طه حسين و سوزان بريسو والحب المستحيل
كتب: عماد وديع
هي قصة الحب المستحيلة بين الفتاة الباريسية سوزان بريسّو، وطالب العلم فاقد البصر من إحدى قرى الصعيد في بر مصر غير المعروفة على خريطة العالم، طه حسين، والذي اصبح فيما بعد عميد الأدب العربي، وإحدى مناراته العقلية والفكرية على مدى سنوات طويلة.
وستصبح هي ”سوزان بريسو“ المرأة التي آمنت بقدرات الرجل الذي أحبته، رغم معارضة الأهل والمنطق والأقدار، ولتكتب بعد سنوات من رحيله عنها وعن الدنيا، ذكرياتها وحياتها التي وهبتها له بعشق وامتنان شديد، في كتاب يحمل عنوانًا شديد الدلالة الإنسانية المشوبة بالعاطفة، المكتوب بلغتها الفرنسية، والتي أرادت له أن يُترجَم إلى العربية، ليصل إلى قراء وقارئات العميد في شتى أنحاء العالم العربي، فقام بترجمته الكاتب والصحفي الكبير بدر الدين عرودكي، الذى نُشِرَ عام 1979 من دار المعارف المصرية، و مُقدَّمَة للكتاب بقلم أمينة طه حسين، بالإضافة إلى ملحق بالصور.هي من أكثر قصص الحب الرائعة عبر التاريخ
و من أروعها على الإطلاق..قصة حب الزواج المستحيل..
حب قائم على الاختلاف٬ الاختلاف بكل معانيه هو مصري و هي فرنسية..
هو مسلم و هي مسيحية٬ هو من عائلة فقيرة و هي من عائلة أرستقراطية..
هو قمحي فاقد البصر و هي شقراء بعينين زرقاوين
و رغم كل هذه الاختلافات استمر زواجهما ٥٦ عام حتى وفاته..
وكانت لقصة حبهما ثمرتين.. أنيس و أمينة وبعد وفاته لم يتوقف الحب
و كتبت سوزان كتاباً تخلد فيه قصة حبهما: أسمته “معك”
تقول في فصله الأخير:
“و في النهاية كُنا معًا . دائماً وحدنا قريبين لدرجة فوق الوصف
كانت يدي في يده متشابكتان كما كانتا في بداية رحلتنا
و في هذا التشابك الأخير تحدثت معه و قبلت جبينه الوسيم
جبين لم ينل منه الزمن و الألم شيء من التجاعيد
جبين لم ينل منه هموم الدنيا من العبس
جبين لازال يشع ضوءاً ينير عالمي
كانت فائقة الجمال و رغم أنه لم يرها يوماً أحبها و رغم فقدانه لبصره أحبته
أحب روحها فأحبت روحه..
فكان يرى الدنيا بعينيها و كانت تعيش بنبض قلبه
إنه الحب كما يجب أن يكون . انها سوزان بريسو هذه هى المرأة التى حظيت بقلب طه حسين وحظى هو بحبها وإخلاصها له، وكانت تعرف باسم سوزان طه حسين تلك المرأة التى أسهمت فى تركيب وجدان طه حسين ستة وخمسون عاما عمر علاقتهما الزوجية والروحية، رحل هو قبلها عام 1973 وبقيت هى وحدها ولم تغادر مصربل ظلت فى بيتهما تستعيد ذكرياتهما سوياً، حتى رحلت عن الحياة فى 1989