بقلم : الدكتور محمد حسن كامل
25 ديسمبر 2019 تمر الذكرى الأولى بعد المائة من ميلاد الرئيس الراحل / محمد أنور السادات الذي وُلِدَ في 25 ديسمبر 1918
اليوم نحتفل بمولد هذا الرجل الفذ , بطل الحرب والسلام .
نحتفل به في بلاط اتحاد الكتاب والمثقفين العرب بباريس .
دعونا نتكلم عن مشاعرنا لهذا الرجل العظيم الغني عن كل تكريم
السادات الإنسان
تشكل المعاناة الجانب الأعظم في حياة هذا الرجل , تلك المعاناة البشرية من دم ولحم تجعلك تقترب من الرجل وكأنك تقاسمه قطعة خبز وشربة ماء , المعاناة البشرية من أجل الحرية والخير والحق والمساواة تقطع المسافات وتعبر المحيطات , لتنطق بها الإنسانية بكل اللهجات واللغات
سيرة هذا الرجل تُجسد للعظمة مفهوماً جديداً , لقد انتصر على نفسه لينصره الله على عدوه .
وُلد في يوم 25 ديسمبر 1918 بعد 44 يوماً من انتهاء الحرب العالمية الأولى التي انتهت يوم 11 نوفمبر 1918 , وقتئذ كانت مصر تحت الاحتلال البريطاني , ومرّ عام وقامت ثورة 1919 بقيادة سعد زغلول ….في تلك الحقبة شهدت مصر المعاناة من أجل الحرية والاستقلال وتضافرت الجهود لمقاومة الاستعمار
حفظ السادات القرآن في كُتاب قرية ميت أبو الكوم مسقط رأسه ثم انتقل إلى مدرسة الأقباط بقرية طوخ المجاورة لقريته في محافظة المنوفية ومنها حصل على الشهادة الابتدائية
تلك النشأة الريفية المصرية الأصيلة غرست في صاحبنا السمات المصرية للمصري الأصيل من حب وكرم واجتهاد وصبر وتأمل وفكر وحلم وقيادة , تلك الصفات أهدت لنا
” الرئيس الراحل محمد أنور السادات “
الرجل الذي نال قسطاً وافراً من المعاناة الإنسانية ليقود أمة في ظروف عصيبة .
نافذة التاريخ قد تبوح لنا بكل الأسرار التي حدثت على مسرح الأحداث في العالم , بل على مسرح القدر لهذا الرجل , ونحن هنا لا نود أن نسرد التاريخ الذي يعيش بيننا , بين شهيق الماضي وزفير الحاضر ولكن فقط أردنا أن نبرز فكرة المعاناة التي قد يشترك فيها معظم العظماء في العالم سواء في مجال العلوم أو الفكر أو الأدب أو السياسة وغيرها .
قد يلتقي السادات مثلا مع مانديلا في جنوب إفريقيا وكلاهما دخلا السجن وعاشا المعاناة .
وحينما نُسلط البقع الضوئية على المعاناة في حياة السادات قد تتجلى في لقطات سجلتها لنا عدسات التاريخ منها إعجابه الشديد بقصص الكفاح المصري منها قصة زهران وحادثة دنشواي , وقصة أدهم الشرقاوي , وكفاح مصطفى كامل , فضلاً عن الزعيم الهندي غاندي
فهم السادات المعاناة , وأدرك مفهوم الكفاح من أجل الحرية والاستقلال
تخّرج السادات من الكلية الحربية , والتحق بسلاح الإشارة في أول أكتوبر عام 1939 , وبسبب اتصالاته بالألمان قُبِض عليه وتم فصله من الخدمة بمنطوق ملكي سامي , ثم قبض الإنجليز عليه وحُبس في سجن الأجانب , وهرب من المعتقل عام 1944 حتى سقطت الأحكام العرفية
وتستمر المعاناة للسادات بعد مقتل أمين عثمان باشا وزير المالية , وكان السادات رقم 7 في قائمة الاتهام , وقضى في السجن 31 شهراً ليحصل على البراءة , ويخرج لمعاناة أخرى بدون وظيفة ولا مال
المعاناة تصنع الرجال ….عادت الحياة تبتسم للسادات بعد زواجه من السيدة / جيهان رؤوف صفوت ويعود مرة أخرى للجيش بنفس رتبته اليوزباشي بواسطة الدكتور يوسف رشاد من الأطباء الخاصين بالملك فاروق.
التحق السادات بالهيئة التأسيسية لحركه الضباط الأحرار باختيار عبد الناصر له ليستمر مسلسل المعاناة
كفاح شعب ضد الاستعمار , وهموم أمة تعاني من الجهل والفقر والمرض …..معاناة ثقيلة لا تتحملها الجبال …تحملها الرجال
قامت ثورة يوليو المجيدة , وتولى السادات تلاوة أول بيان للثورة على الشعب عبر الأثير
في عام 1955 شارك في تأسيس جريدة الجمهورية وتولى رئاسة تحريرها
ومن هنا نكتشف معاناة جديدة للسادات الكاتب الذي يعيش تجربة العمل الصحفي والنسيج الأدبي ومخاض الإبداع ….معاناة المفكر والمتأمل
معاناة القلم والعَلم .
ومازالت ظلال المعاناة تطارد الرجل ولاسيما حينما تولى منصب نائب رئيس الجمهورية عام 1969
حتى وفاة عبد الناصر في 28 سبتمبر 1970 , ليصبح رئيساً لمصر بعد استفتاء شعبي في الخامس عشر من أكتوبر 1970 ليتسلم مقاليد الحكم في السابع عشر من أكتوبر 1970
معاناة المسؤولية أمام الله والشعب والتاريخ
مازال ملف المعاناة مفتوحاً أمام الرئيس الراحل محمد أنور السادات , ولعل أول صفحات هذا الملف الا٧حتلال الإسرائيلي للأرض المصرية بعد هزيمة يونيو 1967
وبفكرة عبقرية مخالفة لكل خطط الحرب في العالم جاءت حرب السادس من أكتوبر المجيدة عام 1973 في العاشر من رمضان في منتصف النهار , الساعة الثانية بعد الظهر , ويَعبر الجيش المصري خط بارليف المنيع ويحطم أسطورة الجيش الذي لا يهزم , وبذلك يبدد السادات بطل الحرب معاناة مصر من الاحتلال , غير إنه يعيش معاناة أخرى وهي فقد أخيه الأصغر عاطف شهيداً مع شهداء الواجب والوطن
معاناة أخرى لم يجرؤ أحد قبل السادات أن يعيشها
معاناة السفر إلى إسرائيل وإجراء مباحثات السلام , لقد حمل الرجل روحه على كفه يوم 19 نوفمبر عام 1977 ويُلقي خطاب الدعوة للسلام في الكنيست الإسرائيلي ….معاناة من نوع آخر لم يتحملها إلا أصحاب البأس الشديد , تسفر تلك المعاناة عن توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل بعد إتفاقية كامب ديفيد عام 1978 والتي تم توقيعها في 26 مارس 1979 , تلك المعاهدة التي من أهم بنودها إنهاء حالة الحرب بين مصر وإسرائيل مع الانسحاب الكامل لإسرائيل من سيناء المحتلة في عام 1967
وبهذا استطاع السادات أن يوقف نزيف المعاناة والدم لدى الشعب المصري والإسرائيلي بمعاهدة السلام
نال السادات جائزة نوبل للسلام عام 1978 لدعوته للسلام وتوقيعه لمعاهدة كامب ديفيد في نفس العام
المعاناة الكبرى في حادث المنصة أثناء العرض العسكري في 6 أكتوبر 1981
تلك هي المعاناة الكبرى والأخيرة في حياة بطل الحرب والسلام الرئيس الراحل
( محمد أنور السادات )
رحمه الله وطيّب الله ثراه , حيث تم اغتياله برصاص الملازم أول الجهادي المتطرف خالد الإسلامبولي أثناء الاحتفال بذكرى نصر السادس من أكتوبر عام 1981
ألم أقل لكم أ ن المعاناة لعبت دوراً بارزاً في حياة هذا الرجل الذي أصبح من عظماء العالم بسبب تحمله رداء المعاناة المتعدد الألوان
اليوم ونحن نحتفل بميلاد بطل الحرب والسلام للعام الأول بعد المائة الأولى الرئيس الراحل
محمد أنور السادات
يسعدنا أن نكرّمه في يوم مولده , بل نكرّم اتحاد الكتاب والمثقفين العرب الذي يحافظ على معايير التكريم التي لا تقل عن معايير جائزة نوبل .
تكريمنا للرئيس الراحل تكريم رمزي جُل ما فيه الحب الذي لا يُقدر بكل كنوز الأرض من ماس وذهب وفضة , إنه الحب الذي لا يفنى ولا يبلى في كف الزمن على جدار الإنسانية.
وبعد الاطلاع عما سبق ذكره من حيثيات قررنا الأتي
مادة 1
بعد الاطلاع على لائحة اتحاد الكتاب والمثقفين العرب , وبعد الاطلاع على رأي لجنة التكريم , وبعد الاطلاع على ما توفر لدينا من سيرة ذاتية مشرفة على جدار العالمية , وبعد الاطلاع على السلطات المخولة للسيد رئيس اتحاد الكتاب والمثقفين العرب
مادة 2
تقرر منح القلادة الماسية لاسم الرئيس المصري الراحل
( محمد أنور السادات )
بطل الحرب والسلام , والذي عاش المعاناة الإنسانية في كل أطوارها عبر حياته حتى وفاته , وبهذا دخل السادات التاريخ من أوسع أبوابه , باب العبقرية والإنسانية
مادة 3
يتم فتح منتدى خاص في اتحاد الكتاب والمثقفين العرب يحمل اسم الزعيم الراحل محمد أنور السادات وجمع كل إبداعات الكتاب والمثقفين العرب لسيرة هذا الرجل العبقري التي ترفل بالحب والوفاء .
صدر في باريس 25 / 12 / 2019
يعتمد تنفيذ ذلك
د / محمد حسن كامل
رئيس اتحاد الكتاب والمثقفين العرب