا تختار المتميز وتفضله بل اختار المتعثر والبطيئ ودعمه بثقتك وبهذا نحارب البطء بالدعم والدفع , ونحارب بطء التعلم عن طريق دفع عجلة الثقة .