عام
تأملات في قطار الحياة
في محطة اليوم أحبائي من قطار الحياة سأحكي لكم عن أمر رأيته قد انتشر بين النساء والفتيات الصغيرات واستغنت فيه المرأة عن أنوثتها ورقتها وجمالها واستبدلته بالقبح حين تشبهت بالرجال وأصبحت في نظرهم(أمراة مسترجلة)
ومارايته في هذه المحطة من انتشار التدخين للسجائر والشيشة حتى بين الفتيات الصغيرات اللاتي لم يتعدى عمرهن ١٥عاما وبين السيدات والمجاهرة بهذا الأمر فيما يعرف بالكافيهات والأندية والحدائق العامة دون اعتبار لنظرة المجتمع العربي للمرأة المدخنة يدعو للعجب !!
فلم يعد مستغربا أن نرى المرأة في محطتنا تدخن بمنتهي الثقة والجرأة ولم تعد تهتم براي الناس في ذلك رغم أن الرجل الشرقي في مجتمعاتنا مهما بلغت درجة انفتاحه سيظل يرفض أن تدخن زوجته على قارعة الطريق ودون حياء .
وقد تحدثت مع بعضهن في أماكن مختلفة وسألتهن لماذا تشربن السجائر ,؟
فجاءت الإجابات محيرة وبعضها مثيرا للدهشة
فتاة في الثلاثينات قالت لي إنها حرية شخصية ومن حقها أن تفعل ماتحب طالما تملك المال ومستقلة اقتصاديا ولاتؤذي احدا
فقلت لها ولكنك تؤذين نفسك للأسف لم تهتم بما قلت واكملت سيجارتها !!!
وسألت سيدة في الخمسينيات من عمرها لماذا تدخنين؟
فأدهشتني الإجابة وحركت داخلي مشاعر مختلفة من الشفقة والحزن والتعاطف
فقد قالت إنها تدخن لأن زوجها قد تزوج عليها امرأة أخرى وشعرت بالقهر. والانكسار والغيرة فاتجهت للتدخين لأنها حين تدخن تطفئ نيران قلبها بدخان السيجارة “مسكينة”
واقتربت من فتاة عشرينية وسألتها لماذا تدخنين حبيبتي؟ فجاءت إجابتها صادمة!!
لقد هربت من مشاكل أسرتي والخلافات بين أبي و أمي التي لا تنتهي إلى السيجارة ورسمت من خلالها عالمي ففيها أجد راحتي وعالمي الذي أحبه
وحين اخبرتها إنها مازالت صغيرة وتدمر صحتها فكان ردها لاأنظر إلى الغد فقط أريد أن أعيش هذه اللحظة!!!
وقد انهيت الحديث وقلبي به غصة موجعة ودموع تتسابق لتعبرعن الحزن الذي أصابني
ولن أخفي عليكم
فقد وجدت فيمن تحدثت معهن رغبة عارمة في التمرد على المجتمع وعلى ظروفهن الاجتماعية الظالمة من وجهة نظرهن فالرجل يفعل ما يريد والمجتمع يغفر له أخطاءه حتى لو كانت مشينة أخلاقيا والمرأة تحاسب على كل شئ رغم تفوقها على الرجل في مجالات كثيرة.
وعلى الرغم من رفضي لفكرة التدخين بشكل عام والمرأة بشكل خاص ولكنني في هذه المحطة تعاطفت معهن رغم فشلي في اقناعهن بالعدول عن التدخين فهذا هو واقعنا المؤلم الذي نعيشه مع بناتنا الصغار اللاتي يشكلن المستقبل فكيف سيكون هذا المستقبل و١٥% من الفتيات الصغيرات يشربن السيجارة ؟
ومهما حاولنا الهروب من هذا الواقع المؤلم في هذه المحطة بالرفض أو التجاهل لن يفلح الأمر
وعلى أية حال نحن في مجتمع شرقي تحكمه العادات والتقاليد
حتى وإن كانت لاتعجبنا فستبقى ميراثا يحكم
تصرفاتنا ونظرة الناس لنا ولذلك
أقول لنفسي ولكل الأمهات.والٱباء استمروا في حوارتكم مع أولادكم وبناتكم ووفروا لهم الفهم الصحيح لمشاعرهم و رغباتهم في زمن تأخر فيه سن الزواج وزادت فيه حالات الطلاق بشكل جنوني وكونوا أصدقاء لهم ليعودوا إليكم’وأن نفتح أمامهم أبواب الأمل التي نستلهمها من ديننا الحنيف الذي يدعونا إلى التمسك بالقيم والأخلاق.
بقلم
ميرفت مهران
٥/٨/٢٠١٩