صدمة كبيرة أصابت المصريين جميعًا على حدٍ سواء، من يشجع كرة القدم وتستهويه مشاهدة مبارياتها ومن لا يشجع بشكل معتاد
ولكن :
تلك الدورة تحديدًا كانت لها فرحة غير معتادة واهتمام غير مسبوق وحالة من التعطش الشديد للفوز الذي فارق منتخبنا المصري لسنوات طويلة مليئة بالإحباطات والعثرات التي كان آخرها الخروج المخزي من بطولة كأس العالم.
تلك التي انتظرناها سنوات وسنوات لم نكن نحلم أن نحصل فيها بالطبع على الكأس ولكننا كنا ننتظر على الأقل مستوى معقول يتناسب وهذا الانتظار الطويل.
وبكل أسف قد خذل المنتخب الجماهير خذلانًا كبيرًا ولم يكن على قدر تطلعات وآمال المصريين !
ثم تجدد الأمل مرة أخرى بعد أن وقع الاختيار بشكل غير متوقع على مصر لتقوم بتنظيم واستضافة كأس الأمم الأفريقية بعد ١٣ عامًا من آخر مرة تقام البطولة على أرضها،
وعلي الرغم من ضيق الوقت الشديد قامت الدولة بتسخير كل إمكاناتها وتوفير كل مقومات وأسباب خروج الدورة على أكمل وجه قد فاق كل التوقعات والأحلام، إذ أبهرتنا وأبهرت العالم بأسره دقة التنظيم وروعة حفل الافتتاح، وفوق هذا وذاك رأينا جماهير المصريين كما لم نرهم من قبل، في أجمل صورة للتحضر والرقي والدعم الحقيقي النابع من أعماق القلب والذي كان وحده كفيلاً بدفع كل لاعب يرتدي قميص المنتخب الوطني أن يستميت بأرض الملعب ليقدم لهذا المصري الرائع ما يستحق من شعور بالفخر والاعتزاز !
لكنهم وبكل تهاون واستهتار لم يقدروا الجمهور المصري حق تقديره ولم يكونوا على قدر هذا الحدث الكبير الذي استعدت له البلاد أتم استعداد وقامت الدولة والمواطنين بكل ما ينبغي عليهم القيام به ويزيد، ليجدوا بالمقابل ما لا يتناسب ولا يليق ولا يجوز أن يكون !
علي من يقع اللوم ؟ ومن ذا الذي تتعلق برقبته تلك الغُصة التي امتلأت بها قلوب المصريين وتلك المرارة التي استقرت بحلوقهم؟ هل يقع اللوم على دويلة اتحاد الكرة المصرية التي أثبتت فشلاً يتبعه فشل بالأداء والقيادة على مدار سنوات، وبعد أن قتلوا القتيل سارع كل منهم بتقديم استقالته ليسيروا وسط جموع المصريين في تشييع جنازته هربًا من المساءلة؟
أم يقع اللوم على مجموعة من اللاعبين باستثناء قلة، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي أفلامًا مصورة لتجمعاتهم بمعسكر المنتخب يرقصون ويمزحون بشكلٍ مقزز وفج خارج عن حدود الأدب واللياقة والترفيه الطبيعي المسموح به؟
كنت أنتظر أن يشعر هؤلاء الراقصون ببعض المسئولية ويدركون خطورة الموقف ويتحسبون جيدًا لاسم مصر الذي يحمله كل منهم على صدره ويشعر بحق أنه بميدان لمعركة حقيقية إما النصر فيها أو الشهادة !
ألم يكن من المنتظر أن نصل حتى إلى أدوار نهائية ذات قيمة وإن لم نحصل على الكأس؟
ألم يكن من حق هذا الجمهور العريض أن يبتل ريقه العطش بعدد أكبر من مباريات المنتخب الوطني قبل أن ينفطر قلبه حزنًا على ضياع الحلم؟
وبالتالي سيكون من الطبيعي أن يعزف الجمهور عن الإقبال على مشاهدة مباريات وفعاليات الدورة المقامة علي أرض مصر في عدم وجود منتخبها الوطني !
ألم يخسر عشرات الآلاف من العاملين الذين خصصوا مشاريع تجارية كالمحلات والمطاعم التي استأجرت مساحات داخل استاد القاهرة وغيره أملاً في توافد الجماهير الغفيرة لمباريات المنتخب الوطني وكانت حصيلة هذه الإيجارات ستذهب لصالح إدارة الاستاد كجزء من تكلفة تطوير الملاعب المصرية، إضافة إلى خسائر وكالات الدعاية والإعلان والقنوات الرياضية، فضلاً عن خسائر تجار الملابس والأدوات الرياضية، انتهاءً بخسائر الغلابة من بائعي الأعلام بالميادين والشوارع والإشارات .
نهاية:
أناشد السادة المسئولين في الدولة :
بتوقيع أشد العقوبات على كل متقاعس، مقصر، شريك بهذه المهزلة التي أصابت المصريين بالحزن والإحباط دون تهاون، بداية من أعضاء اتحاد الكرة إلى أصغر لاعب بالمنتخب .
كما أناشد الجماهير المصرية العظيمة:
ألا تتراجعوا عن إكمال الصورة الحضارية المشرفة التي ظهرتم بها أمام الدنيا وألا تفقدوا حماسكم في تشجيع من تبقي من فرق مشاركة بالبطولة التي بالنهاية تستضيفها أرض مصر الطيبة، وأنتم شعبها الطيب الكريم المرحب المضياف ذو الروح الرياضية العالية كعلو وسمو أخلاقه .