بقلم
د/ نشوي كمال
أتري هو حال أرواحنا وعقولنا وقلوبنا ، أن نترك الماس ، ونبحث عن ما هو دون الماس ، نترك ما يلمع ونذهب لما يطفئ قلوبنا ، ويتفنن في الكسر ، الخذلان ، التخلي والوجع ، فماذا كنت انت ؟ وماذا كنتي انت ؟ ، الماس المتروك ، أم من لم يعرف قيمة الماس ، كنت انت بطل قصة التخلي ، أم انت الضحية وقطعة الماس التي تغافل عنها حاملها ، تقلبت القلوب وأصبحنا نحب من يتركنا ونترك من أحبنا كل هذه السنين ، فنجد أنفسنا في وضع الماس المتروك من أجل أوراق الشجر المفتتة الملقاة على الأرض في فصل الخريف ، لم اعد اقتنع بأن هذا هو حال الدنيا التي عمرنا الله فيها .
فهل أصبح الطبيعي هو أن نؤلم من يحبنا من منحنا الفرص من تخطى وجع السنين الذي كنا نحن السبب فيه وحتي تغاضى عن عتابنا ، تجاوز وسامح وفرد لنا بساط الحب من جديد ، اعتقادا منا أننا عرفنا قيمة الماس ، فهممنا نحن كأخوة يوسف ألقيناه في غيابات الألم والوجع من جديد .
أتممنا أعواما في الحب والإخلاص والتسامح والعطاء ، وأتممتم عامكم هذا بالوجع والتخلي ، كأهل الكهف من دوننا ، تقلبتم بين هذا وذاك الحب وعدتم وعدنا صفر اليدين ، ولكن حتما سيوقظ الله غفلتكم ، تحروا رشدا يا من تعتقدون أن وجع القلوب هين ، بل هو عند الله حق عظيم ، فالله هو رب القلوب المنكسرة ، تجده عند المنكسرة قلوبهم .
لم يعد يعنيهم الماس ولم نعد نحن القلوب المثالية للحب ولم نعد نوزن بالماس ، لم يعد يعنيهم الحنان والصدق والحب الكبير ، غابوا في مهالك الدنيا وزينتها وزخرفها واحزانها وضغوطاتها ، صدمتهم قسوة الحياه ، فأبدعوا في قسوتهم علينا حتي أضاعونا ، فضعنا ، بالفعل ضعنا .
فلنحسن أحبتي قراءة الرسائل الربانية التي يبعثها الله لنا ولنعلم أن هناك أناسا وقلوبا لن تمنحهم لنا الحياة مرة اخرى ، فهم كالعمر يأتي إلينا مرة واحدة وما يذهب منه من أعمارنا مستحيل أن يعود .
هؤلاء لن يكون لهم البديل وحتي إن توهمنا أننا يمكن أن نعوضهم ، فهل نجد البديل الماسي فيمن من منحنا مشاعر ماسية لا تنطفئ ابدا ، هل يعوضنا الزمان بالحب والاهتمام والسند والخير الذي يحملوه لنا
الخير الذي يحمله هؤلاء الماسيون في قلوبهم ليس له مثيل ، الخير الذي جعلهم يتألمون ولا يحسنون غير الدعاء لنا ، فأولئك دموعهم محسوبة عند ملك الملوك وألمهم يطلع عليه مولاهم من فوق سبع سماوات ، أحصى الله المرات التي ازدحمت فيها أنفاسهم واختنقت ، أحصي الله وجع ونزيف قلوبهم ، يعد بها الله الحزن لمن اوجعهم واللعنة والخذلان لمن تخلى عنهم .
الماسيون لا يصدأون لا يتغيرون ، حتي في قمة وجعهم لا يحركون ساكنا ، يمنحون الحب والتضحية والمشاعر الرقيقة ، يكسو الله قلوبهم بالرحمة بالصبر ، يعلمون جيدا أنهم فاقدون فيعطون بسخاء ، لا تحملهم ألام قلوبهم نحو الانتقام ، الكره أو الاسقاط ، دوما نراهم يلمعون كأنهم عاهدوا الله ألا ينطفئوا ، وهم حقا يستحقون هذا البريق ، فقد تأذوا ممن لم يسكن القلب سواهم ، نزفت قلوبهم مرات لكنهم لا يحتملون فكرة الأذي لمن أذاهم ، ولا يحتملون أن يروا منظر نزيف دماء قلوب من خذلوهم .
تلك القلوب لا تجبر ابدا دائما هي مخيرة .
عامرة بالحب الحقيقي ، والرضا بما قسمه الله ، تتخطى الوجع فرفقا بها .
فلنحسن قراءة القلوب الماسية الرقيقة ، ولنحسن مقارنتها بفتات المعادن الدنيئة التي مرت بنا في دنيانا واهلكتنا .
للمزيد