الاستاذ الدكتور فاروق الباز عالم جليل و رائد عربي من الرواد القلائل، فهو عالم مصري مهم عمل في وكالة ناسا في التخطيط للاستكشاف الجيولوجي للقمر، له الفضل في اختيار مواقع الهبوط البعثات ابولو، و درب الرواد الفضاء الامريكان، على اختبار عينات مناسبة من تربة القمر و صورا لتضاريسه و إحضارها إلى الأرض للتحليل والدراسة، فهو عالم فلك وجيولوجيا.
ولد في أسرة عالم ازهري بالزقازيق و حصل على بكالوريوس كيمياء جيولوجيا من جامعة عين شمس بالقاهرة ،حصل عام ١٩٦١على الماجستير من جامعة ميزورى للمناجم و حصل على عضوية جمعية سيجما تساى اي العلمية، نال شهادة الدكتوراه في عام ١٩٦٤،و تخصص في جيولوجيا الإقتصادية.
أطلق اسم الباز بواسطة الاتحاد العالمى للفلك على كويكب بالفضاء نتيجة لدوره مع وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا”، بداية لمشروع “أبولو” لاستكشاف سطح القمر.
في عام ١٩٧٨ اختير الباز كمستشار علمي للرئيس المصري الراحل انور السادات.
شغل العديد من المناصب الهامة ودرس علم الجيولوجيا في العديد من الجامعات المصرية والعربية والأمريكية.
عاش خارج مصر أكثر من خمسون عاما ولكن وطنه مصر يعيش في داخلة.
حاورته الإعلامية/لطيفة القاضي
*الاستاذ الدكتور فاروق الباز، ماذا تعني الأسرة والعائلة بالنسبة لكم، هل لعبت الأسرة دورا في وصولكم للعالمية؟
الأسرة مهمة جدا، فقد لعب الوالد دورا هاما في الإيمان بأن جمع العلم والمعرفة على الدوام هو اساس النجاح. وكذلك فالأم كان لها دورا أساسيا في تحديد روح التعامل مع الغير في كل الأحوال وعلى جميع الطبقات، وكذلك الأخوة والأخوات لعبوا دورا في حسن التعامل مع الناس.
● انتم قلتم “أنني أشعر بأن العالم العربي تأخر كثيرا في النصف الثاني من القرن الماضي خاصة في الدول التي قامت فيها الثورات العسكرية و التي كانت تقصد اصلاح الأوضاع القائمة آنذاك” فما رأيكم بالاوضاع العربية بعد الثورات، وكيف تنظرون لما تشهده المنطقة العربية حاليا من منظور موضوعي؟
انى اعتقد أن الدول العربية ما زالت تئن من مساوئ “الحكم الاشتراكي” فلم تتحسن أحوال المواطنين كما تم في الدول التي تم فيها حكم ديمقراطي تحسن فيها التعليم والاقتصاد وازدادت مشاركة الناس في الحكم مثل اليابان وماليزيا وكوريا الجنوبية والهند.
*كيف ينظر المواطن الأمريكي والغربي للمنطقة العربية، حيث أنه توجد حملات لتشويه صورة الدول العربية، وكيف يمكن التصدي لتلك الحملات الظالمة والمشوهة للحقائق، هل للاعلام دور في الدفاع عن قضايا أمته و اظهار الحقائق بطريقة إيجابية؟
ينظر الناس بالعالم إلي العرب وكأنهم مصدرا للاسلام السياسي الغاشم الذي تمثل بالاجرام الجماعي و قتل الناس دون مبرر، علينا أن نحسن من صورتنا بانفسنا أولا قبل أن نحاسب الغير لعدم فهمنا على حقيقتنا، لقد صدرنا للعالم ما يكفي من بلاء باسم الدين وعلينا ان نغير من هذا الواقع رويدا رويدا.
*شهدت الأمة العربية ثورات الربيع العربي، متى سوف تتعافى هذه المنطقة العربية من هذه النزاعات؟
ما زالت الدول العربية تئن من الثورات وتقوم في بعضها ثورات جديدة مثل ما يحدث في لبنان والعراق اليوم، اضافة إلى اليمن وليبيا.
الخراب الذي تفشى في العالم العربي لأكثر من ٧٠ عاما لا يختفى أثره في أشهر.
وفي نظري أمامنا عشرات السنوات حتى نتمكن من نحو آثار الخلل بالماضي.
*ما هي الاحتياجات للنهوض بالركب العالمي المعاصر؟
في نظري ما نحتاج للحاق بالركب العالمي المعاصر هو:
١-اصلاح التعليم على كل المراحل من الروضة إلى الجامعه.
٢-إثراء حرية الفرد لكي يقدم كل شخص ما يستطيع لرفعة المجتمع.
٣-إزالة كل احتمالات الفساد والغش الحكومي، والمجتمعي.
٤-العدالة المجتمعية بين الأفراد وبين النساء والرجال في كل شيء.
٥-تثبيت قواعد الاقتصاد الخاص ودعم مشاركة الناس في كل أمورهم.
*ماذا تعني لك هذه الكلمات:
السيسي/مصري مخلص متميز يحاول قدر طاقته أن يصلح احوال البلد أثناء فترة عصيبة من تاريخها.
الحرية/ صفة في غاية الأهمية لازدهار الإنسان رجلا كان أم امرأة لتحقيق آمال وإثبات المقدرة.
التعليم/ اهم ما تقوم به حكومة أو رئاسة اي مجموعة أو أي دولة.
الفرق بين المتعلم والجاهل تساوى المسافة بين الأرض والسماء لذلك فأهم ما تقوم به حكومة اي دولة هو كيف تعلم أفرادها إذا كان التعليم جيدا نجت الحكومة، واذا حدث عكس ذلك فشلت.
البحث العلمي/ مقياس تقدم الدول. نرى في الدول المتقدمة أن ميزانيتة لا تقل عن ٢% من ميزانية الدولة كما هو الحال في معظم دول اوربا وأمريكا.
في مصر وباقي الدول العربية يصل ذلك إلى نصف في المئة أو أقل.
عبد الحليم حافظ/ هو أحد نجوم الماضي أي أيام، “الزمن الجميل” عندما كان الغناء والتمثيل و ما الى ذلك شيئا راقيا مع اني شخصيا احب سماع ام كلثوم وعبد الوهاب، وشاكلتهما، ولكنه كان نجما متميزا.
*الاستاذ الدكتور العالم المصري الفذ، ما هي برأيكم معوقات البحث العلمي في الدول العربية، وما هي مقومات إنجاز ودعم البحث العلمي؟
دعم مادي واهتمام حكومي ومجتمعي هذا ما لا يوجد في بلادنا العربية بأكملها علما بأن ميزانية البحث العلمي في اسرائيل تقارب ٤% من ميزانيتها.
● هناك مبادرة تنص على عودة العلماء العرب من الخارج، وأخص بذلك الذين حققوا نجاحات كبيرة في هذه الدول، باعتقادكم لماذا لا توجد مبادرة من أجل إخراج علماء عرب من الوطن العربي على نفس كفاءة وشهرة نظائرهم في الخارج، وأنني أعتقد بأنه توجد في بلادنا العربية فرص عالية لتحقيق هذه المبادرة؟
اسمع هذا الكلام بين آونة وأخرى و لقد حاولت شخصيا عدة مرات بعد سماع هذا الكلام من رؤساء دول عربية، و فعلا اجتمعت مع بعض الزملاء إنشاء مؤسسات تؤهل ذلك. لكن هذه المحاولات لم تنجح لأن القول الحقيقي بأنها كانت محاولات كلامية لا تمثل اهتمام حقيقي ودائم الدعم.
*إن التعليم في مصر خاصة والوطن العربي عامة انحدر الى الاسفل، هل وزير التعليم في أي دولة من حقه وضع استراتيجية جديدة للتعليم, وما هي اهم توصياتكم في هذا الصدد؟
لابد من أن يكون المجتمع بأكمله على استعداد للمشاركة في هذا الأمل المحدد على سبيل المثال فان حكومة دولة صديقة صارحت الناس إن الميزانية لا تكفي الا لإصلاح التعليم. وعليه فقد طلبت علنا من الناس إن لا تسأل عن طرق أو ملابس أو ملاهي و ما الي ذلك ……. كل قرش سوف يصرف في إصلاح التعليم أولا. فبعد أن اتفق الناس على ذلك بدأت الحكومة في ذلك واستمر هذا الحال عشر سنوات قبل أن تبدأ في صرف مال في مشاريع أخري إضافة إلى التعليم.
*الاستاذ الدكتور ، لديكم إيمان راسخ بدور الشباب والمرأة على خريطة البحث العلمي، على الفرص موجودة بالفعل للمشاركة؟
بالنسبة للمرأة فإن تاريخ مصر الحافل يدلنا على أن النساء قامت بأدوار تساوي في عظمتها واهميتها الأدوار التي قام بها الرجال. كذلك الكثير من الأديان التي توالت على مصر ساوت الأفراد امام الله فلا تقل المرأة عن الرجل في أي شيء.
إضافة إلى كل ذلك فنحن نحتاج إلى سواعد وفكر كل مصري ومصرية في رفعة الوطن في الحقبة القادمة لخروجه من حقبة الظلام والجهل التي أثرت علينا تأثيرا بالغا.
أما بالنسبة للشباب فاني اتذكر ما كنت احس به من فخر ووطنية اثناء دراستي الجامعية و كيف كنت مع زميلين نطوف بأرض جامعة عين شمس لتنظيفها بعد ظهر كل يوم خميس لانه اليوم الذي لا نأخذ فيه حصة عملي.
اذكر أيضا أنه خلال رحلة ابولو الاستكشافات القمر مركز ناسا بمدينة هيوستن، كان متوسط عمر هؤلاء ٢٦ عاما وهم من كانوا يسيرون رحلة اول وصول انسان على سطح القمر.
*كلمة أخيرة تود أن توجهها إلى الدول العربية، وما هي أمنيتك التي تود أن تراها في مصر والوطن العربي؟
أمنيتي لمصر أن ترتقي إلى ما كانت في الماضي على الاقل الماضي القريب اي منذ ١٠٠ عام فقط وليس آلاف السنوات، شاملا ذلك على:
إصلاح التعليم على جميع درجاته، ودعم الفكر المجتمعي ودعم الناس للغير وتطوير فكر الدولة من “حكم الناس” إلى “خدمة الناس.”
أمنيتي للوطن العربي البعد عن المهاترات والشقاق والنفاق ومحاولة الاجتماع على ما يفيد شعوبهم والاتحاد في السياسة لتحقيق العدالة، لأهل فلسطين المغتصبة، والله الموفق.
كل الشكر للاستاذ الدكتور فاروق الباز العالم المصري الجليل على الحوار الصريح والمثمر والموفق.
اشكركم انا الكاتبة والصحفية والإعلامية لطيفة القاضي، على متابعة هذا الحوار الشيق.
زر الذهاب إلى الأعلى